IMLebanon

العدو الأول للثورة!

كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:

ما يجري منذ أيام في الشارع اللبناني وفي مناطق متعددة يكشف زيف ادعاءات “حزب الله” بأن لا مشكلة لديه مع الثورة، وبدعوته الثوار إلى أن يتظاهروا ويعتصموا في الساحات من دون قطع الطرقات. ففي صور وبعلبك حيث داهم مناصرو “الثنائي” ساحات الاعتصام لم يكن الثوار يقطعون الطرقات، وفي وسط بيروت حيث تتكرر الاعتداءات يعتصم الثوار في ساحتي الشهداء ورياض الصلح كما طلب السيد نصرالله. وفي شارع مونو حيث تم الاعتداء على الممتلكات الخاصة لم يكن يوجد ثوار ولا قطع للطرقات. وكذلك الأمر في عين الرمانة حيث تعمد مجموعات إلى محاولة استفزاز المواطنين والاحتكاك بهم لا يحصل قطع للطرقات!

الخلاصة الواضحة لكل ما سبق هي أن “حزب الله” يعتبر نفسه العدو الأول للثورة اللبنانية، ما يستلزم بمفهوم “الحزب” فعل كل ما يلزم للانتهاء منها. هذه الخلاصة تفرض طرح سؤال: لماذا يسعى الى القضاء على الثورة؟

الإجابة عن هذا السؤال تنقسم إلى قسمين: الأول هو السبب الإقليمي والذي يندرج ببساطة في تلبية تعليمات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، والذي اعتبر منذ اليوم الأول هذه الثورة بمثابة شغب ويجب التعامل معه على هذا الأساس، ما يعني قمعها، لأن القراءة الإيرانية للثورة اللبنانية قامت على اعتبارها مخططاً غربياً يستهدف محور الممانعة!

الثاني هو الأسباب الداخلية. فـ”حزب الله” انقلب على “ثورة الأرز” اعتباراً من دعوة الرئيس نبيه بري إلى طاولة الحوار الوطني في مجلس النواب العام 2005، التي بقيت مقرراتها حبراً على ورق ولم تكن تهدف أساساً لأكثر من “تنفيس” انتفاضة الاستقلال، مروراً بحرب تموز 2006 و7 أيار 2008 والقمصان السود في كانون الثاني 2011، وليس انتهاءً بالتسوية الرئاسية التي أوصلت لاحقاً إلى امتلاك الحزب للأكثرية النيابية والوزارية، ما أمّن له الوضعية المثالية لحكم البلد.

إنطلاقاً مما تقدّم يرفض “حزب الله” كل ما من شأنه المسّ بـ”الستاتيكو” القائم، بما يعني ضمناً وأساساً رفضه لأي مسّ بالطبقة السياسية الحاكمة والخانعة لطلبات “الحزب” مقابل الإغراء ببعض الصفقات والكراسي والمناصب.

لكن الإشكالية التي يعاني منها “الحزب” الأمرّين اليوم أنه لا يواجه أطراف 14 آذار سابقاً ولا يعادي أحزاباً سياسية. مشكلته أنه يعادي الشعب اللبناني بكامله، وبكل أطيافه الطائفية والمذهبية والمناطقية، بعيداً من أي انتماء سياسي أو حزبي. فاللبنانيون الثائرون في الشوارع والساحات لا يأبهون للأحزاب ومصالحها، ويرفعون عنواناً محدداً هو محاربة الفساد، ما يعني حكماً إبعاد كل الطبقة السياسية الحالية عن الحكم لأنها أمعنت فساداً وإفساداً وأوصلت البلد إلى الانهيار الكبير!

مشكلة “حزب الله” أنه يواجه اليوم الشعب اللبناني الذي لم ولن يُنصّب قيادة له، كي لا يتمكن أحد من المتاجرة باسمه وبيعه في سوق النخاسة، ولذلك رذل هذا الشعب كل من سمح لنفسه الذهاب لمحاورة السلطة القائمة.

ومشكلة “حزب الله” اليوم أنه يقف في مواجهة شعب أعزل لا يريد أن يحاربه، ولا يريد العودة إلى منطق الحرب الأهلية لأنه تخطى كل الحواجز الطائفية والسياسية في ثورته الرائعة، وقدّم نموذجاً من الوحدة الوطنية الكاملة في عيد الاستقلال الـ76 أفقدت “الحزب” صوابه، فذهب في محاولات لاستحضار مشاهد من الحرب وفي محاولة لتجديد خطوط تماس قديمة، لتقديم صورة تعاكس صورة “العرض المدني يوم الاستقلال في ساحة الشهداء”.

ومشكلة “حزب الله” اليوم أنه يدرك أن كل محاولاته لترهيب اللبنانيين ستسقط، لأن أهداف الثورة لبنانية خالصة، وهذه الأهداف ستتعمّق يوماً بعد يوم في ظل الانهيار المالي والاقتصادي وعجز “الحزب” وحلفائه ممن يمسكون بالسلطة عن أن يقدموا أي حل، ما سيوصلنا إلى الانفجار الكبير الذي سيطيح بكل من يقف في وجه هذه الثورة!