عشية الأسبوع الأوّل من كانون أوّل 2019، وسلسلة الأزمات التي كشفها حراك 17 ت1 الماضي، انفجرت أزمة جديدة تتعلق بامتناع غالبية محطات توزيع المحروقات، الأمر الذي حول المواطنين إلى طوابير امامها، طلباً لكميات قليلة من الليترات «بالغالونات» و«القناني» قبل ان تسفر اتصالات الليل، عن بداية تفاهم على إعادة تسليم الحروقات عن البيع وبالسعر الرسمي، تجنباً لتداعيات، قد تفجر الشارع، أو تحرق «الاخضر واليابس»، لأن أزمة من هذا النوع من شأنها شل البلد، وتعطيل مصالح النّاس، في القطاعات كافة.
وبموازاة هذه الأزمة، التي يتوقع ان تنتهي اليوم، ألقى الاجتماع المالي، الذي ترأسه الرئيس ميشال عون في بعبدا بحضور وزيري المال والاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات، وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس هيئة الرقابة على المصارف سمير حمود، ومستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون المالية والاقتصادية نديم المنلا، والمدير في القصر الرئاسي انطوان شقير، تبعات الأزمة المالية – النقدية على الطبقة السياسية التي عليها الإسراع بتشكيل الحكومة لاتخاذ القرارات السريعة، عبر التشريع، أو إصدار التعاميم المفيدة على صعيد توفير السيولة.
وحسب البيان الرسمي، فالاجتماع خصص للتداول في الاوضاع المالية والمصرفية التي تمر بها البلاد، والتي اصبحت تؤثر سلبا على معظم القطاعات الاقتصادية والمنتجة.
بعدما عرض فخامة الرئيس اقتراحات عدة للخروج من الازمة، تداول بها الحاضرون، تم تكليف حاكم مصرف لبنان اتخاذ التدابير الموقتة اللازمة بالتنسيق مع جمعية المصارف لاصدار التعاميم التي اقترحها الحاكم، ورفع بعض الاقتراحات التي تحتاج الى نصوص قانونية او تنظيمية، وذلك في سبيل المحافظة على الاستقرار والثقة بالقطاع المصرفي والنقدي كما على سلامة القطاع وحقوق المودعين، دون اي انتقاص.
واخيرا، اكد المجتمعون اهمية المحافظة على الاوضاع النقدية والنظام الليبرالي الذي لطالما تميز به لبنان. تجدر الاشارة الى ان لبنان التزم، كما فعل دائما، بدفع المتوجبات المرتبطة باصدار اليوروبوند الذي استحق امس».
وردا على سؤال حول اجراء الـCapital Control، قال: «سبق وقلنا اننا لن نعتمد هذا الاجراء».
والواضح وفقاً لمصادر اقتصادية فالإجتماع بقي من دون نتائج عملية، تعيد الثقة للأسواق، وتخفف من عبء الأزمات المعيشية وسط مؤشرات بالغة الخطورة عن هبَّة غير محسوبة أيضاً تتمثل بارتفاع أسعار سلع غذائية وضرورية تتعلق بطعام المواطن وغذاء اطفاله.
وتخوفت هذه المصادر من سيناريو مرسوم لانهيار في كل القطاعات، ولكن تحت السيطرة لالحاق الأذى وزعزعة الاستقرار، وإبقاء القلق سيّد الموقف، بانتظار ترتيبات التموضعات الجديدة في صراعات المنطقة والتوازنات اللبنانية.
وحسب المصادر فإن الاجتماع المالي في بعبدا أكد على الأمور التالية:
أولا: ليس هناك من أي تفكير في عملية اقتطاع من الودائع او ما يعرف بـ hair cut وأن سلامة الودائع في المصارف مؤمنة.
ثانيا: ليس هناك من تشريع لوقف التحويلات إلى الخارج او ما يعرف بـ capital control رغم أن هذه الحالة تطبق اليوم وفرضتها الظروف الراهنة.
ثالثا: لا حل جذرياً إلا بتشكيل حكومة سريعا وبأن يترافق ذلك مع خطة إقتصادية مالية نقدية واضحة.
رابعا: جرى الطلب من المصارف رفع السقوف لما يمكن للمواطنين أن يسحبوه من المصارف بالدولار وبالليرة اللبنانية وأن يتم وضع ضوابط تنظيمية للطريقة التي تتعاطى فيها المصارف مع زبائنها اليوم وفي هذا الإطار ستكون هناك بعض التعاميم من مصرف لبنان بعد الاتفاق عليها مع جمعية المصارف.
خامسا: جدد مصرف لبنان الطلب من جمعية المصارف أن تزيد المصارف رأسمالها وأن تؤمن في هذا الإطار ٤ مليارات دولار من ودائعها في الخارج ومن المساهمين ٢ مليار دولار قبل نهاية هذا العام و٢ مليار دولار العام المقبل.
سادسا: طلب وزير الاقتصاد منصور بطيش توسيع مروحة القطاعات التي يمكن أن تستفيد من تحويلات بالدولار من أجل تأمين حاجيات المواطنين ولكن لم يكن هناك من جواب حاسم في هذا الموضوع.
سابعا: بالنسبة لسعر صرف الدولار لدى الصرافين، جرى نقاش في الحد من السيولة بمبالغ كبيرة بالليرة اللبنانية لبعض الزبائن والتي يمكن أن تستخدم في المضاربة وشراء الدولار من السوق الموازية وتؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار واستبدال هذه السيولة بشيكات وبطاقات مصرفية بالليرة اللبنانية.
المصادر القريبة من الحكم، تحدثت عن ايجابيات للإجتماع المالي لجهة التأكيد على المحافظة على الودائع بحيث لا خوف على الودائع النقدية والأستثمارية ولا خوف على حقوق المودعين في ظل النظام الليبرالي الحر. وافادت ان جمعية المصارف اتخذت بعض التدابير الأحترازية بحيث طلبت من حاكم مصرف لبنان اعطاءها طابعا تنظيميا وسيصدر تعميم في هذا الشأن ولا مشكلة في ذلك مؤقتا الى حين اعادة الثقة الى المودع ولا سبب يدفع المودع الى الخوف وهذا ما قاله الحاكم وما تم الأتفاق عليه.
وعلم ان الرئيس عون اقترح تنظيم عمل المصارف اي ان التدابير التي تتخدها المصارف تتسم بالتنظيم ومتوافق عليها وتطبق في جميع المصارف فلا تكون هناك استنسابية بعيدا عن الجمود والتعاطي مع العملاء بتفهم حول المعاملات المصرفية.
وقالت المعلومات ان سلامة طالب بالمساعدة الحكومية لجهة رفع سقف ضمان الودائع وهو امر يحتاج الى قانون، وقد اكد وزير المال خلال الإجتماع جهوزية ذلك وتم انجاز امر من هذا القبيل حول رفع سقف ضمان الودائع من 5 مليون ليرة الى 50 مليون ليرةولكن الضمانات كلها موجودة.
وكشفت ان الرئيس عون شدد على ضرورة اعتماد سعر الصرف الرسمي وافادت ان مطالعة عون كانت حاسمة ورد الحاكم بتأكيده انه سيصدر تعاميم تنظم هذه المرحلة الصعبة ولا علاقة لها بالسيولة والملاءة للقطاع المصرفي وقد فسر سلامة تعميمه عن الرسملة وزيادتها في هذه السنة وفي السنة المقبلة وتقسيم ال85 من اصل 100 بالدولار و15 بالمئة في الليرة اللبنانية للمواد الأولية والقمح والأدوية والبنزين. وفهم ان الوزير الخليل امن للدولة استحقاقها الأول والثاني لا مشكلة به والدولة تلتزم بإستحقاقاتها. وقد تم فهم المواضيع الشائكة التي يعاني منها المواطن بإنتظار التعاميم التي تجعل الأمور اكثر انسيابا اي التدابير المؤقتة التي تصدر بتعاميم عن الحاكم.
الملف الحكومي
لم يطرأ تطوّر بارز على الملف الحكومي، وان بقيت الأنظار تتجه إلى الاثنين أو الثلاثاء، كموعدين محتملين للاستشارات النيابية.
وتوسعت مروحية الأسماء المرشحة لتأليف الحكومة في حال تمسك الرئيس سعد الحريري بالابتعاد عن السلطة في هذه المرحلة، ما لم تتوافر له الضمانات المطلوبة لتحمل مسؤولياته، من دون عوائق وعقبات، لإخراج البلد من الأزمات القاتلة.
ومن الأسماء التي دخلت بقوة إلى التداول، النائب بهية الحريري، وفؤاد مخزومي، ورئيس هيئة الرقابة على المصارف سمير حمود والمهندس سامي الخطيب.
واشارت مصادر متابعة لعملية اختيار شخصية لتتولى رئاسة الحكومة الجديدة، أن هذه العملية تراوح مكانها بسبب اشتراط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فرض تسمية اربعة وزراء للتيار ليكونوا ضمن التشكيلة الجديدة إذا كانت الحكومة مؤلفة من ٢٤وزيرا و٣ وزراء إذا كانت من١٨ وزير وان تكون حكومة مختلطة أي تكنوسياسية. كما يصر باسيل على احتفاظ وزراء التيار بحقائب الخارجية أو الداخلية يتولاها هو شخصيا، الطاقة لندى البستاني،البيئة لسليم جريصاتي والدفاع للوزير الياس ابو صعب. وقالت المصادر نفسها ان هذا الشرط المسبق ادى الى رفض كل الشخصيات التي جرى الحديث معها لتولي رئاسة الحكومة وكلها رفضت واعتذرت عن قبول ما عرض عليها ومن ثم تم حرقها تباعا اما من قبل باسيل شخصيا اومقربين منه،وهذا ما يحصل حاليا مع المهندس الخطيب. واكدت المصادر المتابعة أنه جراء هذا الاسلوب المتمادي، ماتزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة تراوح مكانها محتجزة في بعبدا، بالرغم من كل ما يروج لتقدم من هنا اوهناك وهذا التعثر المفضوح يترجم عمليا في استمرار الفريق الرئاسي بتأخير تحديد موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة ويخترع أسبابا غير مقنعة لهذا التأخير فيما تزداد المشاكل وتتراكم وتنذر بتداعيات خطيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وتهدد كل الناس.
من زاوية أخرى، رجحت مصادر سياسية ان الخطيب كمرشح للتكليف ما يزال ثابتاً وتُشير الاتصالات باتجاه البحث بشكل الحكومة وتوزيع الحقائب السياسية لا سيما السيادية منها، ولا زال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عاملا على خط التواصل وتقريب وجهات النظر.
وقد التقى امس، الرئيس سعد الحريري والمرشح الخطيب وهو الثاني بعد لقائهما الاول الثلاثاء الماضي، فيما استمرت الاتصالات مع «حزب الله»، وافادت المعلومات ان الخطيب التقى ايضا أمس الاول وزير المال علي حسن خليل، لكن يبدو أن التفاصيل المتعلقة بتوزيع الحقائب لازالت تأخذ مداها. وسط معلومات عن اصرار الرئيس ميشال عون وثنائي امل وحزب الله على تكليف الحريري او تسهيل مهمته بتزكية الخطيب. وفي حال انتهت الاتصالات الى نتائج ايجابية رجحت المصادر المتابعة الدعوة الى الاستشارت النيابية الملزمة يوم الاثنين المقبل لتسمية الرئيس المكلف. خاصة ان الرئيس عون لا يريد الانتظار الى ما لا نهاية.
تحذيرات الجيش
على ان اللافت في سياق التحرّك لاحتواء الأزمة جولة قائد الجيش العماد جوزيف عون يرافقه مدير المخابرات طوني منصور والتي شملت الرئيس برّي والحريري وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة.
وفهم ان الموقف الذي نقله العماد عون إلى الرئيسين برّي والحريري والحاكم سلامة، شدّد على الإسراع بإيجاد الحل، لأن الوضع على الأرض لم يعد محتملاً، لا سيما بالنسبة للضغوطات على القوى المسلحة المكلفة حماية الأمن والاستقرار.
تعليق الإضراب
وأكّد رئيس نقابة أصحاب المحطات سامي البراكس اتخاذ القرار بتعليق إضراب محطات الوقود، اعتباراً من الليلة الماضية بعد اتفاق مع وزارة الطاقة.
ولفت البراكس في بيانه إلى ان بعد المشاهد المؤلمة التي شهدها الوطن اليوم (امس) وتحديدا في محيط محطات المحروقات والتي ترجمت حجم معاناة المواطنين نتيجة عدم توفر المشتقات النفطية ولا سيما البنزين. ولما تبلغنا مساء امس بتوجيهات الرئيس عون وتأكيده خلال الإجتماع المالي في قصر بعبدا على ضرورة السعي الى توفير الحل المناسب والمتاح، ولما كانت وزيرة الطاقة ندى بستاني قد باشرت اتصالاتها لتوفير المخرج النهائي لما نعانيه، وشعورا منا وتضامنا مع اهلنا في كل لبنان ومن اجل افساح المجال امام ما يمكن توفيره من حل مرض وقابل للتنفيذ.
قررت النقابة تعليق الاضراب افساحا في المجال لانجاح المفاوضات على ان تعقد النقابة اجتماعا موسعا قبل ظهر يوم الإثنين المقبل لاتخاذ الموقف المناسب وفق المعطيات الجديدة.
وكانت محطات الأيتام، باشرت تسليم محروقات بناء على طلب من السيّد علي فضل الله تلتها تباعاً محطات «مدكو» وفينيسيا.