كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
أوقفت القاضية نازك الخطيب راهبتين (بينهما رئيسة جمعية) امتنعتا عن تنفيذ قرار قضائي بتسليم أطفال تُنتهك كرامتهم، للقوى الأمنية. الراهبة المعارضة للقرار تسلّحت بحماية بكركي لها، رافضة تسليم الأطفال إلا بطلب من «غبطة البطريرك» شخصياً. وتحدّت القضاء والقوى الأمنية بأنّها لن تُسلّم الأطفال حتى لو سُجِنت. وهذا ما حصل فعلاً وسط وساطات تُبذل للفلفة القضية.
رفضت رئيسة جمعية تقدّم نفسها كجمعية لحماية الأطفال، الراهبة م. ح، تنفيذ قرار قضائي بنقل 12 طفلاً رأت المحكمة أنّ وجودهم في جمعيتها يُشكّل خطراً على حياتهم. أبلغت الراهبة الضابط أنّها لا تخضع للقضاء، إنما تأخذ أوامرها من «غبطة البطرك». حيثيات القرار الصادر عن القاضية الناظرة في جنح الأحداث في بعبدا جويل أبو حيدر تصدم. فقد أفردت القاضية صفحات قرارها لتدوين فظائع تُرتكب داخل الجمعية المذكورة: من إطعام الأطفال منتجات منتهية الصلاحية، مروراً بدفعهم إلى مشاهدة أفلام إباحية، وصولاً إلى التحرّش بهم والاعتداء عليهم وتهديدهم! هذا ما أدلى به الأطفال المطلوب حمايتهم لقاضية الأحداث. وقد دُعّمت إفاداتهم بصور تثبت ما يقولونه في ما يتعلّق بالطعام.
ليس هذا فحسب، فقد وردت في القرار معلومات عن ضغط شديد من الراهبات على الأطفال لمنعهم من فضح تصرفات أحد الرهبان في الجمعية، فيما تحدّثت مصادر عن تدخلات من مرجع سياسي وآخر ديني للفلفلة القضية. وقد عزز رفض الجمعية استقبال المندوبين الاجتماعيين للاستماع إلى القاصرين أكثر من مرة، اقتناع المحكمة حيال ما يجري من تصرفات مشبوهة داخلها. هذا إضافة إلى إفادة إحدى مندوبات حماية الأحداث التي تحدثت عن «تبديل أطفال»، علماً بأنّ هذا التحقيق الذي فُتح، ترافق مع المعلومات المتداولة والإخبارات المقدمة إلى النيابة العامة التمييزية عن بيع أطفال مقابل مبالغ مالية تختلف تبعاً للون الطفل. إذ تصل المبالغ إلى ٣٠ ألف دولار للطفل الأشقر و١٥ ألف دولار للطفل الأسمر. وذكرت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّ هذا الملف وسط المعلومات المتوفرة من شأنه أنّ يكشف فضائح تتعلّق بتورّط عدد من الجمعيات في ملف الاتجار بالأطفال، علماً بأنّ معظم هؤلاء الأطفال هم من الأطفال المشرّدين المجهولي الهوية الذين يُعثر عليهم في الشارع.
دهم عناصر قوى الأمن الداخلي مركز الجمعية أمس لإنفاذ قرار القاضية أبو حيدر لم يمر مرور الكرام. إذ علمت «الأخبار» أن تدخّلات «عالية المستوى» جرت للحؤول دون تنفيذ القرار، منعاً لتسليم الأطفال إلى جمعيات أخرى أو إلى عائلاتهم، كما توقيف الراهبة، إلا أنّ القاضية نازك الخطيب أصرّت على إنفاذ القرار القضائي وتسلّم الطفلين اللذين رفضت الراهبة تسليمهما.
القاضية عون قرّرت حفظ شكوى من ضمن الملف تتعلّق بتعرّض أحد القاصرين للضرب
غير أنّ الراهبة ووكيلها القانوني أصرا على عدم تسليم الرضيعين الموجودين في الجمعية، من دون قرار كنسي. وهذا أكثر ما يُثير الاستغراب، ولا سيما أنّ الجمعية وافقت على تسليم معظم الأطفال الذين كانت قد تسلّمتهم بناءً على قرار قضائي، لكنها امتنعت عن تسليم هذين الرضيعين، الأمر الذي أثار شكوكاً بشأن حقيقة وجودهما في الجمعية أصلاً، أو المماطلة لكسب الوقت لتأخير تسليمهما لاستعادتهما.
وذكرت المعلومات أنّ علاقات الراهبة وصلت إلى واحدة من مستشارات الرئيس ميشال عون شخصياً، التي كانت تُتابع هذا الملف عن كثب. وقد أصدر اتحاد حماية الأحداث بياناً في وقت متأخر مساء أمس يُثني فيه على قرارات القضاء التي اتُّخذت في هذا الملف، متمنياً على القضاء عدم الانصياع لأي تدخّل قد يُغيّر المجرى القانوني للملف.
تجدر الإشارة إلى أنّ أكثر ما يُثير الاستغراب في هذا الملف أنّ النائبة العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون قررت حفظ شكوى من ضمن الملف تتعلق بتعرّض أحد القاصرين للضرب، وسط كلام عن وساطات بُذلت لإقفال الملف.