IMLebanon

“المال” تمدّ “التعاونية” بالفُتات: الموظّفون يتسوّلون حقوقهم!

كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:

لم تصمد طويلاً الـ40 مليار ليرة التي حوّلتها وزارة المال، أول من أمس، إلى حساب تعاونية موظفي الدولة. المبلغ المُفرج عنه بعد أشهر من المراوغة والتأخير لا يمثل سوى 20% من قيمة المعاملات الإدارية المنجزة والجاهزة للدفع للمستشفيات والمنتسبين والمستفيدين. وهو وُزّع على الفور، بين ديون المستشفيات والمساعدات المرضية والمنح التعليمية، ليبقى لـ«التعاونية» في ذمة الوزارة معظم مساهمة الدولة عن عام 2019 (نحو 286 ملياراً و17 مليون ليرة).

العشرات فقط، جُلّهم من المتقاعدين، خرجوا أمس إلى الشارع، للاحتجاج على تأخير صرف آلاف المعاملات (200 مليار ليرة)، والامتناع عن تأمين أدوية السرطان والأمراض المزمنة، واضطرار آلاف مرضى السرطان وغسيل الكلى للاستدانة نتيجة حجب مستحقّات التعاونية.

أسباب كثيرة وقفت وراء الإحجام عن المشاركة في تحركات «التيار النقابي المستقل» أمام وزارة المال في بيروت ومراكز التعاونية في المناطق، منها بشكل أساسي، بحسب القيادي في التيار جورج سعادة، «إطباق السلطة السياسية على روابط المعلمين والموظفين وتحويلها إلى أبواق تبرّر سياساتها الفاسدة اللاشعبية المعادية لحقوق الناس، لا سيما المادتين 31 و33 من قانون سلسلة الرتب والرواتب المتعلقتين بتوحيد الصناديق الضامنة وضرب التقديمات الاجتماعية والصحية».

الملف الصحي والاجتماعي يحتاج إلى أكثر من ثورة، كما قالت الأستاذة في التعليم الثانوي الرسمي إيمان حنينة. وتساءلت عن «معنى وجود الدولة وبقائها عندما يصبح الأمن الصحي لمواطنيها مهدداً»، مشيرة الى أن الدولة التي دفعت 1,5 مليار دولار لليوروبوندز، «منّت على تعاونية موظفيها في اليوم نفسه بفتات الـ 40 مليار ليرة».

المستحقات السنوية للتعاونية، كما أوضح رئيس رابطة المتقاعدين في التعليم الأساسي الرسمي غطاس مدوّر، هي، في جزء كبير منها، عبارة عن محسومات مقتطعة من رواتب 86 ألف منتسب من أساتذة ومعلمين في التعليم الرسمي وموظفين في الإدارة العامة (3%). واستغرب «كيف تكون الجمعيات الوهمية التي نهبت المليارات أولى من أصحاب الحق الذين دفعوا المليارات على مدى 40 عاماً، في انتظار ضمان شيخوختهم، علماً بأن المتقاعدين لم يعطوا حقهم المنصوص عليه في المادة 18 من قانون السلسلة».

رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي، من جهتها، أبدت في كتاب وجهته أمس إلى وزير المال علي حسن خليل، «تفهّمها» لموقف الوزير، «ولا نحسدك على ما أنت عليه اليوم. إلا أننا رغم كل ما يحصل نطالب بتسديد مستحقات صناديق المدارس وصناديق مجالس الأهل عن العام الماضي ومستحقات تعاونية الموظفين». وناشدت خليل العمل لدى المعنيين للإفراج عن المعاملات التي سُجلت أرقامها لدى الوزارة وصرفها.

وكان رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه الجباوي، حيّد هو الآخر في بيانه الأخير بعض المسؤولين السياسيين، مصوّباً بشكل أساسي على «اللعبة التي يقودها مصرف لبنان والمصارف ومحالّ الصيرفة في تجارة الدولار وتأثيره السلبي على سعر صرف الليرة وانعكاساته على أسعار السلع التي تمسّ بشكل مباشر الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود». ودعا إلى الافساح في المجال أمام النواب لممارسة عملهم التشريعي بما يتوافق مع المطالب المحقّة لا سيما القوانين التي عُرضت في الجلسة الأخيرة، فضلاً عن إبقاء الحراك ضمن الإطار السلمي واحترام المقامات الدينية والرموز السياسية! وتأمين الاعتمادات المطلوبة لتعاونية موظفي الدولة لدفع مستحقات المنح التعليمية والمساعدات المرضية وحقوق المستشفيات التي باتت لا تستقبل المرضى على حساب التعاونية. وغمز من قناة وزير التربية أكرم شهيب، مطالباً إياه بتأمين حماية المدارس والثانويات لكي تفتح أبوابها أمام الطلاب، إذ لم يعد مقبولًا أن يبقى جزء من هذه المدارس والثانويات مقفلاً منذ 17 تشرين الأول الماضي، ما يهدّد العام الدراسي والامتحانات الرسمية.