Site icon IMLebanon

الأسرة الدولية قلقة من تدهور الأوضاع وتأخُّر التشكيل

كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:

عشية الموعد الثالث للاستشارات النيابية الملزمة تتواصل المواقف الدولية الداعية الى تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، متطلعة الى ارضاء الشارع اللبناني من خلال وصول وجوه ذات مصداقية ونزاهة.

واللافت في هذا الاطار، المواقف العلنية التي اطلقها عدد من المسؤولين الدوليين ابرزهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر «تعزيز التعاون بين دول المتوسط في مواجهة التحديات المشتركة» حيث اعتبر أن «ما يحدث في لبنان هو تداعيات نتيجة موقف من احداث»، منبهاً إلى أنه «لو تطور الامر ستكون هناك مشكلة كبرى في لبنان»، فيما طالب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان السلطات اللبنانية بالتحرك لوضع حد للازمة التي تشل البلاد، معتبرا ان «البلد في وضع حرج»، كذلك دعا عدد من السفراء لا سيما ممثل الامين العام للامم المتحدة يان غوبيتش لتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن، وعدم اضاعة المزيد من الوقت.

وكما في الشق السياسي، كذلك في الشق الاقتصادي، فقد اعتبرت وكالة «موديز» للتصنيف أن مسعى لبنان للحصول على مساعدة محتملة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي له تأثير ايجابي على تصنيفه الائتماني ويقلل خطر اضطراب شديد في الاقتصاد الكلي.

واللافت ان كل هذه المواقف أتت قبيل وصول نائب وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل الى لبنان للقاء عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين، والذي من المتوقع كما كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة لـ«اللواء» أن «يحمل في جعبته رسائل متعددة الاتجاهات، خصوصا ان الانظار الدولية تشخص لتشكيل حكومة، ولحث المسؤولين للعمل على ذلك»، مع الاشارة الى ان زيارة هيل تأتي بعد اسبوع على انعقاد مؤتمر مجموعة الدعم في باريس والذي كان من ابرز اهدافه حض اللبنانيين على تشكيل حكومة.

وتؤكد المصادر الديبلوماسية لـ«اللواء» ان «هناك اجماعا من قبل المجتمع الدولي على صعوبة الوضع في لبنان وبأنه أصبح يأخذ منحىً انحداريا»، ويشدد المجتمع، حسب المصادر، على «ضرورة ان يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم من أجل لملمة الوضع وتشكيل حكومة لديها مصداقية وثقة للقيام باصلاحات حقيقية والمباشرة بتطبيقها بكفاءة ودون تأخير وتلكؤ وفساد. بإعتبار ان الهوّة أصبحت بعيدة بين ما هو مطلوب والواقع الحالي، وذلك من خلال الحكومات التي ينتجها الواقع السياسي الراهن». وشددت المصادر على «وجوب القيام بنقلة نوعية ملحوظة، لانه لا يمكن للمجتمع الدولي مساعدة لبنان اذا لم يقم بتنفيذ الحد الادنى مما هو مطلوب منه، لا سيما ان هناك جدية لمساعدة لبنان رغم ان المعطيات لديهم اختلفت عما كانت سابقا».

وتذكر المصادر الديبلوماسية ان «المجتمع الدولي، لا سيما الامم المتحدة، ينظر بقلق شديد لما يجري في لبنان، ويعتبر ان مسار الأمور كما هو قائم لا يطمئن ابدا، حيث أصبح يهدد الاستقرار الداخلي بشكل فعلي، كذلك استقرار المنطقة برمته، لا سيما اذا استمرت الاوضاع بشكلها الدراماتيكي الحالي».

وتشير المصادر الديبلوماسية أيضا الى ان «المجتمع الدولي لا يجد تفسيراً يبرر التراخي والاستخفاف من قبل السلطات اللبنانية بالتعاطي مع الاوضاع الراهنة في هذا الشكل. وهم يعتبرون ان الاوضاع الدقيقة الراهنة لا تحتمل اعطاء المسؤولين مهلة لحل المشاكل التي تتفاقم يوما بعد يوم، وتزداد الاوضاع صعوبة ودقة، وأن مسألة تشكيل الحكومة يجب ان تحل بأسرع وقت ممكن لان كل يوم تأخير هو بمثابة تجاوز للمهلة، خصوصا اننا اصبحنا في صلب ازمة كبيرة وخطيرة».

وتكشف المصادر أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما جزء من المؤسسات المالية الدولية وأيضاً أعضاء في مجموعة الدعم الدولية للبنان، لديهم «رؤية واحدة بالنسبة الى خطورة الاوضاع هنا. وهم جميعا يعتبرون ان الدخول في تفاصيل مساعدة ودعم لبنان من اجل الوصول الى حل لا يمكن ان تتم دون تشكيل حكومة التي هي بمثابة اولوية لاي مساعدة للبنان وذلك وفقا للمتطلبات التي يطالبون بتنفيذها».

وعن هدف زيارة هيل الى بيروت وارتباطها بتشكيل الحكومة، تعتبر المصادر الديبلوماسية ان «الزيارة تأتي بناءً للمتابعة الاميركية لمجمل التطورات الحاصلة في لبنان، لأن لدى الولايات المتحدة الاميركية مصالح واسعة لا تقتصر على لبنان بل تشمل المنطقة بأكملها حيث أصبح الوضع اللبناني محور قلق دولي وعلينا الانتظار لمعرفة ما سيسفر عنها من نتائج، ولكن تتوقع المصادر ان «يحمل هيل رسائل الى المسؤولين»، رغم ان الاوساط المتابعة لزيارته الى لبنان لم تكشف الى دوائر الخارجية اللبنانية الموقف الذي سينقله الى المسؤولين اللبنانيين.

من هنا تنفي المصادر علمها فيما اذا كان هيل سيثير مع المسؤولين اللبنانيين الذين سيلتقيهم آخر تطورات العلاقات الأميركية -الايرانية التي تمر في مرحلة هامة، خصوصا انه اصبح واضحا ان قنوات الاتصال بين الطرفين مفتوحة «ومن الطبيعي ان يكون لهذه العلاقة انعكاس على الساحة اللبنانية». وتشدد المصادر على ان مسار تطورات الاوضاع الداخلية هي مدار متابعة دقيقة من قبل الادارة الاميركية.

وتؤكد المصادر أيضا أن «الاوضاع الداخلية اللبنانية دقيقة لدرجة انها تحت مجهر المجتمع الدولي الذي يعمل على متابعتها بشكل حثيث بعد ان اصبح في غرفة العناية الفائقة»، مشيرة إلى أن «كل يوم تأخير لتكليف رئيس وتشكيل حكومة هو خسارة حتمية للبنان على كافة المستويات». وتبدي المصادر اعتقادها ان «مجرد تأليف حكومة يؤشر الى امكانية وجود حل وتفاهم وسلوك طريق البناء».

وتذكر المصادر ان «المجتمع الدولي يتطلع الى تشكيل حكومة منتجة تؤشر للثقة من خلال الاشخاص الكفوئين الذين يجب ان تضمهم، ويتمسك بمطلب وقف الفساد وهو المعيار المطالب به دوليا، اما المسائل السياسية فتأتي بالدرجة الثانية بالنسبة الى المجتمع الدولي»، وتكشف أن «مقررات مؤتمر «سيدر» لا زالت سارية المفعول، ولكن الاساس هو تشكيل الحكومة من اجل تنفيذ الاصلاحات المطلوبة».

وتختم المصادر معتبرة بان مؤتمر مجموعة الدول المانحة «هدفَ إلى حثّ المسؤولين على تشكيل حكومة، لكنه أكد أيضاً على استمرار دعم ومساندة لبنان بشرط ان يسلك الوضع المسار الصحيح».