تحت وطأة الضغط، عُقد مساء السبت اجتماع بعيداً عن الأضواء بين عون والحريري أكدت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» بأنه «كان سلبياً جداً». ففيما حاول الحريري مهادنة عون مؤكداً أن «ما يحصل ليس ضده ولا ضد العهد»، قالت المصادر إن «رئيس الجمهورية كان جامداً جداً». وبحسب المعلومات «طلب الحريري من الوزير السابق غطاس خوري التواصل مع القصر الجمهوري لتحديد موعد».
ورأى عون أن «هذا الطلب يناقض ما يقول الحريري لجهة أن التكليف يجب أن يحصل قبل التأليف». وفي الإجتماع حاول الحريري «إقناع عون بالتدخل لدى تكتل لبنان القوي للحصول على أصواته، لكن عون كانَ جازماً بأن التكتّل لن يصوت له. كما أنه لم يُعطِ إجابة صريحة وحاسمة حول مشاركته في الحكومة بوزير أو أكثر»، علماً أن «حزب الله كان يفضّل مشاركة عون بوزير بحقيبة سيادية».
وأشارت المصادر إلى أن الحريري في الأيام الماضية تواصل مع عدد من نواب التيار الوطني وتحديداً الذي خرجوا أخيراً من عباءة باسيل محاولاً استمالتهم للتصويت له بوعدهم بالحصول على وزارات! لكن التيار الوطني يؤكّد أنه من «المستحيل المشاركة في حكومة يرأسها الحريري، وهذا الأمر غير قابل للبحث، وأن مآخذ التيار على الحريري تختلف عن مآخذ حزب الله عليه».
هذا الموقف عبّر عنه بصراحة باسيل في مقابلة خاصة مع قناة «الجزيرة» واستبعد «نجاح أي حكومة يقودها الحريري»، مبرراً ذلك باستمرار السياسات الاقتصادية القائمة على الاستدانة ورفع قيمة الفوائد وزيادة الدين العام. وفجراً، أعلنت القوات اللبنانية أنها لن تسمّي أحداً لرئاسة الحكومة، ما يمكن ان يجعل عدد الأصوات التي سينالها الحريري أقل من ستين نائباً. وسيمنح تيار المردة أصواته لرئيس الحكومة المستقيل. لكن ما تقدّم لا يعبّد الطريق امام تأليف الحكومة، ربطاً بغياب «المكوّن المسيحي» عنها، في ظل إصرار التيار الوطني الحر والقوات على عدم المشاركة.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الحريري سيكلف اليوم بتشكيل الحكومة، لكن التأليف سيكون بالغ الصعوبة»، مشيراً إلى أن «تشكيل الحكومة هو أول خطوة في طريق إنقاذ البلد». وأكد الرئيس برّي لـ «الأخبار» أن «ذلك يجب أن يحصل بشكل سريع لأننا لا نملك ترف الوقت، وإلا سنكون أمام منزلقات خطيرة قد لا تكون هناك إمكانية لتفاديها في ما بعد في ظل خطورة الوضعين المالي والإقتصادي»، محذراً من «حصول مجاعة». واعتبر برّي أن «زيارة الديبلوماسي الأميركي ديفيد هيل لبيروت لمعاينةِ ما يجري تأتي في إطار محاولة تثبيت عنوان حكومة التكنوقراط»، مع ترجيح بأن «يثير الزائر الأميركي خلالها موضوع الترسيم والبلوك رقم 9»، حيث سيلتقي رئيس المجلس يوم الجمعة المقبل.
خارجياً، تأخذ الأزمة اللبنانية مساحة واسعة من اهتمام المجتمعين العربي والدولي، وكان بارزاً تصريح للرئيس المصري عبد الفتاح السياسي حذر فيه من أنه «لو تطوّر الأمر في لبنان إلى أكثر من ذلك ستكون الأزمة غير مقتصرة على سورية وستكون هناك مشكلة كبرى في لبنان».
وقال السيسي خلال كلمته في جلسة سبل تعزيز التعاون بين دول المتوسط في مواجهة التحديات المشتركة ضمن فعاليات منتدى شباب العالم: «دخلنا الآن في الأزمات المتسلسلة، أزمة تترتب عليها أزمة أخرى». وأضاف «ماذا لو تطوّر الأمر أكثر في لبنان؟ إذاً عندنا سورية، وبعدها لا قدّر الله عندنا لبنان. وتالياً الأزمة لم تعد على قدر سورية فقط والنازحين الذين خرجوا منها، لا بل ستضاف مشكلة أخرى، وإضافة الى مليوني نازح موجودين في لبنان الآن، ماذا سيحصل في رأيكم لو الأربعة أو خمسة ملايين لبناني ايضاً، لا قدّر الله، وأرجو ألا يكون كلامي يزعّل، دخلوا في هذه المشكلة.. يعني يضطرون ويحصل في شكل أو آخر نزوح (لهم) إلى أوروبا أو دول جوار أخرى»!
أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فقال «إن على السلطات السياسية اللبنانية التحرك لوضع حدّ للأزمة التي تشل البلاد». وأضاف «بعد وقت قصير، سيجد البلد صعوبة في التزود بالمواد الأساسية. وقد بدأت بعض الشركات تتوقف عن دفع الأجور. من الملحّ للغاية التحرك».