كتبت آمال خليل في “الاخبار”:
ليل الاربعاء، داهمت قوة معزّزة من الجيش اللبناني عدداً من أحياء حارة صيدا لتوقيف المشاركين في الاعتداء على خيمة الاعتصام المفتوح في تقاطع إيليا في صيدا وضرب الجالسين فيها، بعد منتصف ليل الإثنين الماضي. توارى المطلوبون، لكن حركة أمل وعدت بتسليمهم. مداهمة الجيش سبقها اجتماع لمجلس الأمن الفرعي في الجنوب في سرايا صيدا أكد خلاله المشاركون بأن «الاعتداء على المواطنين والأملاك العامة قيد المتابعة والتحقيق لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المخالفين». وكان مسؤولو حزب الله وأمل في المنطقة قد وعدوا برفع الغطاء عن المعتدين والتبرؤ مما فعلوه كرد فعل على التسجيل المصور الذي انتشر لشاب يسيء إلى الرموز الشيعية. خطوة الجيش أرضت القوى الوطنية التي اشترطت – لتنفيس الاحتقان بين صيدا وحارتها – تسليم المعتدين. أبلغت ذلك لوفد الحزب وأمل الذي جال على قيادات المدينة بعد ساعات على الاعتداء. وكان قد سبق التسليم، بذل تلك القوى مساعيَ حثيثة لتطويق الآثار المذهبية والسياسية لضرب الحراك «الذي كان دوماً حريصاً على عدم التعرض للرموز والقيادات تفادياً للفتنة وليبقى منسجماً مع تاريخ المدينة المقاومة»، كما جاء في بيان حراك صيدا.
لكن ما لم تحسبه القوى الوطنية، ولا سيما التنظيم الشعبي الناصري والحزب الديمقراطي الشعبي، تزوير الحقائق حول الاعتداء على الممتلكات العامة الذي أعقب الاعتداء على خيمة إيليا. فقد أظهرت كاميرات المراقبة بأن حوالى ستة شبان صيداويين قاموا وهم مكشوفو الوجوه بتحطيم مدخل مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وشركة كهرباء لبنان ولوحات إعلانية ومجسم ساعة تابعة لبلدية صيدا وعلب هواتف تابعة لمؤسسة أوجيرو بين السوق التجاري وشارع رياض الصلح وساحة النجمة. فضلاً عن إحراقهم الإطارات المشتعلة في ساحة إيليا. وثّقت الكاميرات هويات المعتدين الذين قاموا بفعلتهم كرد فعل على ما قام به شبان من حارة صيدا ضد خيمة إيليا. مع ذلك، لم يتوانَ تيار المستقبل وحلفاؤه في المدينة عن لصق ذلك الجرم بشبان الحارة، في حين أن المعتدين الصيداويين يعرف عنهم افتعال إشكالات وبعضهم محسوب على تيار المستقبل. قلب الحقائق أشعل النار شعبياً وسياسياً ومذهبياً على خط صيدا – الحارة وضخّم الاعتداء على الخيمة التي اختلفت المدينة عليها، إلى الاعتداء على حرمة صيدا بأكملها!
أول الغيث المضلّل والمضخّم لاعتداء إيليا، كان مع بيان نائب صيدا بهية الحريري التي غابت عن السمع والبصر منذ بدء الانتفاضة الشعبية، باستثناء ظهورين اثنين من داخل منزلها في مجدليون. دانت الحريري «الإساءة إلى الرموز الدينية والاعتداء على خيم الحراك»، لكنها نسبت الاعتداء على المرافق والممتلكات العامة إلى «بعض الأشخاص الذين تستروا بشعارات مذهبية وهم بذلك يسيؤون إلى ما يربط صيدا بجوارها من علاقة أهل وأخوة وعيش مشترك». أما الجماعة الإسلامية، فقد صوّبت على «بعض العصابات الظلامية التي تتغطى بشعارات مذهبية بغيضة مارست أعمال البلطجة على خيم ساحة الاعتصام وطعنة في الظهر لمدينة المقاومة والشهداء»، محمّلة «المسؤولية المباشرة لما حصل لكل الأطراف السياسية التي تتهم ساحات الثورة بالتبعية وتعمل على تعبئة جمهورها بالتحريض الطائفي والمذهبي ومن ثمة تتنصل من تلك الاعتداءات وتنسبها إلى جهات غير منضبطة». من جهته، أسف مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان «لما حصل، رغم كل الجهود والوفاق وكل اللقاءات والمحبة التي تسود بين صيدا وبين الجوار. صيدا تشعر بألم وحزن وتُصدم بما حصل من اعتداء ومن تخريب».
وفي إطار مساعي تنفيس التوتر على خط صيدا – الحارة، عُقد اللقاء الروحي الصيداوي بصورة طارئة في مقر دار الإفتاء في صيدا بدعوة من سوسان الذي قال في البيان الختامي للقاء إن «صيدا ليست مدينة تستباح فيها الحرمات وهي تنظر الى أن العدو هو إسرائيل وتتآخى مع كل المحيط وتراهن على الدولة وعلى القانون وعلى الشرعية». وناشد الجيش اللبناني والقوى الأمنية «لأن يحافظوا على المدينة ويحرصوا عليها».