Site icon IMLebanon

صادق رفضت الخطوط الحمر فاستقالت من “ال. بي. سي”

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

 

ارتفع منسوب الهجوم ضد الإعلامية ديما صادق وغيرها. فكان جديده أن إمام مسجد الإمام الحسين في منطقة النبطية الفوقا السيد محمود برجاوي، أمّن فتوى تبيح تقطيع صادق وقتلها وصلبها، هي وغيرها من المواطنين الذين وصفهم بـ”قطّاع الطرق” وأباح التنكيل بهم وسرقتهم. ولم يصدر أي استنكار لفتوى برجاوي من الجهات الدينية المعنية، ولم تتحرك النيابة العامة لاعتقال من يحرض علناً على القتل ويعرض أرواح المواطنين للخطر.

إذاً، وبعد اعتداء الرينغ وسرقة هاتف صادق، يبدو وكأن المعركة معها انتقلت من “الذباب الالكتروني”، إلى مستويات حزبية أعلى وإلى منابر دينية. ويبدو ان صادق متأكدة من أن تحقيقات الأجهزة الأمنية خلصت الى وجود الهاتف في عهدة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في ”حزب الله” وفيق صفا. وهو ما دفعها الى تسجيل شريط مصور تتوجه فيه إلى “أشهر وأقوى حاج”، في إشارة إلى صفا، لتذكّره بأن الأديان تحرّم السرقة واستباحة خصوصية النساء، وسألته: “كيف ستحل شرعاً مسألة التلصص على خصوصياتي؟”. فسارع برجاوي لتأمين فتوى شرعية على قياس من اتهم بالسرقة، وخرج على المصلين ليفتي من منبره بتقطيع صادق، وغيرها من المتظاهرين، وصلبها رامياً اياها بالعبارات الذكورية ومتهماً اياها بالعهر والفجور والخيانة والإجرام. وتوجه “السيد” المعمّم إلى صادق بالقول: “من حق الشريعة أن تصلبك وتقطع رجليك ويديك أو قتلك”. وبدا برجاوي حافظاً لكلام صادق أكثر من حفظه للآية القرآنية التي استند اليها لتشريع السرقة واستباحة خصوصية النساء، وهدر دم صادق وكل من يشاركون في إقفال الطرقات.

ولاقى كلام برجاوي استنكاراً واسعاً، ووصفه المستنكرون بـ”الداعشي” ودعوا إلى محاسبته بجرم هدر الدم والتحريض على القتل. كمية الاستنكار والسخرية التي تعرض لها برجاوي بعد انتشار فتواه دفعت به للدعوة إلى سحب الشريط من التداول خشية “الاستغلال السلبي” لكلامه، وكأن هدر دم المواطنين والدعوة لانتهاك اجسادهم وخصوصياتهم واستسهال تخوينهم لمجرد الاختلاف بالرأي، أمور يمكن استغلالها ايجابياً!!

خلفيات الإستقالة من “أل بي سي”

قبل رفع مستوى المواجهة بين صادق و”حزب الله” إلى مستوى الصراع مع مسؤولين في الحزب ورجال دين، أعلنت صادق استقالتها من قناة الـ “أل بي سي” في اليوم الذي تلى حادثة الرينغ. وكانت صادق قد اتخذت القرار بالاستقالة قبل الحادثة بانتظار الاجتماع برئيس مجلس إدارة القناة بيار الضاهر لشرح الأسباب. لكن حادثة الرينغ عجلت بإبلاغ صادق استقالتها للضاهر قبل الاجتماع به. يومها اتصل مسؤول آخر في المحطة بصادق ولامَها لتعريض زملائها في المحطة للخطر، وأبلغها بتوقيفها مجدداً عن العمل. ولم يكتف المتصل بهذا الإجراء، بل طلب من الإعلامية عدم كتابة أي تغريدة أو حتى إعادة نشر تغريدات التضامن معها، أو إجراء أي مقابلة صحافية والحديث عن سرقة هاتفها.

وبما أن صادق تعبر عن آراء سياسية تتخطى التوازن الذي ارادته المحطة، جرى بداية توقيفها عن إذاعة الأخبار والحوار الصباحي، إذ صدرت الجداول بلا اسمها. خلال هذه المدة بقي الود بين صادق والضاهر، الذي طلب منها الهدوء على مواقع التواصل الإجتماعي وفي كتابة التغريدات. أعيدت الإعلامية لقراءة نشرة الأخبار فقط. ففهمت صادق صعوبة التوفيق بين مجاهرتها برأيها السياسي وبين بقائها في المحطة.

لماذا استهداف صادق؟

استهداف صادق بهذا الشكل، يطرح السؤال عن الأسباب التي تدفع بجمهور حزب الله لرصدها دون سواها والشعور بالاستفزاز من مواقف إعلاميةٍ تصرُّ على مقاومة إسرائيل وترفض السلام معها، وتعارض ممارسات حزب الله في الداخل اللبناني والسوري. في المقابل لا يتعاطى هذا الجمهور بالحدة ذاتها مع اعلاميين يشبهون حزب الله بـ”داعش” ويجاهرون بمطالبتهم بالسلام مع اسرائيل. تجيب المعالجة النفسية هبة خليفة عن هذا السؤال. ووفق خليفة فإن المعتدى عليه يتماهى مع المعتدي وهو في حالة “حزب الله” العدو الإسرائيلي، فيمارس الحزب على مجتمعه ما كان يمارسه على العدو ويمارسه العدو بدوره عليه، ويساعد الإفراط بالسلطة على هذا التماهي. “جسم ديما لبّيس. أمور عدة تستفزهم فيها. فهي شيعية من الجنوب، والدتها حجة تنتمي لهذه البيئة. كذلك تستفزهم طريقة لبسها ونمط حياتها وثرائها، وأيضاً ردها بهدوء على الشتائم”. تقارن خليفة بين صادق ومذيعة أخرى لا تملك إمتيازاتها، وترى أن هذه المذيعة لن تمتلك ذات التأثير الذي تملكه صادق، “خاصة في بيئة ذكورية جداً وكونها امرأة في هذه البيئة”. وتلفت خليفة الى أن سبب ازدياد الحملة على صادق بعد الثورة، هو البحث عن “قائد للعمالة وعن وجوه مستفزة قائدة لهذا التخوين، ولن يجدوا أجمل من اسم ديما صادق خاصة باعتبار الثورة أنثى”. وتنظر خليفة إلى صادق باعتبارها حالة كبرها هذا الجمهور، لتكون رمزاً لردع غيرها من النساء وللقول ممنوع للمرأة أن تكون هكذا.