Site icon IMLebanon

مساعدة صندوق النقد.. خطوة متسرّعة؟

مع ما وصل اليه لبنان من انهيار اقتصادي وازمة نقدية ومالية وايرادات شبه معدومة، مترافقة مع مماطلة سياسية تطيل أمد الفراغ الحكومي، بات الوصول الى الافلاس يخيف اللبنانيين وهو يقف على عتبة دارهم. وفي حالات افلاس الدول كان اللجوء  الى صندوق النقد الدولي الخلاص الوحيد لانتشالها من ازمتها، الا ان لكل علاج ثمنا يفرضه البنك الدولي مقابل المساعدة يتمثل بشروط قاسية تلزم الدول التي تستعين به. اذ يؤكد الصندوق ان طلب المساعدة مشروط باجراءات اصلاحية يجب تنفيذها لتصحيح اختلالات ميزانية البلد واستعادة شروط النمو الاقتصادي المستدام.

وفي الآونة الاخيرة، بدأ التداول في خيار طلب مساعدة الصندوق في الاروقة السياسية المحلية على اعتباره احد الحلول لمعالجة الازمة، لا سيما بعد موقف وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال كميل ابو سليمان المؤيد واتصال رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فما هي الشروط التي يمكن ان تفرض على لبنان في حال اللجوء الى هذا الخيار؟ وما تداعيات تنفيذها؟

الخبير الاقتصادي والمالي البروفسور جاسم عجاقة اشار عبر “المركزية” الى ان “الاصلاحات المطلوبة ترتبط بتصحيح الخلل في ميزان المدفوعات والمالية العامة، اي ان طابعها مالي، اقتصادي، إداري واجتماعي”. ويعدد البعض منها على الشكل الآتي:

– الخصخصة: هناك لائحة كبيرة من المرافق العامة التي طرحت خصخصتها مثل شركة طيران الشرق الاوسط، شركتي الخلوي، اوجيرو، مرفأي بيروت وطرابلس، مطار بيروت، مؤسسة كهرباء لبنان، شركة الريجي، كازينو لبنان… بالطبع هذا الخيار يبقى الاقسى ومن الافضل اعتماد مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص (بالملكية او خصخصة الادارة).

– عجز الموازنة: من الشروط الاساسية لمؤتمر سيدر التي لم تلتزم بها الحكومة يطلب الصندوق من لبنان اصلاحات هيكلية، اي مداخيل اضافية مُستدامة تُصبح معها ايرادات الموازنة مُستدامة واعلى من النفقات. هذا يعني فرض ضرائب ورسوم اضافية، وخفض الانفاق بشكل مُستدام. وهنا لدينا مُشكلتان: الاولى ان الوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك والثانية ان النفقات وصلت الى مستوى لا يُمكن المسّ فيها إلا بمحاربة الفساد.

– تحرير سعر صرف الليرة: يطلب الصندوق من الدول ان تعوّم سعر صرف عملتها لخفض الضغط على احتياطات المصرف المركزي الناتجة عن عجز ميزان المدفوعات. هذا يُريح “المركزي” لكن له تداعيات سلبية على القدرة الشرائية للمواطن، ويرفع الفقر الى نسبة قد تتخطى الـ50%.

– القطاع العام: في بعض الدول التي نفذت شروط صندوق النقد الدولي، صرف ما يزيد عن 20% من موظفي القطاع العام وتم توظيف جدد “كفوئين ومندفعين”. الى جانب ذلك، يُطلب مكننة الوزارات والمؤسسات العامة وخلق حكومة الكترونية.

– اصلاح سوق العمل: تشمل بالدرجة الاولى خفض كلفة العمالة لخلق ديناميكية وتبعا للتجارب التي عاشتها دول اخرى (مثل اليونان)، يأتي خفض الحد الادنى للاجور (الخاص)، تمديد فترة التجربة عند بدء وظيفة، خفض فترة الانذار في حال الصرف، خفض قيمة تعويضات الصرف، خفض الاعباء الاجتماعية (الضمان)،.. هذه الاجراءات خلقت، في بعض الدول رفضا شعبيا ادّى الى احتياجات كبيرة. وفي لبنان يمكن ضبط العمالة الاجنبية كمرحلة اولى وزيادة الاستثمارات عبر الاداة الضريبية.

– الاصلاح الضريبي: تحسين مستوى الجباية هو اهمّ اصلاح ضريبي يتوجب على الحكومة اللبنانية القيام به بسبب ارتفاع نسبة التهرب الضريبي الذي يفوق الـ4 مليار دولار ويفترض ايضا نشر ثقافة “الخضوع للضريبة” في صفوف المواطنين، والاهم اعادة هيكلة النظام الضريبي.

– مؤسسة كهرباء لبنان: تحرير قطاع الكهرباء وفتح باب الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو الحل الاكثر فعالية.

– الخدمات الاجتماعية: لبنان سيواجه مُشكلة تزايد اعداد المتقاعدين حيث ان هناك اليوم بحدود الـ80 الف متقاعد في القطاع العام و300 الف موظف في القطاع العام سيُصبحون كلهم متقاعدين. من هذا المنطلق من المتوقع ان تخفض التعويضات وان يتم رفع سن التقاعد الى 68 سنة.

واعرب عجاقة عن عدم تأييده حلّ اللجوء الى صندوق النقد الدولي، معتبرا “اننا لم نستنفد كل الخطوات التي يجب اتخاذها قبل طلب المساعدة. اقتراح هذه الفكرة متسرّع فيجب قبل ذلك اعادة هيكلة الدين العام ومكافحة الفساد”. ورأى ان الاستفادة الوحيدة تتمثل في “الضغط الدولي لتنفيذ الاصلاحات”.