Site icon IMLebanon

أحزاب السلطة تقاسمت مهمة إحباط الثورة.. وفشلت!

صبرت أحزاب السلطة لنحو شهر، على اللبنانيين الذين أعلنوا ثورة على الفساد والسرقات والسمسرات والغلاء، في 17 تشرين الأول الماضي. راقبت هذه الجهات عن بعد بداية، تحرّكات المنتفضين على الارض، من قطعِهم الطرقات، الى اعتصامهم في الساحات، مرورا بتظاهرات الطلاب، وصولا الى “اقتحامهم” المرافق الحيوية والادارات الرسمية التي يرون انها غير منتجة وتفوح منها روائح الصفقات، او انها مقصّرة في واجباتها في محاسبة الفاسدين وملاحقتهم. لكن صَدْر هذه القوى، ضاق بالانتفاضة التي لم تهدأ ولم يؤثر فيها لا عامل الزمن، ولا المطر والبرد.

فقررت التشمير عن سواعدها والنزول الى الشارع في وجه الثوار، في خطوة كانت ستضرب، في رأيها، أكثر من عصفور بحجر واحد. فمن جهة، هي ستُفهم المحتجين انهم لا يمثلون الا جزءا من اللبنانيين، وأن الجهات السياسية التي يصرون على تحجيمها وانتقادها منذ اسابيع، لها مؤيدوها وشارعها وشعبها ايضا. ومن جهة ثانية، لا بد للصدام في الشارع من ان يخيف الثوار- او قسما كبيرا منهم- فينسحبون من الطرقات خوفا من الاسوأ، ما يساهم في تنفيس الثورة وإضعافها.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” تقاسَم الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، في ما بينهم، هذه المهمّة. وكان على الاول ان يتكفّل بتنفيذها، في المناطق ذات الثقل الشيعي، وعلى الفريق البرتقالي ان يتحرّك في المناطق ذات الثقل المسيحي. ووفق خطة تبيّن انها كانت منسّقة، نشط مناصرو احزاب السلطة، دفعة واحدة على الارض، وكأن ساعة الصفر تم الاتفاق عليها بين قيادات حزب الله وحركة امل والتيار.

فنزل مؤيدو الثنائي الى الرينغ  وساحة رياض الصلح بالحجارة والعصي، كما اقتحموا نقاط تجمّع الثوار في كل من صور وبعلبك فحطموا الخيم واضرموا فيها النيران وعاثوا خرابا وتحطيما في محتوياتها وتجهيزاتها.

في الموازاة، نزل التيار الوطني الحر الى الشارع في كل من جل الديب حيث شوهد بعض عناصره يشهر سلاحه بوضوح، في وجه الثوار في المنطقة، من دون ان ينجحوا في إخراجهم من الارض، قبل ان يتحرّكوا في اتجاه بكفيا، في مسيرة سيّارة ارادوا لها الوصول الى امام منزل الرئيس امين الجميل، لأن شعار “كلّن يعني كلّن” يجب ان يشمله ايضا، على حد تعبيرهم. غير ان المفاجأة كانت في تصدي اهل المنطقة لهم، فمنعوهم من دخول البلدة ودفعوهم الى الانسحاب وعودة أدراجهم، بعد تدخّل الجيش. ووفق المصادر، فإن حشد العونيين من جهة، وفاعليتَهم على الارض من جهة ثانية، لم يكونا على قدر التطلعات، بل أتيا “هزيلين”، ليس فقط في تقويم خصومهم، بل بحسب حلفائهم ايضا، ومنهم الثنائي الشيعي الذي راهن – دائما وفق المصادر- على تأثير أكبر للقاعدة البرتقالية في المناطق المسيحية، فلم يكن ما حصل على قدر توقعاته، وخيّب آماله.

على اي حال، لم تتمكّن أحزاب السلطة من تحقيق مبتغاها في اي من المناطق، التي استهدفتها. فالخيم عادت ونُصبت في بعلبك وصور ورياض الصلح، والساحات عادت لتمتلئ بالثوار بأعداد مضاعفة ردا على “الغزوات” التي نفذت. وقد يكون قرار المواجهة و”الترويع” الذي اتخذته، ارتد عليها سلباً، اذ وحّد صفوف اللبنانيين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم، الذين هبوا موحّدين، دفاعاً عن السلم الاهلي والعيش المشترك، ضد محاولات إشعال الفتنة وافتعال الصدامات بين اهل الوطن الواحد… لتكون ورقة استخدام الامن والشارع في مقابل شارع، سقطت في شكل شبه نهائي من يد مَن عوّلوا عليها.