كتب ميشال أبونجم في صحيفة الشرق الأوسط:
حسمت باريس موقفها وقررت الدعوة لاجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان يوم الأربعاء القادم وسيكون الاجتماع بمستوى الأمناء العامين لوزارات خارجية الدول المدعوة إضافة إلى ممثلين لهيئات دولية وإقليمية ومؤسسات مالية. وأفادت مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن الاجتماع الذي ستستضيفه العاصمة الفرنسية سيتم بحضور الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا وإيطاليا وثلاث دول عربية هي المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر. كذلك سيحضر ممثلون عن الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ومن الناحية العملية، سيلتئم الاجتماع على مرحلتين:
صباحية وبعد الظهر وسوف يلقي وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان كلمة الافتتاح فيما يقود أمين عام وزارة الخارجية الفرنسية المناقشات. وفي جلسة بعد الظهر ينضم الوفد اللبناني إلى المجتمعين على أن يصدر بيان جماعي مع اختتام الاجتماع.
ومع تحديد موعد الاجتماع بعد يومين من الاستشارات النيابية لتكليف الشخصية التي ستناط بها مهمة تشكيل الحكومة، تكون الأسرة الدولية قد حزمت أمرها وقررت الالتقاء من أجل توجيه رسائل واضحة ومباشرة للطرف اللبناني. وبحسب المصار، فإن هذه الرسائل التي سيتضمنها البيان الختامي، ستركز على ثلاث نقاط رئيسية أولها دعوة اللبنانيين إلى الإسراع بتشكيل الحكومة انطلاقا من تشخيص الوضع الاجتماعي والاقتصادي والمالي الصعب الذي يعيشه لبنان. وسيحرص المجتمعون على الامتناع عن الخوض في تفاصيل التشكيل «لأن هذه مهمة اللبنانيين» لكنهم يتمنون، بشكل عام، وصول حكومة من «الاختصاصيين النظفاء» التي يمكن التعاون معها. وتفيد أجواء باريس أن ما يهم فرنسا ومعها الأطراف الأخرى هو أن ينجح اللبنانيون في التفاهم على حكومة تستجيب لمتطلبات الناس وخصوصا ــ وهذه الرسالة الثانية ــ الالتزام بالقيام بالإصلاحات التي تعهد بها لبنان بمناسبة مؤتمر «سيدر» والتي لم ينفذ منها إلا القليل. وفي هذا السياق، شددت المصادر على إعادة تأكيد أن حصول لبنان على المساعدات المنصوص عليها في «سيدر» لن يتم طالما لم ينفذ اللبنانيون بما التزموا به سابقا وأعادوا التأكيد عليه بمناسبة الزيارات العديدة التي قام بها السفير بيار دوكين الذي كلفه الرئيس إيمانويل ماكرون متابعة ملف «سيدر». وخلاصة الكلام أنه إذا كان اللبنانيون يعتقدون أن اجتماع الأربعاء القادم سوف يفتح حنفية الدعم المالي للبنان، فإنهم مخطئون كثيرا. أما الرسالة الثالثة فعنوانها ضم وجوه من الحراك الشعبي إلى صفوف الحكومة. ومرة أخرى، ترفض هذه المصادر الذهاب أبعد من ذلك أو الدخول في لعبة الأسماء وخلافها.
واستبعدت أوساط مطلعة في باريس أن يأتي الرد على طلب المساعدة الذي قدمه الرئيس الحريري لعدد من الدول خلال اجتماع باريس المشار إليه الذي ينتظر منه توجيه رسالة دعم للبنان وحث المسؤولين فيه على التوقف عن إضاعة الوقت والتوافق على حلول تنقذ بلدهم من الكارثة. وتذكر الأوساط ذات أن لبنان استفاد في العقود الأخيرة من الكثير من المساعدات وهي تعيد إلى الأذهان سلسلة مؤتمرات باريس 1 و2 و3. والجديد اليوم أن الجهات المانحة أو المقرضة تريد من لبنان «ليس وعودا ولكن أعمالا» والتزاما بما يمكن تسميته «خريطة طريق» إصلاحية لا خلاص من دونها.
وكانت الخارجية الفرنسية، وفق ما جاءت به وكالة «رويتر» وجهت الدعوات للأطراف التي ستشارك في الاجتماع وهي بذلك تكون قد وضعت حدا للجدل حول وجود خلافات بين باريس من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة أخرى بشأن كيفية التعاطي مع الوضع اللبناني. وعلم أن جهات ارتأت انتظار تشكيل الحكومة وأطرافها لتقرير ما إذا كانت ستشارك في الجهد المنتظر من أجل مساعدة لبنان.