بقدر التفاؤل الذي يحاول ان يعممه بطبعه الايجابي، يبدي رئيس الحكومة السابق تمام سلام تشاؤما ازاء الوضع العام في البلاد. هو لا يرى نافذة حل ولا بصيص امل حتى، ويخشى المزيد من الانزلاق في مستنقع الانهيار الذي يقبع فيه، خلال اشهر على الارجح، “ما دامت العقلية المتحكمة بالسلطة السياسية مبنية على قاعدة المحاصصات والأنانيات والتسلط والاستئثار وبناء العروش على حساب الشعب”.
لم يكن سلام يوما على هذا القدر من الاحباط ازاء مصير الوطن. يحاول ان يبحث في مكان ما عن خرم ابرة يمكن النفاذ عبره الى بر الامان فلا يجد. لا يتوانى عن التحذير من مغبة اللعب بالتوازنات بين المكونات اللبنانية لأن المسّ بها دونه عواقب وخيمة، على الجميع ان يعي مدى خطورتها.
يقول سلام، لـ”المركزية”: “إن أداء السلطة لا يتناسب وطبيعة المرحلة البالغة الخطورة”، سائلا: “كيف يُعقل ألا يهبّ القيمون على شؤون البلاد الى البحث سريعا عن حل انقاذي؟ وهم عوض ان يعلنوا حال الاستنفار الذي يقتضيه موقع المسؤولية الذي يتمركزون فيه، يعاينون بأم العين الاندفاع السريع للبلاد والعباد نحو قعر الهاوية من دون ان يرف لهم جفن، وأكثر يمعنون في خلافاتهم على تقاسم جبنة الوطن حكوميا، ويخرقون الدستور تكرارا بتأليف قبل التكليف وبإرجاءات متتالية للاستشارات النيابية بما تعني الزاميتها، معللين خروقاتهم هذه بالحرص على عدم تضييع الوقت بالتأليف فيما مضى حتى الساعة اكثر من خمسين يوما على استقالة الحكومة من دون ان يُكلَف من يشكل اخرى بديلة انقاذية، كما يفترض بأدنى الايمان ان تشكل خلال ايام لا اسابيع، نسبة لحراجة المرحلة وخطورتها”.
ويضيف: “لم تصب “القوات اللبنانية” في قرار عدم تسمية الرئيس سعد الحريري الذي يُصر على تشكيل حكومة تكنوقراط، اذ بحجبها الميثاقية المسيحية عن تكليفه الى جانب تكتل “لبنان القوي” اسقطت محاولته تشكيل حكومة اختصاصيين سريعا وتقديمها الى رئيس الجمهورية خلال اسبوع فإما يقبلها او يرفضها وآنذاك، وفي حال رفضها يكون الحريري رد الكرة الى ملعب المعنيين وقد صفى النيّة وأدى الواجب وليتحمل المسؤولية من بقي في الحكم”.
في أسباب تشاؤمه، يقول سلام إن “الستاتيكو السياسي القائم داخليا وتقاطع مصالح بعض القوى السياسية عند نقطة عدم التخلي عن السلطة والانكفاء العربي عن مساعدة البلد الشقيق والافادة الغربية من جانب معين من هذا الوضع، كلها عوامل تسهم في انسداد تام لنافذة الامل التي كانت تُفتح إبان الازمات السابقة التي عصفت بلبنان. حتى ان فرنسا التي تتحرك من موقع الدعم التاريخي للبنان لم يصل مستوى المجهود المبذول لاسيما على خط التواصل مع ايران الى حيث يمكن ان يصبح مؤثرا في فرملة الانهيار”.
وعن الانتفاضة ومستقبلها، يعتبر رئيس الحكومة السابق أنه “ليس في وارد الانكفاء ولا التراجع، فكلما امعنت السلطة بأدواتها المتنوعة في استهدافه زاد الثوار عزيمة وصمودا خصوصا ان من بين هؤلاء شريحة واسعة جدا من المثقفين الواعين الذين يخطّون مستقبلا جميلا للبنان يحلمون به حيث للدولة القوية وحدها الكلمة والقرار، دولة اللا فساد المنزّهة عن الصفقات والسمسرات ونهب الخيرات”. أما مدخل هذه الدولة، في رأي سلام، فهو القضاء المستقل، “وأين نحن من هذا القضاء في ضوء ما يُسجل من تدخلات في الجسم القضائي المنهك بفعل اقتحامه سياسيا، والشواهد اكثر من ان تعدّ؟ لكنّ، في هذا الجسم بالذات علامة مضيئة يسجلها الاداء المتمايز للمجلس الاعلى للقضاء ورئيسه القاضي سهيل عبود الذي يدفع في اتجاه استقلالية القضاء عن السياسيين، على امل ان ينجح في مهمته”.