Site icon IMLebanon

إضراب في صيدا: رفْض الانتحار… وتعليق “المشانق”

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

“تعليق المشانق”… ولا للانتحار”، أمران تميز بهما “حراك صيدا الشعبي” في اليوم الخمسين للاحتجاج في لبنان، وذلك على وقع اضراب عام شل المدينة وتخلله اقفال معظم المدارس الرسمية واغلاق بعض الطرقات في الاحياء بالعوائق الحديدية ومستوعبات النفايات من دون اشعال الاطارات.

وحظيت حالات الانتحار الحزينة، والمتنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية، بإهتمام أبناء المدينة والمحتجين خاصة، الذين اعتبروها مؤشراً خطيراً على مدى حالة اليأس والاحباط التي وصل اليها الناس، في ظل الضائقة الاقتصادية والمالية والمعيشية ومن دون الاستجابة لمطالبهم، حيث قال المؤرخ “أبو سليم” ارقدان، ان “ظاهرة الانتحار في لبنان تتعلق باليأس من وجود حل، أهل السلطة مشغولون بما هو أهم.. كيف يشرعون فسادهم”، بينما قال الناشط في الحراك الاحتجاجي علاء عنتر “على قدر ما ضائقة الدنيا في، مستحيل ان يكون الانتحار خياراً، هو هروب ونحن ما تعودنا الا ان نواجه وخصوصاً الحياة”.

وذهب البعض الى أبعد من ذلك، حين حملوا العهد القوي المسؤولية لما آلت اليه اوضاع الناس، وقال يحي الناتوت “سيذكر التاريخ انه في عهدكم القوي انتحرت الناس، وماتوا جوعاً”، بينما شدد الناشط الاعلامي كرم سكافي “بكفي قهر واذلال وتجويع”، واعتبر الشيخ يوسف المسلماني “انا ضد الانتحار، فالمنتحر ليس بطلاً بل هو مهزوم أمام اليأس”، وشددت نزهة كالو “اذا شعرت بالألم، فانت حي..

أما اذا شعرت بالم الآخرين فأنت انسان”، ونقل الحاج محمد سلوم وصف احدهم عصرنا بدقة فقال “كل شيء رائع جداً ولا أحد سعيد”.

ورأى البعض الآخر ان الحل الموقت والسريع هو تكافل الناس مع بعضهم البعض في هذه الازمة الخانقة، وقالت رقية سلامة “التكافل الاجتماعي مطلوب الآن وبشدة”، بينما رفع حسام البزري الدعاء “اللهم ارفع البلاء عن اللبنانيين في لبنان”، وختمت نادين “ما قادرة اتحمل مشهد دموع أم وأب داني، من هذه الليلة بدأ جحيم الكابوس في حياتهم”.تعليق المشانق

وترجمة لرفض اليأس والاحباط، علق المحتجون على أحد اعمدة الكهرباء في “ساحة الثورة” عند تقاطع ايليا، مجموعة من “المشانق” الرمزية، وكتبوا على كل واحدة منها شعاراً، “حرامي، فاسد وعميل” في تعبيرين رمزيين، الاول: بضرورة محاسبته بلا رأفة أو رحمة وإنزال اشد الاحكام القضائية بحقهم وأبرزها الاعدام”، والثاني برفض اللجوء الى الانتحار نتيجة تردي الأوضاع المعيشية وتراكم الديون والبطالة بل مواصلة الحراك من اجل التغيير. فيما أقدم المحتجون على تعليق منشورات عليها صور الذين قُتلوا وانتحروا خلال هذه الفترة مرفقة بعبارة “الجوع قتلنا”، وذلك على أبواب المصارف وشركة “كهرباء لبنان”.

ميدانياً، توافد طلاب المدارس الى “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا” منذ ساعات الصباح الاولى، وانضموا الى المحتجين، ما أدى الى إقفال المسارب بشكل كلي، قبل أن ينطلقوا بمسيرة راجلة نحو المرافق العامة، لإقفالها بدءاً بشركة كهرباء لبنان ومركز الاتصالات “اوجيرو” في شارع حسام الدين الحريري، ثم الى فرع مصرف لبنان حيث اعتصموا امامه للتنديد بسياسة المصارف والحاكم رياض سلامة، وهتفوا بشعارات مطلبية، وقرعوا بالملاعق على الطناجر، وبالحجارة على العوائق الحديدية، وسط اجراءات أمنية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي.

وكان المحتجون قد اقفلوا طريق الاولي بأجسادهم بعدما انطلقوا بمسيرة راجلة، وقد تدخل الجيش اللبناني لاعادة فتحها وسط مشادات مع المحتجين ما ادى الى تدافع وسقوط عدد من الجرحى.لقاء وموقف

سياسياً، زار منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود ترافقه عضو مكتب المنسقية حنان نداف، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان في مكتبه في دار الافتاء في المدينة، حيث جرى استعراض الأوضاع والتطورات على الساحة اللبنانية عموماً والصيداوية خصوصاً في ضوء التحركات التي يشهدها الشارع على وقع قرب تشكيل حكومة مع تحديد موعد للاستشارات النيابية الاثنين المقبل.

وتوقف المجتمعون عند ما آلت اليه الأوضاع من انعكاس سلبي على معيشة المواطن اللبناني الذي بات يرزح تحت وطأة واقع اقتصادي ومالي ضاغط داعين في هذا الإطار الى الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذية تلبي تطلعات المواطن اللبناني وتعالج القضايا الملحة والمعيشية وقادرة على ان تأخذ البلد الى بر الأمان الاقتصادي والسياسي.