انطلق الكباش السياسي من جديد على حلبة تأليف الحكومة. فبعد استراحة قصيرة سمحت للجهات المعنية بـ”التشكيل”، باستلحاق أنفاسها وتجميع قواها غداة تأجيل موعد الاستشارات النيابية، استأنفت هذه الأطراف المبارزة وشد الحبال في ما بينها، مُسابِقة التاريخ الجديد الذي حُدّد لها الاثنين المقبل.
فريق 8 آذار سارع الى رمي الطابة في ملعب الرئيس سعد الحريري، قائلا على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد و”أوساطِه” الاعلامية منها والسياسية، ان المطلوب من الرجل تحديد موقفه بوضوح: فهل يريد العودة الى رئاسة الحكومة ام لا؟ واذا كان جوابه ايجابيا، فوفق اي شروط؟ ليُبنى بعدها، على الشيء مقتضاه.
الرد لم يتأخر كثيرا. فقد أوضحت مصادر بيت الوسط اليوم ان الرئيس الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة. اما اذا كان هناك من يصر على حكومة تكنو-سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة، فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة.
صراحةُ زعيم التيار الأزرق، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، من شأنها اختصار الوقت على الراغبين بمفاوضته، وتجنيب البلاد وعبادها، جولات اضافية من المشاورات الفاشلة. والحال، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري باشر اتصالات مع بيت الوسط في الساعات الماضية، اقترح فيها على الاخير حكومة من 18 وزيرا، 14 منهم من الاختصاصيين المستقلين و4 من السياسيين “القليلي الدسم”، اذا جاز التوصيف، لا يشكلون استفزازا لأحد.
اما رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل، فله حسابات مختلفة، تتابع المصادر، حيث تفيد المعلومات التي توافرت في الساعات القليلة الماضية من مقربين منه، انه لا يزال يتمسّك بمعادلة “انا والحريري معا في الحكومة او معا خارجها”، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون، يؤيد هذا التوجه.
ومع ان المصادر تكشف عن مساع يضطلع بها، للمفارقة، حزبُ الله لجمع رئيسي التيارين الازرق والبرتقالي، لا تعول على خرق قد يتحقق قريبا، وتقول ان الصورة على ضفة التأليف تبدو معقدة وضبابية وميالة الى السوداوية. فمع تراجع احتمالات ايجاد اي مرشح لقيادة الحكومة الجديدة، غير الحريري، في ظل الالتفاف السني السياسي والروحي حوله، لا حل الا بموافقة اطراف السلطة على التركيبة التي يراها هو، الانسب، للحكومة العتيدة. وهنا، تكشف المصادر ان الحريري يطرح فصل النيابة عن الوزارة، كما انه يصر على اسناد الحقائب الوازنة كلّها من دون استثناء، الى شخصيات من ذوي الكفاءة والاختصاص، المستقلين تماما، لا من باب الكيدية، بل لإدراكه ان اية مساعدات دولية لن تصل الى الدولة اللبنانية ما لم تكن الوزارات الحيوية، في يد أشخاص كهؤلاء.
وفي أفضل الاحوال، قد يرضى بعدد من الوزراء لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة، ليمثلوا القوى السياسية، شرط الا يكونوا من “الحزبيين”.
في اختصار، بيت الوسط يطرح هذه السلة على قاعدة “take it or leave it”. فاذا رضي بها الثلاثي: حزب الله حركة امل والتيار الوطني، كلف الحريري بإجماع سياسي. واذا لم ترض بها مكوناتُه الثلاثة او احدها، فان الحريري سيُكلّف بـ”من حضر” لكنه، على الارجح، لن يتمكّن من التأليف لندخل في أزمة سياسية جديدة.. هذا اذا لم يقرر قصر بعبدا إرجاء الاستشارات مرة أخرى، وهو خيار وارد! تختم المصادر.