Site icon IMLebanon

الجنوب هادئ بضمانة فرنسية – أميركية

صحيح أن لبنان لا ينفك يتراقص على الصفائح السياسية والأمنية الساخنة، على المستويين الداخلي والخارجي. لكن الصحيح أيضا أنه غالبا ما يجد أمه الفرنسية الحنون تهب لنجدته عند كل مفترق من شأنه أن يغرقه في مستنقعات دموية ليست إلا الضريبة الأقسى لصراعات المحاور.

ففي وقت يبدو لبنان غارقا حتى العظم في ثورته وأزماته المعهودة، وفيما يبدو حزب الله منشغلا بالقنص الكلامي المركز في اتجاه الثوار وانتفاضتهم المحقة، لم يستبعد المراقبون أن يعمد رئيس الحكومة الاسرائيلي بيامين نتنياهو إلى تحريك جبهة المواجهة مع حزب الله، في محاولة لشد العصب الشعبي في اتجاهه، في وقت تستمر الملاحقات القضائية الاسرائيلية في حق زوجته سارة على خلفية اتهامات بالفساد، وبعدما فشل، كما خصمه الأول، زعيم حزب “أبيض- أزرق” بيني غانتس في تشكيل حكومة. صورة  دفعت الاسرائيلي روفين ريفلين إلى قذف الكرة إلى ملعب الكنسيت الاسرائيلي، لتأليف حكومة وحدة وطنية جديدة في مهلة أقصاها 11 كانون الأول الجاري.

على أي حال، فإن أحدا من العارفين بالشؤون والشجون الاسرائيلية لا يسقط من حساباته احتمال لجوء نتنياهو إلى لعب ورقة المواجهة الميدانية مع حزب الله لتجنب اللجوء إلى انتخابات نيابية مبكرة (للمرة الثالثة على التوالي، ومن المفترض أن تجري في آذار المقبل) قد لا تصب نتائجها في صالحه. غير أن الأهم، بالنسبة إلى لبنان، يكمن في أن فرنسا تبدو بالمرصاد لأي توجه من هذا النوع، على اعتبار أن الاستقرار الأمني اللبناني خط أحمر، ما يفترض ابقاء البلاد في منأى عن الصراعات.

وفي السياق، كشفت أوساط ديبلوماسية غربية لـ “المركزية”، عن أن باريس المستعجلة تأليف حكومة لبنانية جديدة توحي بالثقة للمنتقضين في الشارع كما للمجتمع الدولي، أجرت اتصالات مع الجانبين الايراني والسعودي لابقاء لبنان في منأى عن التداعيات السلبية للصراع الأميركي – الايراني الدائر على أشده في المنطقة.

وكشفت الأوساط عينها عن أن الموقف الفرنسي هذا طرح إلى طاولة الاجتماع الثلاثي الذي استضافته لندن وضم ممثلين عن باريس ولندن وواشنطن.

وتفيد المعلومات في هذا الاطار، بأن باريس قدمت ضمانات لعدم تنفيذ حزب الله عمليات ضد تل أبيب قد تشعل الجبهة الجنوبية في توقيت سياسي غير ملائم، وهي نتيجة تم التوصل إليها بفعل اتصالات سياسية كثيرة سجلت على خط باريس- طهران، على وقع سياسة احتواء ايران التي يعتمدها الرئيس ايمانويل ماكرون في مواجهة نهج مناقض تماما يرفع لواءه نظيره الأميركي المثير للجدل دونالد ترامب.

وفي انتظار ما سينتهي إليه الكباش السياسي في اسرائيل، تشدد الأوساط على أن الجانب الأميركي ضمن، هو الآخر، بقاء تل أبيب بعيدة من التصعيد على الساحة اللبنانية. ذلك أن الجميع على يقين بأن الأولوية لصون الاستقرار والاستماع إلى مطالب الثورة الشعبية، في مقابل محاولات بعض الأطراف المحليين جر الثوار إلى مواجهات تضع شارعهم في مقابل ذاك المعارض لانتفاضة 17 تشرين.