IMLebanon

“إثنين الغضب”… استشارات على “ضوء” إشارات السير

كتب ألان سركيس في صحيغة نداء الوطن:

 

يستمر البعض في ضخّ أجواء إيجابية عن قرب ولادة حكومة رجل الأعمال سمير الخطيب، والإنتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة والشارع، في وقت تبقى الامور مرهونة بموقف كتلة “المستقبل” وإذا ما كانت ستتراجع عن دعم الخطيب.

 

قد تكون رحلة البحث عن رئيس حكومة جديد بعد إعلان الرئيس المستقيل سعد الحريري تنحّيه عن السباق إلى السراي، شاقة ومليئة بالألغام، وشكّل اسم الخطيب خشبة خلاص للبعض بعد إقفال القسم الاكبر من الطائفة السنية ورؤساء الحكومة السابقين الباب على النقاش في اسم غير الحريري.

 

وأمام حسم البعض بأن تسوية الخطيب “ماشية”، إلا أن الشارع لم يقل كلمته بعد، كما أن هناك مواجهة سياسية من نوع آخر تحصل.

 

والبداية من المواجهة السياسية، فالخطيب لم يحصل على الغطاء السني المطلوب، ودعم الحريري له خجول جداً، ورؤساء الحكومات السابقون، أي فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، ما زالوا معارضين للتسوية، وهؤلاء زاروا الرياض في 15 تموز الماضي وهم على تنسيق مع السعودية، وقد أعلن ميقاتي أن كتلته المؤلفة من 4 نواب لن تسمّي الخطيب بل إن مرشحها هو الحريري، وبالتالي فإن موقف سلام لن يكون بعيداً من موقف ميقاتي في الإستشارات.

 

وفي السياق، تُسجّل حالات اعتراض داخل كتلة “المستقبل” النيابية على تسوية تسمية الخطيب، وقد قالها النائب سمير الجسر علناً منذ أسبوع بأن مرشحه هو الحريري. ومن جهة أخرى فإن نواب “المستقبل” الشماليين لا يريدون أن يصوّتوا ضدّ الرأي العام في مناطقهم الذي ثار منذ اندلاع الثورة ويدخلون في تسوية تُعيد عقارب الساعة إلى ما قبل 17 تشرين، وعملياً يملك “المستقبل” 9 نواب ما بين عكار والضنية والمنية وطرابلس، أي ما يشكل نصف أعضاء كتلة “المستقبل”.

 

ومن اليوم إلى الإثنين قد تتغيّر معطيات كثيرة، علماً أن كتلة “المستقبل” لم تعقد إجتماعاً بعد لترشيح الخطيب نهائياً، مع الإشارة إلى أنّ القصر الجمهوري حدّد عمداً أول موعد للإستشارات يوم الإثنين لها.

 

وعلى الضفة المسيحية فإن موقف “القوات” بات واضحاً بعدم تسمية أحد، وهذا الأمر يختلف عن ترك الخيار لرئيس الجمهورية، إذ إن موقف “القوات” يُشبه التصويت بورقة بيضاء، في حين يُنتظر إجتماع كتلة “اللقاء الديموقراطي” لحسم خياراتها قبل جلسة الإثنين.

 

من جهة أخرى، تتّجه الأنظار إلى تحرّك الشارع وتعامله مع تسوية الخطيب، وهنا تدرس خيارات عدّة، أبرزها إظهار حجم الرفض الشعبي لتلك التسوية من خلال التظاهر ولا سيّما في الساحات مثل كل أحد. ويؤكد شباب الثورة أن قول أهل السلطة “إنكم كنتم تطالبون باستشارات وقد حصلت فماذا تريدون”، لا يدل على تحمّل المسؤولية، فالإستشارات يفرضها الدستور، بينما المطلب الأساسي هو تأليف حكومة تكنوقراط مستقلة لا اللعب على الشعب والتذاكي عليه وإعادة استنساخ تجربة الحكومة السابقة التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه.

 

ومن اليوم إلى الإثنين، سيركّز الشباب على ابتداع أساليب مواجهة، وهي ستتدرج بين تنظيم تظاهرات إعتراضية في الساحات تزامناً مع نهار الإستشارات الطويل، في حين يطرح البعض أن تتركّز هذه التظاهرات على طريق القصر الجمهوري من أجل الضغط على النواب لعدم تخطّي إرادة الناس.

 

أما البعض الآخر فيؤيّد تجربة محاصرة البرلمان ومنع النواب من الوصول إلى الجلسة التشريعية، بالسيارات أو سيراً على الأقدام ولو اضطر الأمر الى الحشد عند كل تقاطع أو إشارة سير، وهذا الخيار يُدرس جيداً ولكن له محاذير عدّة، علماً انه قد يستطيع الوصول إلى بعبدا نائب واحد يمثّل كتلته ويقول إن الكتلة تؤيد هذا المرشح أو ذاك، ولا ضرورة لحضور كل النواب شخصياً.

 

ومن أبرز المحاذير على محاولة منع النواب من الوصول هو وقوع صدام مع الجيش والقوى الأمنية، حيث ان الثورة تريد الحفاظ على سلميتها وتعتبر أن المؤسسات الأمنية جزء من الشعب الذي يعاني، وبالتالي فإن خيار قطع الطرق وارد وقد يبدأ من مناطق بعيدة عن القصر الجمهوري أي الحزام المحيط بالعاصمة والضواحي.

 

لكن عدم القدرة على قطع الطرق الملاصقة للقصر الجمهوري، سيساهم في وصول العدد الأكبر من النواب لأن معظمهم يقطنون في بيروت والضواحي القريبة من القصر، وبما أن الجيش وقوى الأمن يصرّان على عدم قطع الطرق فإن الصدام سيقع لا محال، وعلى رغم كل تلك المحاذير إلا أن خيار الإضراب وقطع الطرق، إذا لم تحصل مفاجأة وتؤجل الإستشارات أو يسقط إسم الخطيب سياسياً، هو الأرجح. وهناك رأي آخر داخل أروقة الثوار يقول بأن يتم السماح بالإستشارات كي لا تأخذ السلطة ما قد يحصل ذريعة وتقول إن الشعب هو من عطّل تسمية رئيس حكومة مكلّف، والإنتقال بعد التسمية إلى الضغط على الخطيب لتأليف حكومة تكنوقراط مستقلة، وإذا لم يستجب للمطالب عندها يكون التصعيد الكبير في وجه الحكومة التي سيؤلفها.

 

من اليوم إلى الإثنين هناك “وقت طويل” وقد تحصل فيه تطورات عدّة، علماً أن كل الخيارات مفتوحة على مصراعيها إن كان في تحديد إتجاه الشارع وطريقة تصديه للأحداث أو في السياسة وتغيير بورصة الأسماء المطروحة، فالإثنين هو “إثنين المواجهة والغضب” بحسب البعض، وليس “إثنين الحل” كما يروّج أهل السلطة الذين يعملون للعودة إلى كراسيهم متجاهلين مطلب الشعب الأبرز المتمثّل بتأليف حكومة تكنوقراط مستقلة.