Site icon IMLebanon

مجدرة “أم علي”

كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”:

ما يخيف الطبقة السياسية في لبنان أن “أم علي” أعدت طنجرة مجدرة وحملتها إلى الشباب في خيمة من خيم الاعتصام في وسط بيروت. لم تسأل عن الانتماء الطائفي لمن سيأكل من طنجرتها. المهم ان يأكلوا حتى يتابعوا صمودهم لتحقيق مطالبهم.

هنا بالتحديد بيت القصيد الذي يؤرق هذه الطبقة السياسية المصرّة على أساليبها الملتوية لإعادة تعويم تركيبتها وتسويتها وصفقاتها. هنا مقتلها ونهايتها وإفلاسها. فقد فشلت كل محاولاتها لمنع اللقاء على هذا المستوى بين هؤلاء الذين يجب ان يبقوا وقوداً لاستمراريتها.

لذا، تمعن هذه الطبقة في التطرف لتكريس حالة الإنكار الذي تمارسه عن سابق تصور وتصميم حيال ما يحصل منذ أكثر من خمسين يوماً، لتؤكد لنفسها أولاً، ولمن لا يريد ان يستوعب الدرس ثانياً انه “ليس شعباً لبنانياً هذا الذي يتظاهر في الطرق ويحتل الساحات بحثاً عن شبهة وطن”. لذا تنصب جهودها على تصويره بوابة الفوضى التي سوف تقودنا الى الانفلات الأمني.

أقنعتها تتساقط لتكشف قرف نواياها، على رغم مساعيها للتسلل الى الساحات عبر عملائها لتخربها وتدس سمها بين الجماعات الرافضة وجودها. في حين تواصل لعبتها الوسخة منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وعلى جبهات متراصة لتقنع المتظاهرين بالضغط والتخويف والتسويف على انهم رهائن طوائفهم، وتستعرض قدراتها التخريبية أمنياً واقتصادياً لتفهمهم انهم معتقلون في سجون مصالحها التي لا يؤمنها الا الانقسام على أساس المذهب.

هذا ما تريده هذه الطبقة السياسية، ولا تريد غيره. ولديها وسائلها للاسترزاق حتى من الانهيار الاقتصادي على حساب الشعب المتمرد والرافض منحها الثقة. هذا ما تكرسه يوماً بعد يوم واستحقاقاً تلو الاستحقاق. كل سبلها لا ترمي لغير العودة الى التخندق المذهبي معتبرة انه الحيز الوحيد المسموح به لهؤلاء المتظاهرين الحالمين بغدٍ كريم لأولادهم.

لذا يتواصل طبخ السم جولة تلو أخرى من خلال أكذوبة المفاوضات لتشكيل حكومة قبل تكليف لمن يترأسها. في حين أن الهدف الأوحد منذ اللحظة الأولى للاستقالة هو العودة الى ما كانت عليه الأوضاع قبلها. لكن طابخي السم وعلى رغم براعتهم في الاجتهادات البهلوانية للقفز فوق الدستور يضخون في الثورة سبل استمراريتها وإذكاء نارها ان همد جمرها من خلال غباء الإخراج المذهبي لإعادة التركيبة الملعونة الى مسارها.

شجرة الميلاد في ساحة النور الطرابلسية رد صافع لطابخي السم. وضع المطران الياس عودة الاصبع على جرح العلة الأكبر التي تتيح للعلل الأخرى ان تعيث فساداً ونهباً للمال العام ردّ صافع آخر. ومجدرة “أم علي” لا يقتصر مفعولها على مساندة المطالب الحياتية التي يوظفونها للالتفاف على المطالبة بالسيادة والكرامة، مفعولها أقوى بكثير، ويملك، بالتأكيد، مقومات لنسف كل السيناريوات الساعية لإعادة المتظاهرين الى حظيرة الطوائف.