Site icon IMLebanon

لا موقف أميركياً من توزير “الحزب”… وسلاحه ليس مطروحاً

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

يلحّ بعض الفرقاء اللبنانيين على الديبلوماسيين الأجانب، المهتمين بمتابعة المعطيات حول المخرج الممكن من المأزق الذي يغرق فيه لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية المالية وتصاعد الانتفاضة الشعبية ضد الطاقم الحاكم، بأن يسعوا إلى عدم إقحام لبنان في الصراع الدائر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، لأن تركيبته ستغرقه في مشاكل أكبر من التي يرزح تحتها الآن، لن يقدر على احتمالها.

رد فعل بعض الديبلوماسيين على مطالبتهم ببذل جهودهم لدى واشنطن أن تأخذ ذلك في الاعتبار هو أن العقوبات الأميركية على “حزب الله” وإيران ستستمر، مهما كان تأثيرها على الاقتصاد اللبناني، وفق معطياتهم بأن سياسة “الضغوط القصوى” على إيران ستتواصل من أجل تعديل سياستها في المنطقة، تحت سقف عدم حصول مواجهة بين البلدين.

إلا أن ما يقلق الأوساط الديبلوماسية المهتمة بمساعدة لبنان، أن المجتمع الدولي لا يجد شريكاً له من أجل الاتفاق معه على كيفية مساعدة لبنان للخروج من الأزمة المالية الاقتصادية التي تعصف به والتي تتطلب حلولاً سريعة.

ويقول أحد الديبلوماسيين في بيروت إن مصدر القلق هو أنه حين يطرح على كبار المسؤولين اللبنانيين أن غياب حكومة جديدة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، تدير الأزمة، لأن حكومة تصريف الأعمال غير قادرة على ذلك، يأتيهم جواب مفاجئ بأن محدثيهم اللبنانيين يعتقدون بأن هناك إدارة للأزمة. وعلى رغم تعامل عدد من الوزارات مع عوامل الأزمة فإن المعالجات تحتاج إلى قرارات حكومية غير متوفرة. ومن هنا الإلحاح المستمر من هؤلاء الديبلوماسيين على تسريع الخطوات من أجل تأليف الحكومة الجديدة.

ويشير الديبلوماسي إياه إلى أن لبنان سيغرق في المشاكل أكثر فأكثر والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي يعتقدان أن لبنان في قلب الأزمة التي قد تتفاقم، وهناك خشية دولية من أن يذهب لبنان إلى تصاعد في الحراك الشعبي إزاء تدهور الأحوال المعيشية والانتقال إلى ثورة جياع وحالة اضطراب كبرى.

أسئلة لا أجوبة عليها

المداولات الجارية بين الأطراف الدولية أفضت إلى أسئلة عن سبب التأخير في تأليف الحكومة الجديدة، التي من دونها يصعب حتى على “مجموعة الدعم الدولية للبنان” التي تحضّر باريس لدعوتها إلى الاجتماع، أن تحدّد كيفية تقديم المساعدة للبلد. وهناك أسئلة كثيرة لا تجد أجوبة عليها عن سبب التأخير، حيث هناك فرقاء مع التسريع وهناك من يقول إن “حزب الله” يريد حكومة في سرعة. وفي كل الأحوال فإن هذا القلق لدى الدول الرئيسة المعنية بمساعدة لبنان لا يعني أن لديها وصفة جاهزة للحكومة المقبلة من أجل الخروج من مأزق الفراغ. بل إنها لا ترغب في الانخراط في البحث عن هذه الوصفة. والموفدون يأتون فقط للاستطلاع.

وفي رأي أوساط ديبلوماسية أن ما تهتم له الدول هو التعامل مع حكومة يستند تأليفها إلى تحقيق تطلعات الحراك الشعبي الذي لم يعد ممكناً إعادته إلى البيت، وتحقق الاستقرار وسط تأييد واسع من الكتل البرلمانية وأن تأتي بحسب الوسائل الدستورية أي ألا تأتي فوق الدستور.

إشتراك “حزب الله” والموقف الأميركي

ويبدو أن الدول المعنية تناولت في مشاوراتها حول إمكانية قيام حكومة من لون واحد، أي من قوى 8 آذار، أو خيار أن تأتي حكومة تستند إلى أكثرية أوسع من ذلك، وتبين أنه سيكون صعباً على حكومة من قوى 8 آذار أن تحصل على دعم خارجي وتقديم مساعدات مالية لها، بل إن المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم للبنان إذا كانت الحكومة الجديدة ذات قاعدة أوسع من قوى 8 آذار.

إلا أن المعطيات لدى مصدر ديبلوماسي معني بالشأن اللبناني تفيد بأن الدول هذه لم تحدد صيغة الحكومة تاركة للبنانيين الاتفاق للوصول إليها، سواء كانت من تكنوقراط أو غيرها وفق ما هو أفضل لمعالجة الأزمة والاستجابة لتطلعات الشعب، وهي لم تنخرط في تحديد من يكون داخل الحكومة أو خارجها، وممثلو الدول لم يلمحوا حتى خلف الأبواب المغلقة إلى أنه يجب ألا يكون “حزب الله” فيها.

وفي معلومات المصدر أن واشنطن لم تقل إنها ضد وجود “حزب الله” في الحكومة مع أنها قد تكون مسرورة إذا لم يتمثل فيها.

لكن المصدر يشير إلى أن الإتيان بحكومة غير مستفزة أمر لا يتعلق بـ “حزب الله” فقط، فالأخير يفضل بقاء الرئيس الحريري، أو أن يأتي غيره برضاه وبالتزام كامل منه بدعمه. أما تغيير الوجوه فيها فإن “الحزب” قد لا يكون قادراً على إقناع بعض حلفائه بالأمر. وحول ما يشاع بأن “حزب الله” يعتبر أن الجانب الأميركي يريد حكومة من دون تمثيل له فيها فإن الأوساط الديبلوماسية تلفت إلى أن الجميع يعرف أن قضية سلاح “الحزب” ليست مطروحة على أجندة الحراك الشعبي، وأن الوضع الاقتصادي الاجتماعي يتقدم على أي أمر آخر.

لا وصفة للحكومة البديلة

إلا أن تكرار ممثلي الدول ومجلس الأمن في بيانه الأخير التأكيد على حكومة تؤمن الاستقرار وتستجيب لتطلعات الناس، وتستمع إلى مطالبهم والتأكيد على تجنب استخدام العنف والقوة معهم، يجب ألا يدفع المراقبين إلى إساءة تقدير موقف عواصم القرار بأنه يعني أنها تريد حكومة تكنوقراط أو شكلاً آخر، لأن هذا متروك لاتفاق اللبنانيين. لكن النصيحة تبقى بعدم الإتيان بمن يستفزون الحراك الشعبي، ومحاولة تجميل أسماء قديمة باتت مرفوضة. وقد يكون فيها وزراء ممن يقف خلفهم بعض الأطراف، حسبما تم التداول فيه عبر الصحف.

وإذ تسود الخشية لدى الوسط الديبلوماسي من أن بعض القادة اللبنانيين يعتقدون أنه ما زال هناك المزيد من الوقت الذي يتيح القيام باللعبة التقليدية، تشدد الأوساط الديبلوماسية على أن المجتمع الدولي يريد دعم لبنان، لكن على قاعدة وجود قيادة تدير الأزمة في وقت تبدو الطائرة الآن سائرة بقيادة ذاتية. وإذا كان هناك بضعة أشهر قبل حصول الانهيار الكامل فكلما جرى وضع الحلول باكراً، والتي ستكون مؤلمة في كل الأحوال، كلما كان ذلك أفضل. ووسط الأحاديث عن أن لبنان قد يحذو حذو اليونان، أو هيكلة الدين، وهندسات مالية انتهت وأخرى ستأتي، وكابيتال كونترول، وغيرها، من الأفضل أن يدير اللبنانيون الأزمة، بدلاً من أن يأتي من يديرها لهم إذا تأخروا.