كل المحاولات المبذولة من جانب السلطة السياسية ومن يناصرها في الداخل والخارج لاسباغ الثورة اللبنانية الشعبية ضد الفساد المُعمم في الدولة من رأسها حتى اخمص قدميها بطابع المؤامرة وشتى انواع العبارات التي تحرفها عن مسارها الحقيقي من تمويل السفارات الى استهداف السلطة والعهد سياسياً، وآخرها كلام للمستشار في الحرس الثوري الإيراني اللواء مرتضى قرباني قال فيه ان ” الحراك الشعبي في كل من إيران ولبنان والعراق، يسعى لضرب جبهة المقاومة، بما في ذلك إيران،” كل هذه المحاولات، تسقطها الوقائع والمعطيات الميدانية اليومية بضربة الفضائح التي يخرج كل يوم منها جديد الى العلن يكشف النقاب عن عمق الفساد ويدحض الاتهامات فيردها الى اصحابها في لبنان وايران على حد سواء.
هذا المنطق تستهجنه اوساط سياسية سيادية عبر “المركزية” وتدعو ايران ومن ينطق باسمها الى ترك لبنان وشأنه وابعاد “شرها عنه” وهي التي لا تخجل من المجاهرة باستخدامه ساحة لتنفيذ مآربها وخلافاتها وصندوق بريد لرسائلها الاقليمية بدليل ما اعلنه امس قرباني في موقفه بالقول “إذا ارتكبت اسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، فإننا سنسوي تل أبيب بالأرض من لبنان، من دون الحاجة لمعدات أو إطلاق صواريخ من إيران.”
اللهجة الايرانية الاستعلائية، كما تقول المصادر لا تعكس الا مدى التأزم الذي بلغته احوال طهران في ظل اشتداد الخناق حول عنقها الى الحد الاقصى واندلاع موجة الاحتجاجات فيها على اوسع نطاق حيث عمدت السلطة الى تغطيتها بقطع الانترنت عن المواطنين منعا لتواصلهم وقطعا لطريق بث حقيقة المشهد الانتفاضي الايراني ضد السلطة الحاكمة التي تموّل اذرعها العسكرية للتمدد في الدول العربية على حساب شعبها فتدفعه الى الفقر والجوع.
وتؤكد ان صفقة تبادل السجينين بين واشنطن وطهران الممكن ان تتبعها صفقات اخرى وفق المعلومات والتي قال عنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب انها “تشير إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع إيران”، حيث افرجت بموجبها طهران عن باحث أميركي صيني الأصل مدان بالتجسس لصالح الولايات المتحدة التي أطلقت سراح عالم إيراني بتهمة محاولة تصدير مواد بيولوجية من الولايات المتحدة إلى إيران دون تصريح، الأمر الذي اعتبر خرقا للعقوبات الأميركية على طهران، ما هي الا مؤشر لمدى حاجة ايران الى الخروج من تقوقعها ونهجها البوليسي الى سياسة الانفتاح، في زمن تعقد فيه صفقات دولية لا سيما بين واشنطن وموسكو حول اوضاع المنطقة وتقاسم النفوذ. ولا يعني شكر ترامب وحديثه عن اتفاق الا تمهيدا لهذه الصفقات وليس كما اعتقد البعض تنازلا اميركيا لمصلحة ايران التي تمنى بالخسارة تلو الاخرى من العراق الى لبنان، تضيف المصادر. فبالنظر الى سياسة الادارة الاميركية، يتبين استمرارها في سياساتها المتشددة تجاه ممارسات طهران العنفية في دول الجوار العربي عبر اذرعها العسكرية، حيث تكشف المصادر عن معلومات تتردد في الاوساط الدبلوماسية الغربية المتابعة لملف لبنان ان وزارة الخزانة الاميركية تعدّ لاصدار دفعة جديدة من العقوبات بحق ما يزيد على 25 شخصية معظمهم من الطائفة المسيحية بتهمة التعامل مع حزب الله وتوفير الدعم المادي له. وتحرص هذه الاوساط على عدم الكشف عن اي من الاسماء بحجة انها غير مطلعة على اللائحة، الا انها تؤكد ان الدفعة قد تصدر قريبا. وتؤكد الاوساط ان الادارة الاميركية مستمرة في تشديد العقوبات على حزب الله وتهادن ايران مقدمة للجلوس حول طاولة المفاوضات، في وقت لم يعد بعيدا على الارجح.