Site icon IMLebanon

هل نصل الى الـ«Employment control» لحماية الموظفين؟

كتبت ماريا منصور في “الجمهورية”:

بعدما بدأ تطبيق الضوابط على الرساميل في المصارف، واصبحت عبارة «كابيتال كونترول» مألوفة لدى اللبنانيين، بدأت تلوح في الأفق عبارة جديدة قد يألفها الناس لاحقاً، انّها الـEmployment control والتي قد يُصار الى اعتمادها لحماية الموظفين من حالات الطرد الجماعي التي ترافق الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة في هذه المرحلة.
في ظلّ الأزمة الاقتصادية، أغلقت مؤسسات أبوابها وأعادت اخرى دراسة ميزانيتها بعد تراجع الارباح نتيجة الإقفال من جراء قطع الطرقات والجمود الاقتصادي العام. ونظراً الى قلة السيولة الناجمة عن اجراءات اتخذتها المصارف، زاد الوضع سوءاً. وشعر المواطنون بالقلق حيال غلاء الاسعار.

في هذه الاجواء التشاؤمية والسوداوية، لجأت مؤسسات الى اسلوب الاقتطاع من رواتب موظفيها، وعمدت أخرى الى صرف بعض عمالها، وتحوّل الأمر الى ما يشبه الصرف الجماعي في بعض الشركات.

بعد تدخّل وزارة العمل منذ فترة للحدّ من منافسة القوة العاملة الاجنبية للعمال اللبنانيين، تحرّكت هذه المرة بعد تزايد طلبات الصرف من قِبل المؤسسات وشكاوى المصروفين من عملهم.

وشكّل وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال كميل ابو سليمان، لجنة من ستة موظفين لدرس الطلبات المُفترض ان تقدّمها المؤسسة قبل شهر من الصرف، مرفقة بالبيانات المالية والمستندات التي تؤكّد الجدوى الاقتصادية من الصرف.

ولفت وزير العمل في حديث له عن ازمة الصرف، الى انّ بعض المؤسسات تتقدّم بطلب صرف جماعي استباقياً، اي كي لا تتشكّل عليها اعباء مالية لاحقاً.

كيف ينظر قانون العمل الى هذه الحالة ؟

لا يمكن لتدخّل وزارة العمل ان يمنع المؤسسات المتضررة من الوضع الاقتصادي من الصرف بحسب القانون، وانما هو تدخّل لمحاولة تخفيف الصرف، وذلك عن طريق تقديم التحفيزات. لذلك تقدّم وزير العمل بطلب من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتصويت على تمديد مدة براءات الذمة وتأجيل دفع الاشتراكات لأربعة أشهر للمؤسسات التي لا تصرف موظفيها.

وهذه السياسة التي تعتمدها الوزارة هي من السياسات التي تعتمدها الدول عادة لتفادي ارتفاع او بعد ارتفاع نسبة العاطلين من العمل. ولكن تقيّد المؤسسات بها غير الزامي، ومطالبة وزارة العمل المؤسسات بالتضامن الاجتماعي في هذه الظروف صعب جداً على المؤسسات الصغيرة.

انّ السياسات الاقتصادية الاستباقية التي تعتمدها الدول للحدّ من البطالة اساسية، نظراً للنتائج السلبية الاقتصادية والاجتماعية التي تترتب عنها. ولكن، في مثل هذه الظروف لا بدّ من معرفة الوسائل التي تشكّل مخرجاً من الأزمة بدل التحسر على الماضي.

على سبيل المثال، يمكن إلقاء الضوء على تجربة كوريا الجنوبية في الخروج من أزمتها الاقتصادية عام 1997، عندما طلبت المساعدة من صندوق النقد الدولي، الذي اشترط عليها إصلاحات هيكلية.

وبحسب دراسة تناولت هذه الأزمة، نجحت كوريا في تحسين ظروفها في سنة ونصف السنة، باعتماد سياسات اقتصادية محدّدة، منها: دعم الشركات التي تحاول ابقاء الموظفين في عملهم مالياً، او من خلال نظام تأمين العمالة، خلق فرص عمل جديدة بعيداً من القطاع العام من خلال مساعدة قيام شركات جديدة، تنمية مهارات العاطلين من العمل، تأمين الحماية الاجتماعية للعاطلين من العمل منذ فترة طويلة بتأمين العناية الصحية والتكاليف التعليمية…

صحيح انّ الظروف تختلف بين دولة واخرى، ولكن الفكرة الاساسية من عرض هذه التجربة هي انّ تخصيص ميزانية للحدّ من البطالة امر ضروري، وهكذا يكون «الكونترول» الحقيقي للأزمة.

انّ نسبة البطالة في لبنان مرتفعة نتيجة أسباب عديدة. وجاءت الأزمة الاقتصادية لتزيد الطين بلّة. وإذا لم تتألف حكومة إنقاذية في أسرع وقت سيزداد الأمر صعوبة. فالمواد الاولية ستنفد قريباً والمصانع والشركات ستغلق ابوابها، والمصارف سيتأزم وضعها اكثر، ولن ينفعنا بعد ذلك أي «control».