في وقت تستمر القوى السياسية في البحث عن صيغة حكومية تؤمّن اعادة انتاج نفسها، ينطلق غداً اجتماع مجموعة الدعم الدولية بدعوة من فرنسا لمناقشة الوضع في لبنان في ضوء التطورات التي بدأت في 17 تشرين الاول الماضي.
ومع ان كل التوقّعات تُجمع على ان اجتماع باريس الذي يضمّ ممثلين عن الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن اضافةً الى الامم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي في حضور ممثلين عن الكويت والامارات والسعودية لن يُقدّم مساعدات مادية سريعة يحتاجها لبنان، بل ان اهميته في انه سيُخفف من القلق معنوياً باعطاء اشارة الى اللبنانيين بانهم ليسوا متروكين، الا انه رسالة الى المسؤولين في لبنان بان “حنفية” المساعدات المادية لن تُفتح الا بعد ان تتخذوا سلسلة اجراءات-وليس شروطا يطلبها منكم الشعب قبل الخارج.
وتكشف اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” “ان المجتمع الدولي الذي يضمّ الدول المانحة للبنان جاهز لتقديم المساعدات، وفق خريطة طريق انقاذية للبنان”.
فاللبنانيون تقول الاوساط “عبّروا عمّا يريدونه منذ اليوم الاول. حكومة تكنوقراط تضمّ اختصاصيين واصحاب الكفاءات لا تنتمي للطبقة السياسية التقليدية التي يحمّلونها مسؤولية ما وصلت اليه البلاد من تدهور على مختلف الصعد، لذلك لا يُمكن للمجتمع الدولي الذي يؤمن بحق الشعوب في التعبير عن رأيها ان يتجاوز هذه المطالب بمساعدة حكومة لا تحظى برضى وثقة الشعب اللبناني”.
وفي حين تحرص الدول المانحة التي ابدت استعدادها للمساعدة، على الا تتدخّل في شكل التركيبة الوزارية العتيدة او من يرأسها، لان هذا شأن داخلي يخصّ اللبنانيين فقط، كما انها ترفض الترويج الى انها تضع فيتو على مشاركة هذا الفريق او ذاك، الا انها تُفضّل كما تقول الاوساط الدبلوماسية “الا تكون في التشكيلة الوزارية اسماء نافرة او مستفزّة يرفضها الشعب، بل تضمّ اصحاب الكفاءات والاختصاص ممن يثق بهم الشعب اولاً.
وشددت الاوساط على “ان الوضع الاقتصادي في لبنان سيّئ جداً والمطلوب توفير الدعم لاخراجه من الحالة المُزرية التي هو فيها، وتأمين السيولة اللازمة، وهذا لن يحصل الا بتشكيل حكومة بعيدة من منطق المحاصصة السياسية والطائفية و”حجز” حقائب وزارية لفئة دون اخرى تحت حجج واهية، وألا يكون فيها الثلث المعطّل لفريق سياسي معيّن كما هي الحال في الحكومة المُستقيلة التي كانت خاضعة لسيطرة جهة محددة لذلك لم تنتج ولم تتمكن من تحقيق الانجازات والاصلاحات التي وعدت المجتمع الدولي خلال المؤتمرات الثلاثة التي عقدت من اجل لبنان، لاسيما “سيدر” الالتزام بها، الا ان المناكفات السياسية حالت دون ذلك”.
لذلك، تلفت الاوساط الدبلوماسية الى “اهمية ان تحصل الحكومة العتيدة على ثقة الشعب قبل المجلس النيابي،
وهذا لا يتم الا بتركيبة تكنوقراط تضمّ شخصيات مستقلّة صاحبة اختصاص وكفوءة تتمتع بسمعة جيدة، وهنالك لائحة كبيرة باسماء لبنانيين بارزين في اكثر من مجال وقطاع في العالم ولهم شهرة كبيرة كما ان في لبنان طاقات شابة يمكن اللجوء اليها في العملية الانقاذية التي تحتاج الى خطوات جريئة وشجاعة للانقاذ”.
وختمت الاوساط بالتأكيد “ان لا بد من ان تتضافر جهود القوى السياسية من اجل السير بالعملية الانقاذية ووضع خريطة طريق واضحة يلتزم بها الجميع ويتم تسويقها في الخارج، خصوصا لدى الدول المانحة التي ابدت استعدادها للمساعدة في عملية الانقاذ وتزويد لبنان بالسيولة المطلوبة فور تشكيل حكومة تُرضي الشعب”.