كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
كشف التسجيل الصوتي الذي سرّب عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأحد كهنة أبرشية صيدا المارونية والذي حذر فيه من “مجاعة” قادمة على لبنان خلال الاشهر المقبلة، مدى سوداوية المشهد اللبناني المتداخل والمعقد، في ظل استمرار الخلافات السياسية وعدم استجابة المسؤولين لمطالب الحراك الاحتجاجي الذي دخل شهره الثالث، من دون أن تلوح في الأفق أي مؤشرات ايجابية رغم تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة.
والتسجيل الذي أثار قلقاً كبيراً بين المواطنين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم رغم مسارعة المطرانية الى توضيح المقصود منه، لامس بكلماته وجع الناس، لا سيما بعد الغلاء وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الاساسية، ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض السيولة وقيمة الرواتب والتلاعب في سعر صرف الدولار الاميركي أمام الليرة اللبنانية… والحبل على الجرار نحو الأسوأ. وقد تضمن التسجيل الصوتي دعوة للاستعداد الى الأيام السوداء، وتحذيراً من مجاعة مقبلة على لبنان، حيث سيعاني اللبنانيّون طوال السنوات الثلاث المقبلة قبل انطلاق العهد الجدي، قبل أن توضح أمانة سر المطرانية المواقف وأنّه “لا علاقة لبكركي ولا لسيدها بهذا الكلام لا من قريب ولا من بعيد”، مشيرة الى أنّ “المواقف التي اطلقت تنبع من حماسة الكاهن وغيرته الراعوية لتنبيه أبناء رعيته من أجل التضامن كجماعة كنسية في مواجهة أي أزمات قد تستجد على الصعيد الاجتماعي، لكن على ما يبدو، فقد استفاض في التوصيف وفهم كلامه في غير محله”.شجرة… وثورة
ومع دخول الحراك شهره الثالث، بدا التحدي الكبير في استمراره بعد تراجع أعداد المشاركين، وفي تفعيل نشاطاته وابتكار أساليب جديدة للتعبير عن المطالب المحقة، التي تتوزع بين العامة لجهة الإسراع بتشكيل حكومة انقاذ ووقف الهدر والفساد واستعادة الاموال المنهوبة، وبين الخاصة من خلال تسليط الأضواء على قضايا المدينة ومعاناة أبنائها، بدءاً من مستشفى صيدا الحكومي وصولاً الى المستشفى التركي التخصصي لمعالجة الحروق والجروح والمقفل منذ سنوات.
ميدانياً، في “ساحة الثورة” في “تقاطع ايليا” في صيدا، حسم الحراك الشعبي الجدل حول شجرة الميلاد. فبعد طرح إقامتها من اطارات مختلفة الاحجام والانواع والبدء بتشكيل هيكلها، تعبيراً عن الجوع والفقر، جرت إزالتها ورفعت شجرة اصطناعية خضراء، كما جرت العادة وهي بطول حوالى سبعة أمتار تجسيداً لقيم العيش المشترك والوحدة الوطنية التي تميزت بها صيدا وجوارها.
وفيما انشغل عدد من متطوعي الحراك بتزيين الشجرة، أوضح القيمون لـ”نداء الوطن”، “لقد أردنا أن تكون هذه الشجرة الميلادية هذا العام تحديداً، رسالة محبة وسلام تحت شعار “شجرة الميلاد تنير مطالب الثورة المجيدة”، على أن تتم دعوة اهالي المدينة لتعليق مطالبهم عليها، على أمل ان يحمل العيد معه خلاص الوطن بتحقيق مطالب الشعب، وتوجيه دعوات رسمية للهيئات الروحية المسيحية في المدينة لإضاءة هذه الشجرة الميلادية”.
دعم المستشفيات
ميدانياً، حضرت قضايا المدينة العالقة في برنامج الحراك، الذي حرص على تنظيم وقفة احتجاجية في الذكرى السنوية التاسعة لتدشين المستشفى التركي التخصصي في صيدا، وذلك عند مدخله الموصد في منطقة الاولي – شمال المدينة، حيث أكد المشاركون لـ”نداء الوطن” ان “الهدف رفع الصوت عالياً من أجل افتتاح المستشفى سريعاً، لأن استمرار اقفاله بسبب الخلافات وتحت مبررات مختلفة، يشكل فضيحة من العيار الثقيل بسبب المحاصصة والاهمال معاً”.
في المقابل، نظم موظفو مستشفى صيدا الحكومي اعتصاماً أمام مدخل المستشفى استنكاراً لتأخر وزارة المال عن صرف سلفة المليار ونصف المليار المستحقة للمستشفى، حيث ألقى رئيس لجنة العاملين في المستشفى خليل كاعين، كلمة قال فيها: “لقد رفعنا الصوت عالياً من أجل رواتبنا التي لم نقبضها منذ حوالى ثلاثة أشهر ونصف. وهذا التأخير ناجم عن تأخر وزارة المال في صرف السلفة التي أقرت في شهر آب من هذا العام والتي تقدر بقيمة مليار ونصف”. أضاف: “سنعطي مهلة حتى يوم الإثنين كي يتم الإفراج عن أموال المستشفى، وإلا سنصعد تحركاتنا. هذا المستشفى للناس، ونحن لا نريد إقفاله، إرأفوا بالناس وبالموظفين الذين يعتاشون منه والذين يقدر عددهم بحوالى 300 موظف. ومن خلال تواصل إدارة المستشفى مع وزارة المال قيل لنا إن الموضوع متعلق بحاكم مصرف لبنان، وبرأينا هم يتقاذفون المسؤولية من مكان إلى آخر. نحن كقطاع صحي نطالب بإعطاء مؤسستنا السلفة كي نعيش بكرامة، وعلى وزير الصحة التدخل للافراج عن هذه السلفة”.