IMLebanon

حامل شهادة إدارة الأعمال وزوجته أدب عربي.. يواجهان الأزمة

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

تنافس الطابونة الشهادة الجامعية في لبنان، فشح فرص العمل دفع بالعديد من شباب النبطية إلى التخلي عن شهاداتهم، وصعود قطار أعمال من ابتكارهم يحاربون عبرها “عدوهم” البطالة. تخلوا عن حلم الوظيفة صعبة المنال وقرروا الدخول الى عالم الطابونة والاكسبرس وكيوسك “الهوت دوغ” وغيرها من مصالح باتت ملاذ كل شاب فضّل توظيف خبرته العلمية في “مصلحة” من ابتكاره.

اختار محمد علي احمد فرن الطابونة على حياة البطالة، وفضّلت زوجته رق العجين، كلاهما من خريجي الجامعة اللبنانية. محمد ابن بلدة سجد الجنوبية الذي يحمل شهادة في ادارة الاعمال، قرر ان يستثمر دراسته في مشروعه الصغير، يحاول مع زوجته التي تتحضر لنيل شهادة الماستر 2في الادب العربي، تقديم نموذج في الكفاح والتحدي، داخل وطن انتفض شعبه بسبب البطالة.

قبل ثلاثة اشهر افتتح محمد “طابونته”، اختار خريطة طريق جديدة لحياته، بعدما فقد الامل بالعثور على عمل. وداخل فرنه الصغير تتعرف على نضال، شاب انقلب على قيود المجتمع، تخلى عن شهادته لانه بحسبه “ما بطعمي خبز، هي مجرد ورقة تعلق على الحائط”، واختار العجين والصاج والطابونة، مورد رزق له ولعائلته: “اصبحنا في بلد علينا ان نكافح بقوة لنعيش، علينا ان نخترع اعمالنا، لان الاعمال مفقودة، اذا لم نجتر عملنا فاننا نستسلم للبطالة، وهذا ما ارفضه، اوظف خبرتي في ادارة الاعمال في الفرن، فالطابونة تجارة، وان كانت تجارة على قد الحال، ولكن بطعمي خبز”.

يدوّر محمد العجين كمن يدور حياته، يعطيها بعداً جديداً، بعيداً من ابعاد الازمات التي اجتاحت المجتمع، يحاول ان يكون دبلوماسياً في مقاربته لظروف حياته الصعبة، يؤكد انه اختار عمله في الطابونة “ليقدم نموذجاً في الاصرار على كسر حواجز تردي الاوضاع المعيشية، كل انسان قادر ان يقيم عمله، من دون خوف”.

ويقدم هو وزوجته المنقوشة على طريقة “التورتيلا”، وهي طريقة جديدة في عالم “الأفران” ومكنتّه من تغيير نمط “المنقوشة التقليدية”، لانه بحسبه “علينا ان نقدم افكاراً جديدة، بعيدة من الروتين، هذا سر النجاح، يجب ان نخرج من التبعية والتقليد، لنتعلم من الغرب كيف نطور مجتمعنا”.

يتحدث محمد عن تجربته بثقة: “كنت في المانيا وقررت العودة الى لبنان، عملت بالتجارة، والعديد من الاعمال، غير ان توقف الدورة الاقتصادية انعكست سلباً على عملي، فقدت كل شيء، لم يعد بحوزتي سوى الشهادة، دخلت سلك التعليم، غير انني سرعان ما تخليت عنه، الى ان نصحني اخي بفتح مطعم، لكنني فضلت الطابونة، لانها فكرة جديدة وغير مستهلكة، اضف انني اعتمد نمطاً مختلفاً في المنقوشة”.

يبدو محمد كمن يبني منظومة جديدة في بلد يتخبط بالازمات، وبابتسامة تتحدث الزوجة عن تجربتها: “الفرن اعطاني الكثير من السعادة، انا من النوع الذي يفضل العمل الميداني اكثر من الاكاديمي، فالمعلمة التي مارست مهنتها لسنوات عدة بكل حب، قررت ان تصبح فرانة تقدّم المناقيش بنكهة تراثية لزبون يفضل المختلف”. وترفض الانصياع لفكرة “ما في شغل”، تؤكد ان “كل واحد قادر على اختراع فرصته، لا يوجد مستحيل، علينا ان نغامر ولا نستسلم”.

رسم محمد وزوجته صورة مختلفة لسوق عمل يحتاج “حنكة” وتقول الزوجة “أعشق الفرن، علمني كيف اواجه تحديات الحياة”، ولا تخفي ان هناك من ينظر إليها بدونية كفرانة، لكنها تؤكد “انها تفتخر بعملها، فهي تقدم نموذجاً في التحدي داخل وطن لم يعطنا شيئاً”.