اعتبر الرئيس أمين الجميل، أن “الثورة التي يشهدها لبنان منذ ما يقارب الشهرين هي الأمل الأخير للوصول إلى التغيير المنشود، وإن التحدي الكبير اليوم هو المحافظة عليها، ونحذر من اختراقها أو من استخدام القوة المفرطة لقمعها، وخصوصا أننا مقبلون على عمليتي تكليف رئيس للحكومة العتيدة وتشكيلها”.
ورأى أن “ما يشهده لبنان لم يأت كمفاجأة بل كان متوقعا بسبب غياب الحوكمة الرشيدة في البلاد وغياب القيادة في المجالات كافة، إضافة إلى انعدام الحس بالمسؤولية”، معتبرا أن “التخبط الذي نعيشه والفلتان السائد ناتجان أيضا عن تعقيدات النظام السياسي وغياب المحاور اللبناني، فالواقع الراهن مأساوي ليس لبعده الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فحسب، بل لعدم وجود محاور لبناني يعمل على إطلاق حوار في الداخل والخارج لإخراجنا من الأزمة. والأزمة اليوم هي أزمة وجودية، ولا شيء يبشر بأن حلها قريب إذ ليس هناك من محاور يمكن أن يطرح اقتراحات للحل”.
وقال في حلقة حوار عقدت في “بيت المستقبل” في سرايا بكفيا بعنوان “الإنتفاضة الشعبية اللبنانية والمجتمع الدولي” إن “ما نعنيه في الواقع بالمجتمع الدولي هو بعديه الإقليمي والعالمي معا. وأود التأكيد أولا أننا كلبنانيين لا نريد التهرب من مسؤوليتنا، فكلنا معنيون بما آلت إليه الأمور من مسؤولين وأحزاب سياسية ومؤسسات ونقابات، ولا أبالغ إذ اقول أن كل هذه المواقع قد دجنت! ولأزمتنا أيضا بعد خارجي لا يمكننا تجاهله، ولا بد من أخذه بالاعتبار عند مقاربتها ومحاولة فهم مختلف جوانبها كما طرح الحلول لها. هذا البعد الخارجي له جانب إقليمي وآخر دولي. الجانب الإقليمي يتضمن عوامل عدة لكنني اعتبر أن واحدا منها أكثر أهمية ومحورية وهو تدخل إيران في لبنان والعلاقة الثنائية بين البلدين، إضافة إلى الدفع بلبنان إلى اصطفافات إقليمية عبر إلحاقه بمحور الممانعة. في الماضي ولأسباب معروفة، لم يكن بإمكاننا طرح هذا الموضوع، إنما اليوم أعتقد أن طرحه على طاولة النقاش بات ليس فقط ملائما بل ملحا. لا يمكننا إنكار العلاقة الوثيقة بين الأزمة اللبنانية الراهنة والأجندة الإيرانية الإقليمية، لا سيما مع النفوذ الذي يتمتع به حزب الله ضمن الحياة السياسية اللبنانية، وهو الذي أعلن أن مرجعه الأساس هو السيد علي خامنئي، وأكد جهارا أكثر من مرة ارتباطته الوثيق بإيران عقائديا وعسكريا وماليا ولوجستيا”.
أضاف: “يؤسفني القول إننا كلبنانيين عاجزون بوسائلنا الخاصة عن معالجة هذا الأمر الشائك، لكن يمكننا العمل على إيجاد طرف دولي حيادي يطلق مبادرة او حوارا لحل المعضلة الإيرانية في إطار مرجعتين هما القانون الدولي والعدل، ويأخذ على عاتقه حل هذه المشكلة عبر آلية واستراتيجية معينة، بما يسمح للنظام اللبناني بإعادة بناء مؤسساته واستعادة ديمقراطيته. نحن نريد أن نتفاهم مع إيران ويمكن لبلدينا أن يتوصلا إلى أرضية وقواسم مشتركة دون أن تكون العلاقة الثنائية قائمة على التبعية. فإيران تتجاوز القانون الدولي في لبنان وتتجاوز ممارساتها كل المفاهيم الدولية لاسيما لجهة عملها الدؤوب على خلق سيادة موازية لسيادة الدولة. بالنسبة إلى العدل، فتعاطي ايران مع لبنان ليس عادلا، وهو غير منصف وفوقي وأدى في نهاية المطاف إلى انحلال المؤسسات، ومن حقنا كلبنانيين المطالبة باستعادة دولتنا وبأن تكون علاقاتنا مع كل الدول وفق هاتين المرجعيتن، كما من واجب المجتمع الدولي مساعدتنا في هذا الأمر”.