اعتبر نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن “الحراك الشبابي له ميزة قادرة على أن تحدث التغيير والإصلاح، والانتقال من حال إلى حال، إذا أحسن الشباب الإمساك بمفاصل الأداء الميداني بما يحقق إنجازات محددة من دون أن نكون في إطار التعميم الذي لا يمكن أن يوصل إلى نتيجة. وأنتهز الفرصة لأحيي الشباب والشابات الذين رفعوا رؤوسنا عاليًا، عندما واجهوا داعية ودعاة التطبيع مع العدو الإسرائيلي سواء في محاضرته في البلد أو من خلال بعض الصور التي انتشرت في البحرين أو في أماكن أخرى، هذا يبين أن الأزمة مهما كانت كبيرة على المستوى الداخلي، فهي لا تنسينا أن عدوًا إسرائيليًا يتربَّص بنا لينتهز الفرص ويأخذ منا بالسلم والجوع ما لم يأخذه بالحرب”.
وأضاف، خلال اللقاء الشبابي الحواري الذي أقامه “اتحاد شباب العهد” في “المركز الصحي الاجتماعي” لبلدية الغبيري: “نحن أمام أزمة حقيقية، أزمة كبيرة طالت كل بيت في لبنان، يصح أن نقول أن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية المالية هي أزمة المواطن اللبناني، هي ليست أزمة السني والشيعي والدرزي والمسيحي، ولا أزمة ابن منطقة الجنوب أو البقاع أو الشمال أو بيروت أو الجبل، هي أزمة كل مواطن لبناني لأن الجوع والحالة الصعبة اقتصاديًا قد وصل إلى كل بيت، إلى كل شاب وكل شابة، من هنا أهمية أن يكون خطابنا منطلق من هذا الواقع الأليم الذي نعيشه، للأسف فشلت الحكومات السابقة في القيام بواجباتها، أنا لا أقول إنها فشلت في المعالجة، هي فشلت في القيام بواجباتها لأن الحكومة عليها أن تبحث في الوضع الاقتصادي وتضع الخطط، وعليها أن تراعي الوضع الاجتماعي وتساعد الفقراء، وعليها أن تشرف على الوضع المالي من أجل أن تكون هناك سياسات محددة، فضلا عن دورها في حماية أموال الدولة وجبايتها ومنع الفساد والهدر وما يحيط به، الحكومات المتعاقبة فشلت، وكانت الحكومة الأخيرة أيضا حكومة فاشلة من هذه الناحية ولذا حصل الانفجار الكبير وتحرك الشعب اللبناني ليرفض الضرائب المتتالية في ظل عدم القيام بالواجبات وعدم معالجة الأزمات الموجودة”.
وتابع: “نحن نعتبر أن الحراك الشبابي هو صرخة مؤثرة ومحفزة، وقد أيقظت النائمين وأخافت المستهترين ورسمت طريقًا للمحاسبة لم يعد بالإمكان أن يخرج منه أحد بعد الآن، يعني أن أي حكومة ستتشكل ستحسب حسابا أن هناك شبابا ورجالا ونساء في الشارع يمكن أن يتحركوا، ويمكن أن يحاسبوا إذا قصر المعنيون بالحساب أو عجز المعنيون عن الحساب، فأحيانا يكون هناك تقصير وأحيانا يكون هناك عجز، من هنا أهمية هذا الحراك وما أحدثه من أجواء مؤثرة ومحركة ودافعة إلى البحث عن الحلول”.
ولفت إلى أن “حزب الله عندما وافق على الورقة الاصلاحية، لم يكن في محل الموافقة على الحل السحري إنما كان في محل المقارنة بين حل يمكن أن يفتح الباب لحلول، وبين الفراغ الذي يمكن أن يؤدي إلى المزيد من تدهور الوضع وهذا ما قاله الأمين العام السيد حسن نصرالله في أول خطاب في هذا الشأن، وتبين بالفعل أنه مع عدم تبني الورقة الإصلاحية على المستوى العملي، دخلنا في وضع صعب جدا، هذا لا يعني أن التدهور حصل الآن، هذا التدهور متراكم ساعدت هذه الفترة على المزيد من الإنحدار ومزيد من الأزمات، مع ذلك اعتبرنا كـ”حزب الله” أن الخطوة التالية التي تعتبر خطوة استقالة الحكومة خطوة قد تحمل الإيجابيات المختلفة، يعني لا يحسب أحد في أي لحظة من اللحظات أننا تبنينا الورقة الإصلاحية فرفضت يعني أننا خسرنا، لم نكن نبحث عن أن نخسر أو أن نربح، كنا نبحث عن أن يربح الوطن أو أن يخسر الوطن، وطالما أن الظروف غير مؤاتية ما هي المشكلة؟! تستقيل الحكومة وتأتي حكومة أخرى، عل هذا الطريق يكون أنفع وأفضل وفيه ثبات أكثر”.
وقال: “أحب هنا أن ألفت النظر إلى أن عقلية “حزب الله” في الدخول إلى الحكومة والمشاركة في إدارة البلاد، ليست عقلية عدد الوظائف التي يحصل عليها أو عدد الوزراء الذين يحصل عليهم، عقليته عقلية مصالح الناس، تربيتنا وقناعتنا الدينية أن نفكر بالناس أولا، فالمساعدة والاهتمام الاجتماعي جزء من إيماننا وديننا وجزء من واجبنا، لعل الكثيرين ممن يدخلون في إطار المساعدات الاجتماعية والعون الاجتماعي يحسبونها بحسابات اكتساب الأصوات، والموقع السياسي والزعامة، نحن لا نفكر بهذه الطريقة، لذلك خطواتنا العملية تأخذ بعين الإعتبار هذه النظرة”.
وأشار إلى أننا “نحن في الحقيقة نعتبر أننا نواجه أزمتين كبيرتين، واحدة أكبر من الثانية، الأزمة الكبيرة الأولى لها علاقة ببلد ينهار اقتصاديا واجتماعيا وماليا، بسبب سوء الإدارة والمحاصصة وطريقة العمل، وانعدام البرامج وعدم استعادة الأموال المنهوبة وتعميم الفساد من رأس الهرم إلى أسفله، هذه أزمة حقيقية يجب علينا أن نعالجها، وأي حل يجب أن يأخذ بعيز الإعتبار معالجة هذه الأزمة، يضع الخطوات الأولى لمعالجة الأزمة الداخلية، المشكلة الثانية هي مشكلة التدخل الخارجي المتمثل بشكل رئيسي بأميركا، التي تحاول أن تفرض أجندتها السياسية بركوب موجة الغضب الشعبي، لمحاولة استثمار الآلام والأوجاع لتحقيق خطوات سياسية تنفع الكيان الإسرائيلي وتخدم المشروع الأميركي – الإسرائيلي في المنطقة، وهذه بالنسبة إلينا درجة ثانية، لكن لا يجوز أن نغفل ونحن نقدم المعالجة أننا أمام أزمتين”.
وأردف: “أحيانا البعض يرى أن معالجة الأزمة الداخلية بتهديم الهيكل، من قال بأن هذا هو الحل؟ بعد أن يتهدم الهيكل الخطوة الثانية أين؟ بعد أن يتهدم الهيكل من سيتفق مع من؟ وكيف يمكن أن نرتب الحلول؟ بعضهم طرح مشروعا متكاملا، قال بأنهم سيشكلون حكومة وتكون حكومة اختصاصيين وتأخذ صلاحيات استثنائية بتعطيل المجلس النيابي ودوره التشريعي وتصيغ قانون انتخابات، وتأخذ القرار به باتخاذ القانون لأنها تملك الصلاحيات، ثم تجري انتخابات مبكرة وبعد ذلك نغير مجلس النواب والرئاسة ونذهب لانتخابات جديدة، الأمل المنعقد عند أصحاب النوايا الحسنة عند هذا الطرح أن يتغير الطاقم الموجود لمصلحة طاقم آخر عله يكون أفضل، لأننا لا نعلم أحيانا الكرسي ماذا تفعل، أما أصحاب النوايا السيئة الذين حاولوا الاندساس في داخل الحراك أو ما تصرح به أميركا علنا، هم يريدون تغيير الأكثرية النيابية وإيجاد منظومة جديدة تتمكن سياسيا من أن تستوعب المطالب الأميركية وتنفذها، لذلك حساسيتنا البالغة من هذا الطرح له علاقة بأنه طرح غير قابل للتحقيق، يمكن أن يهدم الهيكل، وفي آن معا هناك من يريده من الخارج، أستثني من هؤلاء جميعا أصحاب النوايا الحسنة، لكن لا تكفي النية الحسنة فأنت لا تعمل لوحدك، أنت تعمل وغيرك يعمل وأميركا تعمل وإسرائيل تعمل، كيف تستطيع أن تتجاوز هذه العقبات؟”.
ورأى أنه “علينا أن نعمل للحل ونحن كـ”حزب الله” جزء من الحل، لسنا الحل وحدنا، نحن جزء من الحل، بمعنى أننا إذا ارتأينا حلا متكاملا نعتقد أنه صالح مئة بالمئة، ولم نجد لنا شركاء يساعدوننا بحسب تركيبة البلد ومنظومة البلد وآلية الاختيار بالبلد، نحن مضطرون أن نقبل بأقل من مئة بالمئة، لكن على أن نقترب من الحل قدر الإمكان، وهذا أمر طبيعي لمن يعمل مع الآخرين، ونحن لم نقل يوما بأننا أصحاب الحل وبيدنا الربط والإلغاء والإقرار، دائما كنا نقول نحن جزء والجزء يحتاج تعاون الأجزاء، نحن نرى الآن أن الحل يتمركز بتشكيل الحكومة، وتشكيل الحكومة وفق قواعد التشكيل المعروفة، وهذا يستلزم مجموعة من القواعد، أولا أن تكون الحكومة قادرة على الانطلاق للعمل، لا يهم أن نشكل حكومة كيفما كان إنما حكومة تستطيع أن تعمل بلحاظ الوضع الداخلي وبلحاظ الوضع الدولي، وبلحاظ التعقيدات الموجودة على الساحة اللبنانية، ثانيا أن لا ننجر من خلال تشكيل الحكومة إلى فتنة مذهبية أو فتنة طائفية، وكلكم يعلم من أين تبدأ الفتنة وما هي الخطوات التي تشعلها”.
وشدد على أن “الأولى أن نعرف نحن الذين نختار كيف نتجنب الفتنة التي تطل برأسها إذا كان التشكيل غير ملائم، وخاصة على مستوى اختيار رئيس للحكومة، ثالثا أن تكون هناك سياسات اقتصادية واجتماعية ومالية واضحة لعمل الحكومة القادم، لأن واحدة من مشكلات الحكومات السابقة أنها كانت تعمل بلا سياسات، بلا خطط بلا رؤية، يأخذون من كل واد عصا، أقول لكم أكثر من هذا، الورقة الإصلاحية التي أنجزت بثلاثة أيام كانت تحتاج إلى سنة بالحد الأدنى حتى تكون هذا الورقة (على علاتها)، لكن ببركة الحراك أنجزت بثلاثة أيام، كان حاكم المصرف المركزي يرفض أن تدفع المصارف أو البنك المركزي ألف مليار كدعم حتى نخفف العجز في الموازنة تحت عنوان أن النظام الليبرالي الحر لا يلزم المصارف، بقدرة قادر وعلى الهاتف حصل اتفاق بين رئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان وهو في الخارج، على أن يتبنى مصرف لبنان مع المصارف تمويل خمسة آلاف ومائة مليار ليرة بدل الألف مليار التي كانت مرفوضة بسبب التطورات التي حصلت، وألغيت الضرائب بسحر ساحر، فإذا لا يوجد سياسات اقتصادية اجتماعية مالية، يجب أن تبني الحكومة على سلة من الإصلاحات وجرأة في مكافحة الفساد، والإمساك بمفاصل الهدر واسترجاع الأموال المنهوبة، وأعتقد أن سلطات الرقابة الشعبية يجب أن تبقى حاضرة وأن لا نكتفي بسلطات الرقابة الحكومية إذا قصرت في ذلك، لأنه تبين أن فعاليتها أكبر”.
وأردف “رابعا احترام الآليات الدستورية في اختيار الحكومة، لأن مجلس النواب الموجود يمثل الشعب، هؤلاء نواب منتخبون، منتخبون بسبب طريقة الدعاية والإعلام، منتخبون لأن البعض قصر، في النهاية هؤلاء انتخبهم الشعب، كنت أسمع البعض يقول بإن الذين لم ينتخبوا أكثر، هؤلاء الذين لم ينتخبوا لا يستحقون مكافأة لأنهم لو انتخبوا ربما غيروا بعض المعادلات في بعض الأمكنة، هم انسحبوا من مسؤوليتهم. يوجد آليات ومجلس نيابي يعطي الثقة للحكومة، نحن مع أن تكون الحكومة هي التي تأخذ الثقة من المجلس النيابي ولا يمكن تجاوز خيارات الكتل النيابية، على الأقل خلال مدة هذا المجلس، خامسا أن لا نحقق الأهداف الأميركية في إضعاف لبنان وفرض الشروط السياسية كإخراج الحزب من المعادلة أو الدولة، لن نعطيهم منحة مجانية، ولن نسمح للأميركيين ولا أنتم تسمحون بأن يأخذوا مكسبا سياسيا مجانيا حتى ولو كان هذا المكسب لا يقلب المعادلة ولكنه يشكل خطوة على طريق مكتسبات لطالما حرموا منها بسبب الإنجازات العظيمة التي حققتها المقاومة وشعب المقاومة، من خلال الجيش والشعب والمقاومة ونصر أن هذه المعادلة هي التي أنجزت وهي التي حققت”.
وكشف أن “أمام هذا الواقع، نتوقع أن تنجز الاستشارات النيابية يوم الاثنين ويتم اختيار رئيس للحكومة، نحن كحزب الله لم نحدد إلى الآن ما نعلنه للناس، لكن موقفنا من الاستشارات سنعلنه في وقتها، وأما شكل الحكومة وتفاصيل الحكومة فهذا أمر متروك إلى ما بعد الاستشارات، ليس هناك اتفاق على شيء لكن هناك قواعد سنعمل بوحيها، طبعا نتمنى ونرغب أن يكون جميع الفاعلين وعلى رأسهم التيار “الوطني الحر” مشاركا ومساهما بشكل فعال في الحل”.
وختم: “بكل الأحوال أنا ادعو إلى أن نملك الشجاعة كي لا نبقى في دائرة البكاء والصراخ، بإمكاننا أن ننقذ لبنان ولسنا قوة بسيطة، نحن أقوياء بكم، وأقوياء بهذا الشعب الذي يصرخ، صراخ الجوع لا يعني الضعف ولذلك بإمكاننا أن نضع القيود المناسبة لحكومة يمكن أن تنطلق وتشكل خطوة على طريق الحل، لأن المشوار طويل وبعد هذه التداعيات التي حصلت سيكون هناك معاناة كثيرة، اولا لنعود لما كنا عليه بعد ذلك نتقدم قليلا، ولنواجه التحديات الداخلية والهارجية بكرق مختلفة”.