كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
لا جديد في هجمات ليل أمس الأول سوى الذريعة التي استغلتها الجهة نفسها التي تتجمع عند مفرق الخندق في كل مرة لتتوجه نحو ساحتي رياض الصلح والشهداء وتعتدي على الثوار وعلى القوى الأمنية عندما تحاول كبح مخططهم. تذرع هؤلاء الشبان هذه المرة بانتشار شريط مصور يظهر الشاب سامر الصيداوي، المقيم خارج لبنان، وهو يشتم الطائفة الشيعية وأهل بيت النبي محمد للهجوم على الساحتين وسط بيروت.
وكرروا هتافاتهم الطائفية التي واجهوا فيها المتظاهرين منذ الأيام الأولى للثورة.إذاً، تلقف الشبان المعارضون للثورة الشريط المصور، واتخذوه ذريعة للاعتداء مجدداً على ساحتي الاعتصام التي لطالما طاولتها اعتداءاتهم، ومحاولة حرق الخيم وسط بيروت. وتحولت الهجمات لاشتباكات بين المعتدين والقوى الأمنية، التي منعتهم عن دخول ساحتي رياض الصلح والشهداء. لكنهم تمكّنوا من الاعتداء على مواطنين وعلى الأملاك العامة والخاصة وأحرقوا عدداً من السيارات وسط بيروت.
أما خارج بيروت فقد قام عدد من الشبان بالاعتداء وتكسير الخيم في النبطية والفاكهة وصيدا، في إصرار على الاعتداء على الثوار الرافضين للخطاب الطائفي والمذهبي ورافعي الشعار الوطني الجامع.وقبل تعميم الشريط المستنكر وانتشار الأخبار عن شتم رموز دينية، بدأ عدد من الشبان بالتجمع عند نقطتهم المعتادة، بالقرب من جسر الرينغ استعداداً للهجوم المعتاد على ساحتي رياض الصلح والشهداء. فبعد الفشل في التصويب على مشاركة طرابلسيين في التظاهر أمام البرلمان في الليلة السابقة ومحاولة إثارة الفتنة، عبر القول بأن متظاهرين قدموا من طرابلس لاستهداف رئيس مجلس النواب نبيه بري، أتى نشر الشريط المصور ليصب الزيت على نار الشبان المستعدين دوماً للهجوم على الساحات. فاتخذه هؤلاء ذريعة جديدة، لتكرار اعتداءاتهم على الساحتين.
وتحولت القوى الأمنية هدفاً لهؤلاء، فاشتبكوا معها ورشقوها بالحجارة لساعات، ردت خلالها بقنابل الغاز المسيلة للدموع في محاولة لتفريقهم وإرجاعهم إلى الخلف. وعمل الشبان على إحراق وتكسير عدد من السيارات المدنية التي كانت في المكان، وأصيب صاحب إحدى السيارات بجروح. وقبل نشر فيديو الصيداوي، انتشر فيديو آخر قيل انه من منطقة السعديات يظهر شباناً يقطعون الطريق ويحرقون علماً لحركة أمل ويشتمون بري.
تنبه الثوار للأمر وحذّر عدد منهم من مخطط الفتنة الذي يبدو أن السلطة تستخدمه بهدف إفشال ثورتهم، وحذروا من الإنجرار إليه مؤكدين أن هذه الفيديوات عمل مخابراتي. وسرعان ما صدقت هذه التحذيرات، وانتشر فيديو الصيداوي. ليبدأ بعدها الشبان هجومهم مكررين هتافات مذهبية. وكرروا خطاب الاستقواء ذاته وهدد بعضهم بقدرتهم على إحتلال لبنان خلال 24 ساعة، مستذكرين أحداث 7 أيار باعتبارها ما يدل على هذه القدرة. وهو ما استدعى تدخل رجال دين من الطائفتين السنية والشيعية لمحاولة تطويق الحادثة ومنع الفتنة. فخرجت مرجعيات شيعية تحذر من الوقوع في الفتنة وأخرى سنية تحرّم شتم أهل البيت، وناشد إمام مسجد الخندق الغميق الشبان الخروج من الشارع. وعملت قيادات من “أمل” و”حزب الله” على الأرض “لاقناع الشبان بالخروج من الشوارع مع دعوات لعدم الانجرار الى الفتنة”.
وبعد الليلة التي حاول فيها البعض إشعال الفتنة مستغلاً فيديو أرسله من يفتقد للمسؤولية والأخلاق، بدأت تتكشف حقيقة الفيديو. ليظهر اسم عباس الشامي، الشاب نفسه الذي نزل بين المتظاهرين أمام مجلس النواب وصور نفسه وهو يهدد بضربهم. إذ اعتذر صيداوي المقيم في اليونان من الطائفة الشيعية عن الفيديو المسيء الذي صوّره، رافضاً الاعتذار من بري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والرئيس عون. واتهم صيداوي الشامي بنشر الفيديو المسيء بعد أن عمد إلى استفزازه ما دفعه للإنفعال والشتم بينما كان في حالة سكر. من جهته نفى الشامي رواية صيداوي وأكد أنه لم يراسله وإنما تلقى منه الفيديو مساء الأحد من دون أن يجيبه أو أن ينشره. وعُلم أن المباحث المركزية ستستمع بإشراف النيابة العامة التمييزية إلى الشامي الذي تلقى الفيديو.
وأياً كانت حقيقة ما جرى فقد أظهرت هشاشة الأمن، وطرحت التساؤلات عن الظهور المتكرر لأشخاص ووجوه في أماكن التوترات وقيامها بالتحريض من دون إلقاء القبض عليها أو أقله التحقيق معها.