كتبت إيفا أبي حيدر في “الجمهورية”:
وافقت سويسرا على إدراج لبنان ضمن لائحة الدول المعتمدة من قبلها لتبادل المعلومات الضريبية. وعلى عكس ما اشيع، انّ هذا القرار خطوة كبيرة في اتجاه مكافحة الفساد وتبييض الأموال، تبين انّه لمكافحة التهرّب الضريبي فقط ولا يكافح الفساد السياسي واختلاس الاموال العامة والإثراء غير المشروع.
صدّق البرلمان السويسري في 10 كانون الاول الماضي على اتفاق التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية (AEOI) مع 18 دولة من بينها لبنان. وفيما ذهبت بعض الاطراف الى اعتبار هذه الخطوة انجازاً سيتمكن من خلالها لبنان من استعادة اموال الدولة المنهوبة من كبار السياسيين، يبدو انّ هذه الخطوة لا تعدو كونها أكثر من نافذة في اتجاه مكافحة التهرّب الضريبي، عدا عن انّها لن تدخل حيّز التنفيذ قبل العام 2021.
وكان وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل قد أعرب أمس في تغريدة له عبر «تويتر» عن ارتياحه «لتجاوب السلطات السويسرية مع طلب وزارة المالية إدراج لبنان ضمن لائحة الدول المعتمدة من قِبلها لتبادل المعلومات الضريبية، والتي اقترنت أخيراً بموافقة البرلمان السويسري، بما يتيح المساعدة في مكافحة الفساد وتبييض الأموال وفي تعزيز مطالبات الكشف عن الأموال المنهوبة المشتبه بوجودها في الخارج».
في هذا السياق، أوضح الخبير القانوني بول مرقص لـ«الجمهورية»، انّ اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية تعني انّه كما يقوم لبنان بتزويد بلدان العالم وسويسرا من ضمنها بالمعلومات الضريبية عن مقيمين لديه، استناداً الى قانون تبادل المعلومات الضريبية الصادر عن مجلس النواب في 2016، وافقت الآن سويسرا بدورها على تزويد المركزي بمعلومات يتمكّن من خلالها من تحصيل 10 في المئة على الفوائد المصرفية من المكلّفين اللبنانيين التي يجنونها من ايداعاتهم في الخارج.
واكّد مرقص انّ قرار سويسرا ادراج لبنان على لائحة الدول المعتمدة من قبلها لتبادل المعلومات الضريبية، لا يخوّل اي فرد ان يتقدّم بصفة شخصية بطلب الاطلاع على الحسابات المصرفية، او على حسابات المسؤولين او اي فرد اودع امواله في مصارف سويسرا.
وأكّد مرقص رداً على سؤال، انّ سويسرا لن تفصح عن اي معلومات تتعلق بحسابات مصرفية لغير غايات ضريبية ولغير بلدان. واوضح انّ هذا الموضوع يرتبط بما يُعرف بـCRS اي common reporting standards الصادر عن منتدى الشفافية الدولية والتي تجعل الدول تتبادل في ما بينها، ولاغراض ضريبية فقط لا غير، معلومات عن حسابات المقيمين فيها. على سبيل المثال، تفيد سويسرا بموجب هذه الاتفاقية عن اي حسابات لأي مقيم في لبنان ولديه حسابات في الخارج، حتى يتمكّن لبنان ان يجبي منه ضريبة عن الفائدة طالما انّ الفائدة هي ربح.
وعن اعتبار هذه الخطوة ممراً في اتجاه كشف السرية المصرفية عن الأموال المنهوبة او تلك العائدة الى سياسيين قال: «وفقا للخبر المنشور، هذا القرار لا علاقة له بالاموال المنهوبة انما محصور فقط بتبادل المعلومات الضريبية».
وأضاف: «انّ سويسرا لن تفصح عن هكذا معلومات لغير غايات ضريبية»، لافتاً الى انّ اموال السياسيين ليست محصورة فقط في سويسرا انما ربما في أكثر من بلد، كما يمكن ان تكون الحسابات بأسماء مستعارة او بأسماء شركات يؤسّسها سياسيون في الخارج أو يملكون الشركات التي تتملّكها.
وكان خليل عرض مع المديرين المختصين في الوزارة للنتائج التي ستترتب على موافقة الدولة السويسرية لتفعيل الاتفاقية بين لبنان وسويسرا، بعدما اقترن موضوع الموافقة هذه، والتي جاءت بناء على تجاوب الدولة السويسرية مع طلب وزارة المالية اللبنانية إدراج لبنان ضمن لائحة الدول المعتمدة من قِبلها لتبادل المعلومات الضريبية، بموافقة البرلمان السويسري في العاشر من كانون الأول الجاري، باعتباره يمثّل خطوة كبيرة باتجاه مكافحة الفساد وتبييض الأموال، كما ويعزز مطالبات كشف السرية المصرفية عن الأموال المنهوبة التي يشتبه بوجودها في المصارف السويسرية.
وكانت وزارة المالية ومنذ توقيع لبنان على اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات لغايات ضريبية، بدأت بالطلب من دولة سويسرا إدراج لبنان ضمن لائحة الدول المعتمدة من قبلها لتبادل المعلومات الضريبية، حيث تمّ ايداع المنتدى الدولي للشفافية لائحة الدولة التي يرغب لبنان التبادل معها ومن ضمنها دولة سويسرا (الملحق F من اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات المرسلة في 6/12/2017 و 10/3/2018 و 30/10/2018)، ومن خلال مراسلة السلطات الضريبية السويسرية مباشرة» في 20 آذار 2019، وقد تجاوبت السلطات الضريبية السويسرية مع طلب وزارة المالية وقد أبلغتها بذلك، في 8/4/2019 مشيرة الى انّها ستتخذ الإجراءات القانونية بهذا الشأن، كما وأنّ السلطات السويسرية أبلغت وزارة المالية في عدد من المراسلات من سفارة لبنان في الاتحاد السويسري من خلال وزارة الخارجية والمغتربين في 14/6/2019 و 17/10/2019 حول الإجراءات القانونية التي تتبعها الدولة السويسرية لتفعيل الاتفاقية بين لبنان وسويسرا، ولاسيما عرض الموضوع على البرلمان السويسري للموافقة، حيث اقترن الموضوع أخيراً بموافقة البرلمان بتاريخ 10/12/2019.