IMLebanon

بري يحذر من مجاعة.. والتأليف “شبه مستحيل”

لا تبدو طريق الإستشارات النيابية المٌلزِمة والمحدّدة الاثنين لتكليف رئيس الحكومة العتيدة معبّدة بالتوافُق. وإن كانَت المُعطيات حتى ساعات الليل المتأخرة أمس تقاطعت حول إمكان ألا يجتاز الرئيس سعد الحريري لعتبة الستين صوتاً من أصل 128 نائباً، إلا أن شكل الحكومة سيجعل مهمّة التأليف «شبه مستحيلة» وفق أكثر من مصدر سياسي. فالظروف والعوامل المحيطة بعملية التأليف باتت متشابكة الى حدّ «مسدود»، ولا تقلّ نتائجها غموضاً ومأسوية عن مصير البلد المالي – الإقتصادي وسطَ توقعات بتسارع وتيرة الانهيار والنكبات المعيشية التي حذّر رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن تفضي الى «مجاعة»!

سياسياً، منذ تأجيل موعد الإستشارات، لم تتغيّر سقوف التفاوِض عند الأفرقاء الأساسيين في فريق 8 آذار – التيار الوطني الحر. التيار يرفُض المُشاركة في أي حكومة برئاسة الحريري، فإما حكومة أخصائيين من رئيسها الى وزرائها، وإما مشاركة الوزير جبران باسيل أسوة بالحريري. وإنطلاقاً من هنا، يقِف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طرفاً الى جانِب تيار «العهد» من دون أن يُعطي الحريري وعداً بالمشاركة عبر وزراء يُمثلونه إذا لم تكُن هناك حصّة للتيار فيها. فيما يتمسّك كل من حزب الله وحركة أمل بحكومة شراكة برئاسة الحريري لاعتبارات داخلية وخارجية، أو برئاسة أي شخصية يوافِق عليها الأخير، مع فارِق يتمثّل بعدم تسمية الحزب للحريري اليوم في الإستشارات على عكس قرار بري بتكليفه. أما من ناحية الحريري، فقد تولّى أحد المقربين منه عشية الإستشارات توجيه رسالة الى المعنيين عبر وكالة «رويترز» يُعيد التأكيد فيها أنه «يجب أن يكون واضحاً لأي شخص يرشح الحريري أنه سيشكل حكومة خبراء فحسب».

شعبياً، فإن اليومين الماضيين كشفا بأن أوراق الإعتماد التي تقدّم بها الحريري للشارع عبرَ استقالته، ومحاولته ركوب موجة الإنتفاضة، لم يُسعفاه للهرب من تحمّل المسؤولية ومساواته بباقي القوى السياسية المتهمة بالفساد. تبيّن من خلال التحركات التي حصلت أمس أن الحريري لا يزال من ضمن شعار «كلّن يعني كلّن» عند غالبية المجموعات. وبالتالي فإن النصاب النيابي المنقوص يأتي مرفقاً بتفويض شعبي ضعيف، رغم تحريك تيار المستقبل بعض الجماعات التابعة له في الشارع للإيحاء بأن المنتفضين لا يعارضون إعطاء فرصة للحريري بعدما تبنّى مطلب تأليف حكومة تكنوقراط. مشهد عكس انقسام الشارع الذي عاد بعد ظهر أمس الى وسط بيروت في ما أسماه «أحد التشبيك» رفضاً لحكومة يرأسها أحد أطراف الطبقة الحاكمة، وتطوّر ليلاً الى مواجهات مع القوى الأمنية التي بدأت تستخدم القوة في مواجهة المتظاهرين، فتحولت شوارع بيروت لا سيما في محيط مجلس النواب الى ساحات حرب وكر وفر استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي.

هذه المواجهة السياسية والشعبية التي سبقت الإستشارات، تعني دفع البلاد الى سيناريو واحد. إن لم تحصل أي مفاجأة تؤدي الى تأجيل الإستشارات، فإن الحريري سيصير رئيساً مكلفاً، لكن التأليف سيكون مفتوحاً على أزمة قد تمتدّ لأسابيع أو ربما لأشهر تقود البلاد الى سقوط حتمي، في ظل ترجيحات بألا تنال حكومة الحريري الثقة في حال كُتبت لها الولادة.