كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
حَذت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني حذو «موديز» في خفض تصنيف لبنان كنتيجة أساسية ومتوقعة للوضع الاقتصادي المزري السائد في لبنان. وبعدما خفّضت موديز التصنيف الائتماني الاساسي لـ3 بنوك لبنانية، عمدت فيتش أمس الى خفض تصنيف لبنان من حيث موجوداته بالعملات الأجنبية.
خفّضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف لبنان في ما يتعلق بالعملات الأجنبية Issuer Default Rating (IDR) على المدى الطويل من «CCC» الى «CC». وبذلك يكون لبنان قد حلّ، وفق تصنيف «موديز»، في المرتبة ما قبل الاخيرة (ca)، وهذا يعني تعثراً واضحاً واحتمالاً ضئيلاً للتعافي. امّا تصنيف «فيتش» فيضع لبنان ضمن التوصيف نفسه (cc)، إنما لا يزال هناك مرتبة اضافية قبل التعثر (C).
واعتبرت «فيتش»، في تقرير لها، أنّ خفض التصنيف الائتماني للبنان يعكس وجهة نظرها بأنّ إعادة هيكلة ديون الحكومة أو التخلّف عن سدادها أمر محتمل بسبب الخلافات السياسية، والقيود على رأس المال الفعلية، وتدهور الثقة في القطاع المصرفي الذي سيحول دون تدفّقات رأس المال اللازمة للبنان لتلبية احتياجاته التمويلية. وأشار التقرير الى انّ وجود سعر صرف متوازٍ وعدم قدرة البنك المركزي اللبناني على الايفاء بكامل التزاماته بالعملات الأجنبية سيزيدان من الضغوط المالية.
وتابع التقرير: يوفّر إجمالي احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي حاجزاً مؤقتاً لالتزامات خدمة الدين الخارجي على المدى القريب، مشيراً الى أنّ ضوابط رأس المال ستحدّ من التدفقات الخارجية، وبالتالي انّ غياب التدفقات الداخلية سينطوي على انخفاض مستمر في احتياطات العملات الأجنبية.
ورجّح التقرير أن يؤدي الشح في الدولار الأميركي إلى تعميق الركود وزيادة التضخم وإذكاء الاضطرابات الاجتماعية، بما من شأنه ان يهدّد وبشكل متزايد قدرة الحكومة واستعدادها لخدمة ديونها. وأكد انّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيتطلّب إعادة هيكلة الديون، لأنّ الصندوق لن يوقع أي اتفاق لا يضمن فيه استدامة الدين العام.
وتوقّع التقرير أن ينخفض إجمالي احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي إلى 28 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2019، بانخفاض 4 مليارات دولار خلال العام. وأكد انّ هذا التآكل سيستمر خلال العام 2020، نظراً لاحتياجات التمويل الخارجية الكبيرة المرتبطة بـ 2.5 مليار دولار أميركي من أجل سداد سندات اليورو والحساب الجاري، علماً انّ هذا العجز قد يتقلّص مع ضغط الاستيراد ولكنه يظل كبيراً ما بين 8.5 مليارات دولار إلى 9.5 مليارات دولار.
ولفت التقرير الى انّ المصرف المركزي سمح للمصارف بالوصول إلى ودائعها بسهولة أكبر حتى تتمكن من تلبية طلبات المودعين من العملات الاجنبية، لكنّ احتياطات المركزي من العملات الأجنبية ستتراجع بسرعة. لذا، لجأت البنوك إلى وضع قيود على رأس المال وهي تستخدم أصولها الأجنبية السائلة التي تحتفظ بها في الخارج، والتي انخفضت بمقدار 3.6 مليارات دولار في السنة حتى شهر تشرين الاول، بعدما بلغ مجموعها 8.4 مليارات دولار.
ورأى التقرير انّ الحل السياسي الذي يبدأ في إعادة بناء ثقة المودعين، إلى جانب خطة إصلاح اقتصادي ومالي موثوق بها ودعم مالي خارجي كبير، من شأنه تخفيف الضغط المالي. لكن هذا السيناريو يرتبط بعدد من التطورات الإيجابية التي يصعب افتراضها كخط أساس.
وشدد على ضرورة ان تكون التطورات الإيجابية كبيرة الحجم لاستعادة الثقة بسرعة في القطاع المصرفي والعملة المحلية، وتحقيق النمو الاقتصادي.
ورأى انه يمكن لاتفاقية محتملة مع صندوق النقد الدولي أن تدعم الوضع المالي للبنان وان تشجّع تمويلاً خارجياً آخر، لكن من المؤكد أن يَستلزم ذلك إعادة هيكلة الدين الحكومي. ومن المرجح أن يطلب لبنان وصولاً استثنائياً إلى أموال صندوق النقد الدولي، لأنّ الحد الأقصى الطبيعي من حصة البلد، والبالغ 435 في المئة لبرنامج مدته 3 سنوات، لن يكون كافياً، علماً أنّ هذا الحَد يصل إلى 3.9 مليارات دولار.
قراءة للخفض
وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية» انّ خفض تصنيفي «فيتش» و«موديز» متوقع ولم يطرح شيئاً جديداً، أضف الى ذلك انّ السوق المالية أصلاً في تراجع. فما يتوقّع من سعر سهم بنك قيمته 2 دولار، وسعر سندات اليوروبوندز تراجع الى 40 و50 دولاراً، بما يعني انّ السوق سبق ان تَحمّل تَبعات كل الخفوضات التصنيفية الدنيا. وهذان التقريران لموديز وفيتش لن يضيفا شيئاً على ما نعانيه، فنحن أصلاً نعاني من الضوابط على الرساميل capital control وعلى التحاويل وسعرين في سوق الصرف، وخفض التصنيف هو نتيجة طبيعية من قبل مؤسسات التصنيف.
وقالت المصادر: لن يترتب عن هذه التصنيفات معاناة اكثر مما نعانيه، وتوصيفنا والكلام والتحاليل الصادرة عن اي مؤسسة لم تعد تؤثر لأننا أصلاً في قلب الأزمة، بل الأهم اليوم ان نتمكن من الخروج من هذه الأزمة عبر البدء بتشكيل حكومة تبعث الثقة للداخل والخارج.
وحذّرت من انّ استمرار الأزمة بات يهدد المؤسسات واليد العاملة اللبنانية، وبالتالي ارتفاع نسبة القروض المشكوك في تحصيلها بما يؤثر على أداء المصارف.