Site icon IMLebanon

المجاعة تُهدّد اللبنانيّين…

 

بات لبنان أمام أزمة وجودية، والحديث الذي كان يُهمس به خلف الغرف المغلقة بدأ يخرج إلى العلن، ليكشف فداحة المخاطر. النائب ميشال معوض (كتلة التيار الوطني الحر) يحذر في تسجيل صوتي من «أننا ذاهبون إلى أزمة تشبه التي مر فيها لبنان خلال الحرب العالمية الأولى (المجاعة)»، في وقت قال زميله النائب ماريو عون إن «لبنان انهار، وانهَرنا جميعا، فلنحاول رفعه معاً»، محذّراً من ان البلد سيقع في الفوضى التي «ستأخذنا الى الخراب الأخير». في سياق متصل، رأى عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش أنّ البلد يتجه إلى كارثة وانهيار كلّي إذا بقي الواقع على ما هو عليه، لافتا إلى «أنّنا سنصل إلى حرب مالية بمعنى الفقر والمجاعة».

وذكر خبراء اقتصاديون لـ القبس أن «الأزمة الاقتصادية والنقدية لم يسبق أن وصلت إلى هذه الدرجة حتى خلال الحروب والاجتياح الإسرائيلي»، مردفين أن «هناك كارثة اجتماعية ستنتج عن هذه المسألة، كون الأزمة بدأت تفتك بكل القطاعات الإنتاجية والخدماتية». وتكفي جولة قصيرة قامت بها القبس على مناطق معروفة بنشاطها التجاري، في شوارع الحمرا والأشرفية في بيروت، وأسواق الزلقا وجونيه وجبيل، لتبيان فداحة الوضع الاقتصادي، فالعديد من المحال والمؤسسات التجارية أقفلت أبوابها، فيما تعاند مؤسسات أخرى وتواصل العمل ضمن شروط وإجراءات قاسية، إذ جرى تخفيض رواتب الموظفين وتسريح عدد كبير منهم، وانسحب ذلك حتى على موظفي الشركات العالمية العاملة في لبنان. ويرجّح سامي عيراني رئيس جمعية تجار جونيه أن يتخطى عدد المؤسسات والشركات والمصانع التي أقفلت أبوابها في الأشهر الأخيرة، أو هي على وشك الإقفال الـ1500.

المحلل الاقتصادي د. حسن خليل قال لـ القبس ان اموال اللبنانيين نهبت من قبل نظام المحاصصة الذي قام بإغراء وتغرير شعب بأكمله، ما ادى الى هدر 170 مليار دولار، مشيرا الى ان هذه «اكبر عملية احتيال في تاريخ الشعوب». وخلال اجتماع قصر بعبدا المالي، ساد الصمت عندما تحدث مستشار الرئيس سعد الحريري الاقتصادي نديم المنلا عن خطورة الأزمة، حيث أكد أن الاعتقاد بأن حلولها سهلة غير صحيح على الإطلاق. ووفق صحيفة نداء الوطن، توجه المنلا إلى الرئيس ميشال عون بالقول: «بدأت أزمتنا بنقص السيولة، لكننا سننتهي بأزمة في الإنتاج والاستهلاك، ستنتج عنها موجة بطالة كبرى، قد ترمي ما بين 400 الى 500 ألف لبناني خارج العمل». 5 إلى 10 مليارات دولار للإسعاف الأولي أيّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلام مستشار الحريري نديم المنلا قائلاً: «نحن فعلياً نحتاج إلى ما بين 5 و10 مليارات دولار أميركي. ومن هنا نحتاج إلى المجتمع الدولي لمساعدتنا سريعاً». وأكدت مصادر معنية أن هذا المبلغ هو للإنقاذ الأولي، لأن الفعلي يحتاج إلى 50 ملياراً على الأقل على عدة فترات في السنوات المقبلة. %50 فقراء الآن.. والآتي أعظم! أكد البنك الدولي أن خسارة الليرة اللبنانية نحو %25 من قيمتها ستُدخل %50 من سكان لبنان في الفقر. يُذكر أن الليرة فقدت خلال شهر أكثر من ربع قيمتها.

وشدَّدت مصادر معنيّة على أن الحفاظ على سعر الصرف في الأسواق بات شبه مستحيل، والهبوط مستمرّ.. والآتي أعظم! انتحار.. وسرقة.. وهجرة عثر والد المواطن ناجي الفليطي على ابنه مشنوقاً خلف منزله في البقاع. وقد أقدم الفليطي على الانتحار بسبب تراكم ديون عليه في المحال التجارية المجاورة لمنزله لا تتجاوز 200 الف ليرة (100 دولار وفق سعر الصرف الجديد). وفي مدينة صيدا حاول مواطن إحراق نفسه بسبب أوضاعه الاقتصادية. الى ذلك، تستفحل ظاهرة السرقة يوماً بعد يوم، وأمس اقتحم مسلحون صيدلية في صربا-جونية، وأطلقوا النار على الصيدلي مما أدى الى إصابته بكتفه، ومن ثم قام أحد السارقين بضربه على رأسه وسرق الصندوق. وأعلن الجيش اللبناني أمس أنه أوقف قاربا لتهريب المهاجرين كان يحاول مغادرة المياه الإقليمية في طرابلس وعلى متنه 34 راغبا في الهجرة. علما بان عشرات آلاف اللبنانيين يحاولون حاليا الحصول على «فيز» للخروج من البلاد، وذلك وفق مصادر السفارات والقنصليات الأجنبية. سباق مع الزمن قبل منتصف 2020 أورد تقرير وحدة الأبحاث التابعة لبنك «أوف أميركا» أن البنك المركزي اللبناني سيواجه أزمة سيولة منتصف عام 2020. واذ أكد الخبير الاقتصادي الدكتور روي بدارو أن «مصرف لبنان قادر على وقف النزيف، لكن ذلك كلفته عالية جداً وقاسية على نمط حياة اللبناني»، لكنه نبّه إلى أنه «إذا لم تُتخذ الإجراءات المطلوبة، فلن نستطيع الصمود حتى مارس 2020».