Site icon IMLebanon

“بورصة” صرف الموظّفين: 100 ألف مطلع 2020

كتبت إيلده الغصين في “الاخبار”:

تحوّل صرف الموظّفين في لبنان إلى «بورصة» تقديرات وأرقام غير مبنيّة على أسس علميّة، في مقابل تفتّح شهية الشركات على صرف العشرات من موظّفيها أو الاقتطاع من رواتبهم وتقليص ساعات عملهم وإرغامهم على توقيع استقالاتهم أو براءات الذمّة. الشركات الكبرى تتلطّى بـ«الظرف الاقتصادي» لتبرّر الصرف، بذريعة ما تتيحه لها الفقرة «و» من المادة 50 من قانون العمل، في حين أن معظمها راكم أرباحا لسنوات على حساب حقوق موظّفيها، منذ ما قبل الأزمة.

أخيراً، انتشر رقم يقول إن «160 ألف موظّف خسروا وظائفهم في الاشهر الماضية بشكل موقت أو دائم، والرقم مرشّح للارتفاع»، صدر عن إحدى شركات الإحصاء التي نُقل عنها أنها استطلعت نحو 300 شركة خاصة، من دون أن يكون للدراسة «المزعومة» أي أثر. التشكيك في هذه الأرقام تقابله توقّعات بملامسة الرقم لـ100 ألف مطلع 2020، إلاّ أنه لا مصدر رسمياً يمكنه تأكيد عدد المصروفين. فوزارة العمل التي أعلنت وضع خطّة لمتابعة الصرف الجماعي وتشكيل لجنة طوارئ لدراسة طلبات الشركات والبت بها، لا يمكنها تقديم رقم نهائي لعدد الشركات التي تقدّمت بطلبات لديها (الطلبات المقدّمة حتى الآن تشمل صرف نحو 700 موظّف وفق معلومات «الأخبار»)، فيما صرّح وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال كميل بو سليمان أن وزارته «تسلّمت 70 طلباً لصرف جماعي في أقلّ من 10 أيام، ومئات الشكاوى من موظفين». غير أن شكاوى الموظّفين لا تشكّل دليلاً على الأرقام الفعليّة، إذ إنه في حالة شركة «آيشتي» مثلاً، التي عُلم بأنها صرفت نحو 100 موظّف لديها فإن «نحو 20 موظّفاً فقط تقّدموا بشكاوى» وفق مدير المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظّفين أحمد الديراني.

ويوضح أن «لا أرقام ثابتة إذ أن عدداً قليلاً من المصروفين يسجّلون شكاويهم. في حالة مصنع سيدوم صرف نحو 300 موظّف لم يتقدّم أي منهم بشكوى. كما أن الشركات لا تلتزم برأي وزارة العمل، فمطعم بابل صرف نحو 170 موظّفاً علماً أن الوزارة لم توافق على حجّة الظرف الاقتصادي». يؤكد الديراني أن «كل عمليّات الصرف مخالفة للقانون، وتنذر بانهيار اجتماعي يترافق مع الانهيار الاقتصادي».

ويعتبر أنه «في ظلّ أزمة مماثلة يجب منع الصرف وعدم فسخ عقود العمل بل إعلان حالة طوارئ اجتماعيّة»، سائلاً عن «غياب الاتحاد العمّالي العام، ودور المجلس الاقتصادي والاجتماعي المشكّل من قوى الإنتاج والمعنيّ بفتح الحوار الاجتماعي». ولفت الى أن الشركات التي تصرف موظفين بمعظمها «راكمت الأرباح في على مدى سنوات، ويفترض بها أن تضمّن طلبات الصرف دفاتر حساباتها لتبيان حقيقة وقوعها في عجز… كما أنها ترغم موظّفيها في حالات رصدناها على توقيع براءة الذمة مقابل دفع نصف راتب (…) وهذا أمر غير قانوني إذ لا يعتبر التوقيع تحت الإكراه قانونياً. والمشكلة الأخرى في مهلة الشهر التي يمنحها القانون للموظّف للتقدم بشكوى إلى مجلس العمل التحكيمي، وهي مهلة غير كافية». مشكلة إضافية تتمثّل في حرمان الشركات موظّفيها من رواتبهم لأشهر عدّة، وهو ما ظهر في اعتصامات نفّذها بعضهم كموظّفي شركة «كيدزموندو» الذين أعلنوا أنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ 5 أشهر.

المؤسسات تسارع إلى الاستفادة من الفقرة «و» التي تنصّ على أنه «يجوز لصاحب العمل إنهاء بعض أو كل عقود العمل الجارية في المؤسسة إذا اقتضت قوة قاهرة أو ظروف اقتصاديّة أو فنيّة هذا الإنهاء (…) وعلى صاحب العمل أن يبلغ وزارة العمل رغبته في إنهاء تلك العقود قبل شهر من تنفيذه»، غير أن التبليغ يكون شكلياً ولا يذعن لرفض الوزارة رغم أن الفقرة نفسها تنصّ على أنه «على صاحب العمل التشاور مع الوزارة لوضع برنامج نهائي لذلك الإنهاء تراعى معه أقدميّة العمال في المؤسسة واختصاصهم وأعمارهم ووضعهم العائلي والاجتماعي والوسائل اللازمة لإعادة استخدامهم».