IMLebanon

بعد تقييد السحوبات.. إيداع الشيكات مرفوض!

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

التدابير المصرفية تتحول يوماً بعد آخر إلى تعجيزية، لا شيء يبررها إلا حالة الهلع التي تعيشها المصارف، وعدم استعدادها للتضحية بجزء من الأرباح القياسية التي راكمتها خلال السنوات الماضية. وفي جديد هذه التدابير، إجراء غريب عجيب لا يمتّ إلى منطق التعاملات البديهية في القطاع المصرفي بصلة، وهو ما تمثل في الآونة الأخيرة برفض أحد أكبر المصارف اللبنانية وضع شيكّين، مسحوبين على مصرفين مختلفين، في الحساب الجاري بالدولار لأحد الزبائن. طبعاً، الموظف لم يقدّم أي تفسير منطقي لهذا الرفض، وكانت حجته الوحيدة: “هذه تدابير إدارية”.

هامش الاستنسابية الذي تتمتع به المصارف وتحكّمها بلقمة عيش المواطنين ومصدر رزقهم لم يعد مقبولاً ولا بدّ من وضع حدّ له، خصوصاً وأنّ آلاف الأشخاص من أصحاب المهن الحرة يتقاضون أتعابهم بشيكات – وما أكثرها هذه الأيام – وهؤلاء بحسب هذا التدبير التعجيزي الجديد لن يعودوا قادرين على تحصيلها نقداً أو وضعها في الحساب، الأمر الذي سيعمّق مشاكلهم ويدفعهم مكرهين إلى قبض قيمتها من تجّار ومرابين يأخذون عمولة تصل إلى نسبة 30 في المئة من أصل الشيك.

ويوضح أحد الخبراء الاقتصاديين لـ”نداء الوطن” أنّ رفض بعض المصارف قبول إيداع الشيكات في الحسابات يعود “لأكثر من سبب وأبرزها عدم رغبة البنك المتلقي في التعامل مع البنك المُصدِر، ومحاولة المصارف أن تحافظ على رصيدها لدى مصرف لبنان في حال كانت تعلم أنّ المقاصة ستكون سلبية بالنسبة إليها، وتحفّظ البنوك على الشيكات المجيّرة لخوفها من أن تكون شيكات من دون رصيد وبالتالي عدم استعدادها لمراكمة الأعباء والدخول في دعاوى قضائية”.

إذاً، من بعد تحديد السحوبات وإقفالها في كثير من الأحيان ها هو الوضع يتدهور أكثر نحو قطع الطريق على الإيداع، ما يطرح أسئلة مشروعة عن مصير عشرات آلاف الحسابات المصرفية العالقة في الدفاتر وواجهات الحواسب والبرامج، بعيداً من الخزنات، ومدى مشروعية استمرار احتجاز أموال الناس والغاية من إبقائها أسيرة “الشكل الخام” التي هي عليه.

وأمس خفّضت وكالة “ستاندرد أند بورز” العالمية تصنيف 3 مصارف لبنانية إلى خانة SD والمقصود بها Selection Default المتصلة باحتمال التعثر في الإيفاء ببعض المستحقات لصالح المصارف الخارجية أو الجهات الأخرى التي تتعامل معها.

يُقوّض تخفيض تصنيف مصارف أساسية تشكل العمود الفقري للقطاع المصرفي الاقتصاد ككل، كما والمالية العامة وحركة التجارة مع العالم. بينما يُلقي كذلك بتداعياته على المتعاملين مع المصارف وعملائها الذين يملكون حسابات مصرفية لديها أو يحملون بطاقات ائتمان صادرة عنها.