رأت مصادر اقتصادية دولية في تحليلها للوضع المالي والاقتصادي في لبنان أنه “كان يجب على الفريق اللبناني المشارك في اجتماع باريس لطلب الدعم أن يعطي صورة كاملة عن الوضع مع تفصيل المطالب اللبنانية في مختلف القطاعات على الصعيد الاقتصادي التي تمكن البلد من الخروج من الأزمة”.
ورأت المصادر في حديثها لـ”نداء الوطن” أن “هناك ثلاثة محاور اقتصادية ينبغي أن تجتمع معاً من أجل النظر في الوضع بموضوعية على ان تتخذ القرارات اللازمة للخروج من الأزمة. فهناك ما له علاقة بإدارة الدولة ومستحقاتها وادخاراتها وكيف يجب ان يتم تنظيمها. وأمر ثانٍ يتعلق بالبنك المركزي الذي يحمل رصيداً معيناً تنقصه الشفافية والوضوح. والثالث هو القطاع المصرفي المشلول حالياً، فثلثا القطاع مع الدولة بين مصرف لبنان والدولة اللبنانية باستثمارات سيادية والثلث الباقي مع القطاع الخاص الذي هو اليوم لديه non performing loans محفظة غير شغالة”.
ورأت ان “الاقتصاد اللبناني هذه السنة يتدنى بين الـ 4 والـ 5 في المئة، فقد شكل عبئاً كبيراً على القطاع. والمحاور الثلاثة مرتبطة ببعضها والودائع في البنوك هي أصول للبنك المركزي. وهذه الأصول تمثل ديوناً للدولة اللبنانية”.
وتابعت: “اذا أردنا إيجاد الدواء لشفاء المريض يجب النظر في المحاور الثلاثة معا: الدولة اللبنانية والقطاع المصرفي والبنك المركزي، وفهم الحاجة لكل قطاع ومتطلباته على المدى القصير وهذا لا يمكن للدولة اللبنانية أن تفعله وحدها. فالمؤسسات الدولية إن كان صندوق النقد أو البنك الدولي أو غيرهما بإمكانها جمع هذه المحاور الثلاثة لاعطاء تقييم وتحديد المطلوب من كل جهة للفترة المقبلة، اما بالنسبة إلى الدين العام والاقتصاد والعائدات ومصاريف الدولة وغيرها، فهناك مجموعة معايير مهمة يجب تقييمها”.
وعن وصف معنى انهيار الاقتصاد، أوضحت المصادر أن “اقتصاد البلد يتدنى بشكل سريع. النمو في 2018 للبنان كان شبه صفر واليوم في 2019 سيكون سلبياً والقطاع الخاص يتقلص، يعني أيضا تقليص عدد الموظفين وتخفيض رواتبهم ما يعني انخفاض القوة الشرائية تدريجياً وهذا يترجم التراجع الذي بدأ في 2018 كما إن تخفيض الوكالات المالية الثلاث موديز وفيتش وsnp جعل مخاطر البلد ترتفع بسرعة وهذا يشكل حاجزاً خطيراً على القطاع الخاص ليبقى مستمراً بالنمط الذي كان عليه”.
وفي شأن تسديد الديون من المصرف المركزي قال: “إن الاستحقاقات الجديدة تدفع بالدولار ونصفها باللبناني، فهذا حافز للمصرف اللبناني المركزي ليأخذه على عاتقه تخفيف العبء عن كمية الدولار الموجودة في لبنان”.
وماذا اذا بقي لبنان من دون تأليف حكومة؟ ردت المصادر: “من دون حكومة لا مساعدة من أي مؤسسة مالية او اقتصادية لان الحكومة من ستطلب المساعدة المالية”. وأشارت إلى أن “مصرف لبنان طلب من المصارف ان تزيد رأس مالها على مرحلتين الأولى ان يزيد مساهمو البنوك رأس مالهم للتجاوب مع المتطلبات المالية الجديدة او يجبرهم ان يحولوا الأموال التي لديهم في الخارج الى البلد ويطبقوا هذه الشروط ويرفعوا رأس مالهم بـ١٠ في المئة هذه السنة و١٠ في المئة السنة المقبلة. وهناك عدد من البنوك كان جديا منهم بنك بيبلوس. في النهاية، ان البنوك الكبرى ستزيد رأس مالها ما يخلق تطمينات لدى المودعين أن ودائعهم محفوظة وهي خطوة جيدة جدا. ولكن هذا يجب ان يحدث بالتوازي مع الحالة الاقتصادية والخطوات الجديدة التي ستقوم بها الحكومة الجديدة”.
وعن الإجراءات الحالية في المصارف، قال إن “الأموال الموجودة في المصارف منذ عشر سنوات تعيش بالفائدة وليس من نمو اقتصاد خاص. فمن اجل الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الإنتاجي يحتاج لبنان الى اكثر من “سيدر” ومشاريع مختلفة. ولكن يجب ان تقدم تحفيزات على قطاعات برمتها. فلبنان يستورد بمستوى 19 مليار دولار ويصدّر 3 مليارات دولار يعني أن لبنان بحاجة الى 16 ملياراً سنويا ليعيش مثلما يعيش اليوم وهذا لا يمكن ان يستمر. فعليه ان يتغير واذا لم يتغير بقطاعات تحل مكان الاستيراد سيكون الوضع صعباً”.
وعما اذا كان يجب تخفيض قيمة الليرة، قال: “الامر الوحيد الذي يفيد تخفيض قيمة الليرة هو للسياحة لان لبنان يصبح ارخص لباقي العالم. تخفيض الليرة لا يفيد البلد علماً أن قيمة الليرة انخفضت لكن ليس رسمياً ولان القوة الشرائية لليرة تقلصت بالنصف فلن يكون هناك تخفيض رسمي لقيمة الليرة في وقت قريب لان ذلك لا يمكن ان يأتي وحده. ينبغي ان يأتي ضمن حزمة على ان تتم الاستفادة من التخفيض. واليوم اذا اجري تخفيض بعد 24 سنة يعني إضاعة الثقة خصوصا امام مستثمرين دوليين. فاذا كان المستثمر يريد صرف ليرة في البلد يحتاج الى معرفة اذا كان سعر الليرة مستقراً والا لا يمكنه استعادة أمواله”.