كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
قدّرت النتائج الأولية الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، أمس، أعداد المُقيمين في لبنان بنحو أربعة ملايين و800 ألف نسمة، 80% منهم لبنانيون. المسح يبيّن أن نسبة البطالة في فئة الشباب هي الأعلى منذ عام 2004. وهو لم يأتِ بمعطيات «صادمة»، بل أكّد المؤكّد لجهة نسب حرمان المُقيمين من التغطية الصحية واستغلال نصف العمال في العمالة غير النظامية
مُعدّل البطالة لدى فئة الشباب في لبنان خلال عام 2018 – 2019، هو الأعلى على الإطلاق منذ 15 عاماً، ويرتفع أكثر فأكثر لدى حملة الشهادات الجامعية. هذه أبرز نتائج مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية للأُسر الذي أطلقته إدارة الإحصاء المركزي، أمس، بدعمٍ فنّي من مُنظّمة العمل الدولية وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.
المسح الذي شمل نحو 40 ألف أُسرة، يُغطّي المُقيمين في الوحدات السكنية في لبنان، ولا يشمل مخيّمات اللاجئين والتجمّعات المجاورة لها والثكنات العسكرية والوحدات غير السكنية بشكل عام. ورغم أنّ التقرير النهائي المفصّل يصدر بداية العام المُقبل، إلا أن النتائج الأساسية أظهرت أبرز الخصائص الاجتماعية والديموغرافية والتعليمية فضلاً عن بعض الظروف المعيشية للأسر المُقيمة، وذلك استناداً إلى بيانات تم جمعها خلال فترة 12 شهراً بين نيسان 2018 وآذار 2019.
قدّر المسحُ عدد المُقيمين في لبنان بنحو 4 ملايين و800 ألف نسمة توزّعوا بين 80% من اللبنانيين، و20% غير لبنانيين. وضمّت محافظة جبل لبنان النسبة الأكبر من المُقيمين (42%)، ومحافظة بعلبك الهرمل النسبة الأصغر (5.1%). فيما ضمّت العاصمة 7.1%. وعلى صعيد الأقضية، حلّ قضاء بعبدا في المرتبة الأولى لجهة توزّع السكان إذ ضمّ 11.4% من المُقيمين، فيما احتلّ قضاء بشرّي المرتبة الأخيرة (0.5%). ووصلت نسبة غير اللبنانيين المُقيمين في بيروت إلى نحو 30.9%، «حيث نسبة العاملين المنزليين هي الأكبر في لبنان».
انخفض متوسّط حجم الأسرة في لبنان من 4,3 أفراد عام 2004 إلى 3,8 أفراد العام المنصرم. وسجّلت عكار أكبر متوسط حجم للأسرة (4.8 أفراد) فيما سجّلت جزين المتوسط الأقل (3.3)، وبلغ متوسط حجم الأسرة في بيروت 3,4. وبيّن المسح أنّ 85% من الأسر يرأسها ربّ أسرة لبناني و15% منها يرأسها ربّ أسرة غير لبناني، وترأس المرأة 18% من الأسر فيما يرأس الرجل 82%. وأوضح أنّ 32.4% من المُقيمين اللبنانيين لا يُقيمون في مكان قيدهم، النسبة الأكبر من هؤلاء سُجّلت في قضاء جزين (64.9%)، تليها العاصمة بيروت (58.4%) فيما بلغت النسبة الأدنى في المتن (10.7%).
بحسب المسح، بلغ عدد المُقيمين في سنّ العمل (15 سنة وما فوق) ثلاثة ملايين و677 ألف شخص داخل القوى العاملة وخارجها. وأظهر أن القوى العاملة تبلغ نحو مليون و794 ألف شخص، بينهم 203 آلاف عاطل من العمل، ما يعني أنّ هناك مليوناً و590 ألفاً و400 عامل في لبنان. ومن بين هؤلاء، هناك نحو 31 ألفاً ينتمون إلى ما يُسمّى «فئة العمالة الناقصة لجهة الوقت»، وهم من تبلغ ساعات عملهم أقل من 40 ساعة في الأسبوع ويرغبون بزيادتها. أمّا الأفراد خارج القوى العاملة، فيبلغ عددهم نحو مليون و883 ألفاً، يمكن تقسيمهم إلى فئتين: القوى العاملة المحتملة أي من يبحثون عن عمل ولكنهم ليسوا متاحين حالياً أو المُستعدين للعمل حالياً، لكنهم لم يقوموا بالبحث عن عمل ويبلغ عددهم 66.9 ألفاً، والأفراد الآخرون خارج القوى العاملة (مليون و816 ألف شخص).
واللافت أن نسبة العمالة غير النظامية، أي نسبة الأفراد العاملين الذين لا يحصلون على أي تغطية صحية من ربّ عملهم ولا يستفيدون من أيّ إجازات مَرضية أو إجازات مدفوعة، تبلغ نحو 55%. فيما 64% من العمال غير النظاميين يعملون في قطاع غير نظامي (يضمّ مجموعة من الشركات غير المُسجّلة)، ويعمل الباقون في قطاعات نظامية ولكنها لا تصرّح عنهم.
بيّن المسح أنّ معدل البطالة على المستوى الوطني بلغ 11.4%، إلّا أن هذه النسبة ترتفع الى 16.2% وفق ما يُعرف بـ«المقياس المركزي للاستغلال الناقص للعمل» (يقضي الأخذ في الاعتبار نسبة العاطلين من العمل والعمالة الناقصة لجهة الوقت والقوى المحتملة).
وبلغ معدّل البطالة عند فئة الشباب بعمر 15 – 24 سنة، 23.3%، أي ضعفي معدل المستوى الوطني، «وبالمقارنة مع الدراسات السابقة يمكن القول إن معدّل البطالة لفئة الشباب خلال 2018/2019، يبقى الأعلى منذ عام 2004 رغم فقدان العديد من الشباب عملهم بسبب عدوان تموز في عام 2006»، وفق المديرة العامة لإدارة الإحصاء مرال توتليان.
اللافت أن التقرير يُشير إلى أن ارتفاع معدّل البطالة لدى الشباب يتزامن مع ارتفاع المستوى التعليمي، إذ يتخطّى معدل البطالة الـ35% بين حملة الشهادات الجامعية، «وقد يعود ذلك إلى أسباب عدة منها انخفاض الطلب من قبل أرباب العمل على الجامعيين أو فترة الانتظار الطويلة التي يقضيها الشباب في البحث عن عمل مناسب أو عدم التوافق بين المهارات التي يتمتّع بها الخرّيجون والمتطلبات الوظيفية المعروضة في سوق العمل».
لا تغطية صحية لـ 44.4% يُشير المسح إلى أن 55.6% فقط من السكان المُقيمين في لبنان يستفيدون من التغطية الصحية، فيما 44.4% منهم لا يتمتّعون بأي نوع من أنواع التغطية الصحية. ويُعتبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المصدر الرئيس للتغطية الصحية، إذ يُغطي 45.5% من مجمل الذين يتمتّعون بالتغطية الصحية، يليه الجيش وقوى الأمن الداخلي اللذان يوفران تغطية بنسبة 20.1%. كما تُغطي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 11.5%.
بلغ معدّل الالتحاق بالتعليم بين اللبنانيين 79.2% مقابل 48.2% عند غير اللبنانيين. ويصل متوسط سنوات التعليم إلى 11.6 سنة، ويختلف هذا المعدّل بين الأقضية، إذ أنه الأعلى في كسروان (13.5 سنة) والأدنى في قضاء المنية الضنية (9.9 سنوات)، فيما يبلغ 12.8 سنة في بيروت. وبلغ معدّل الأمية 7,4% على المستوى الوطني للمقيمين بعمر 10 سنوات وما فوق، وسجّل هذا المعدّل 6.3% عند اللبنانيين مقابل 12.5% عند غير اللبنانيين.
وفق التقرير، يُشير عمر المساكن في لبنان إلى تراجع البناء في الفترة الأخيرة، إذ أن 2.2% فقط من المساكن تم بناؤها منذ أقل من 5 سنوات، بينما يبلغ عمر 66.2% من المساكن 25 عاماً على الأقل. وفي ما يتعلق بمياه الشرب، فإنّ نحو 22.5% من المساكن تعتمد على شكل من أشكال الإمدادات الموصولة بأنابيب مُباشرة إلى المسكن، في حين يعتمد 76.9% على مياه غير منقولة بأنابيب وأقلّ من واحد في المئة من المساكن يشرب سكانها من المياه السطحية والينابيع أو الآبار غير المحميّة.