شدد النائب والوزير السابق بطرس حرب، في مؤتمر صحافي السبت، على أن “القرار الذي صدر عن النائب العام المالي وطلب اتهامي ومحاكمتي أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بحجة إقدامي على ارتكاب أفعال جرمية متمثلة بالترخيص بتوزيع أموال عامة من شركة تاتش وألفا، من أجل رعاية مهرجانات ونشاطات رياضية واجتماعية من دون سند قانوني وبصورة استنسابية بلغت 9 مليون دولار سنويا، يشكل بنظري مخالفة دستورية خطيرة، ويدلل إلى جهل للقوانين نأسف له”.
وقال: “أسارع إلى القول إن ما سأعلنه اليوم، ليس ردة فعل بقصد الدفاع عن نفسي أو محاولة تبرئة ساحتي مما نسبه النائب العام المالي إلي، بل على العكس، إن ما أقوم به اليوم هو الإصرار على التحقيق في التهمة التي وجهها النائب العام المالي إلي، لتبيان صحتها أو عدم صحتها، ومنع لفلفة الموضوع والاكتفاء بالموقف الإعلامي الفارغ المضمون والنتيجة، والذي اتخذه النائب العام المالي. فبصرف النظر عن رأيي في مضمون الإحالة، وهو ما سيكون موضع بحث لاحق أمام القضاء، أعلن أسفي الكبير لإحالة الملف على مجلس النواب، حيث يرجح عدم الوصول إلى أي نتيجة، كما جرت العادة في القضايا التي أحيلت عليه سابقا، وأسفي لتنازل القضاء الجزائي الممثل بالنائب العام المالي، عن صلاحياته في ملاحقة الأفعال الجرمية الواردة في إحالته، وهو ما سيؤدي إلى عدم إحقاق الحق وتشجيع الفاسدين على استمرارهم في فسادهم من دون خوف من مساءلة أو عقاب”.
وأضاف: “ما أقوم به اليوم، هو إطلاق صرخة ضد لفلفة القضية بإحالة ملفها على مجلس النواب، بشكل مخالف للدستور والقوانين وقرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الصادر العام 2000، والذي اعتبر أن صلاحية النظر في الأفعال الجرمية التي يرتكبها الوزراء في معرض ممارستهم لمهامهم، تعود للقضاء العادي الجزائي وليس للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما هو مخالف للاجتهاد المستقر للنيابة العامة المالية بالذات، والمؤيد لموقف محكمة التمييز المذكور أعلاه. إلا أنني، على الرغم من أنني استغربت تصريح النائب العام المالي، نعم تصريح للاعلام من قاض عن مجريات ملف يحقق فيه وهو ما يخالف القانون كليا، الذي أعلن فيه أنه استدعى ثلاثة وزراء للاتصالات للاستماع إلى إفادتهم، وأنني أحد هؤلاء الوزراء، لم أتردد في المثول أمامه، وأدليت بما لدي من معلومات قد تساعده في التحقيق في الإخبار الذي تقدم به النائب جهاد الصمد، وعما سبق وأثرته شخصيا في الإعلام عن مخالفات أرتكبت قبل تولي الوزارة وبعد أن تركتها. واقتصرت أسئلته على آليات العمل والقواعد التي ترعى عمل الوزارة، ومنها آلية وضع موازنات الشركات المشغلة للهاتف الخليوي، بما فيها الرعايات الاجتماعية والثقافية والرياضية، ولم تتجاوز الجلسة هذا الحد، ولم يطرح خلالها أي سؤال عن أي مخالفات منسوبة إلي. وكانت المفاجأة أن النائب العام المالي اعتبر أني خالفت القانون، وأنه وجه كتابا بتاريخ 20/11/2019 إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بواسطة النائب العام التمييزي، يودعه الملف ويطلب فيه اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاتهامي، مع الوزير الذي سبقني وخلفني، لإقدامي على ارتكاب أفعال جرمية متمثلة بقيامي بالترخيص بتوزيع أموال عامة من شركة تاتش وشركة ألفا، من أجل رعاية مهرجانات ونشاطات رياضية واجتماعية من دون سند قانوني وبصورة استنسابية بلغت 9 ملايين دولار سنويا. وللوزير الذي خلفني باتهامات أخرى كإعطاء ساعات إضافية وهمية للمدير العام لأوجيرو وإجراء مناقصات مخالفة للقانون تسببت بخسارة مليارات الليرات”.
وتابع: “بصرف النظر عن مدى دستورية الإحالة وقانونيتها، أعتبر أن إحالة الملف المتعلق أمام هيئة مختلطة سياسية – قضائية منصوص عليها في الدستور منذ العام 1926، لكنها هيئة لم تنظر في اتهام أي شخص حتى تاريخه، ولن تنظر في أي ملف مستقبلا، تجعل التحقيق في الأفعال المنسوب ارتكابها مني مستحيلا بسبب الأصول التي حددها الدستور وتفرض لاتهام رئيس وزراء أو وزير، أكثرية ثلثي أعضاء مجلس النواب، مما يبقي الشبهة عالقة في ذهن الناس بسبب عدم بتها في مجلس النواب، وهو ما درجت على الاعتراض عليه طيلة حياتي السياسية”.
وختم حرب: “أخيرا، يهمني أن أوضح أنني تعرضت لمحاولة اغتيال جسدي، ولم أدعِ على أحد، وسامحت من فعل وحرض وشارك في جرم محاولة اغتيالي، لإيماني من جهة بالعدالة الإلهية، ولأنني، لما كرست نفسي وحياتي لخدمة شعبي ووطني والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله ونظامه، كنت أعلم أنني أضع نفسي في دائرة الخطر، وكنت ولا أزال، مستعدا للتضحية بحياتي ذودا عن وطني، اسوة برفاقي في ثورة الأرز الذين استشهدوا، إلا أنني لم ولن أقبل يوما بأن يصار إلى تشويه سمعتي واتهامي زورا بأفعال جرمية لغايات معينة من دون أن أدافع عن نفسي، لأني من المؤمنين بأن الكرامة الشخصية أغلى بكثير من السلامة الجسدية”.