Site icon IMLebanon

أتركوا الحزب يحكم وحيداً! (بقلم رولا حداد)

بعيد إقرار التسوية الرئاسية كتبت في هذه الزاوية مقالة بعنوان “فليحكم حزب الله”، وخلاصتها “دعوا الحزب يحكم وحيداً ويفشل وحيداً طالما أنه بات متحكماً في كل مفاصل الحياة السياسية والدستورية في البلاد”. كثر لم يوافقوا تحت شعار أن مصلحة لبنان تقتضي الشراكة في الحكم، ليتبيّن بالوقائع والأرقام والانهيار الكبير أن الشراكة مع “حزب الله” في الحكم وتامين الغطاء له لم يصب في مصلحة البلد، لا بل على العكس تماماً فإن هذه الشراكة أوصلتنا إلى الكارثة المحتومة!

منذ “انتفاضة الاستقلال” في 14 آذار 2005، عرف “حزب الله” كيف يتعاطى استراتيجياً مع “ثورة الأرز”. تراجع تكتياً وترك الواجهة للرئيس نبيه بري الذي دعا إلى جلسات “الحوار الوطني” في محاولة مكشوفة لامتصاص فورة الشارع التي أجبرت الاحتلال السوري على الانسحاب، وكادت تهدد كل بقايا منظومته الأمنية والميليشيوية التي تركها كوديعة في وطن الأرز.

واعتباراً من حرب تموز 2006، انتقل “حزب الله” إلى الهجوم. لم يتوانَ رئيس النظام السوري يومها بشار الأسد عن المطالبة بمكاسب سياسية في لبنان كنتيجة لتلك الحرب التي كان خلالها يفاوض مع الإسرائيليين!

بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه “حزب الله” في 7 أيار 2008 واجتياحه بيروت والجبل، تمكن من أن يحصد “حق الفيتو” في الدوحة تحت عنوان الميثاقية والذي كرّس ما يشبه المثالثة غير المعلنة. وفي كانون الثاني 2011 نفّذ الانقلاب الدستوري الأول عبر الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري ونقل الأكثرية النيابية تحت وهج القمصان السود للإتيان بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. هذه الحكومة لم تصمد كثيراً واضطر الحزب إلى التراجع بفعل تطورات الحرب السورية يومها.

بعد ذلك عطّل الانتخابات الرئاسية في لبنان اعتباراً من أيار 2014 في انتظار تبدّل المعادلات الدولية التي سمحت بانتخاب العماد ميشال عون في تشرين الأول 2016، فبات للحزب حليفان في رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب. وبقيت عينه على الحكومة لاستكمال سيطرته على المؤسسات الدستورية. استفاد الحزب من تضعضع قوى 14 آذار سابقاً ونال أكثرية في الانتخابات النيابية في حزيران الـ2018، وبقي يتحيّن الفرصة لتحقيق الانقلاب الكامل، فكان له ما أراد في 19 كانون الثاني 2019 حين حشد أكثريته النيابية وسمّى حسّان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة.

خلال كل المراحل التي سبقت تسمية دياب لرئاسة الحكومة، وباستثناء حكومة نجيب ميقاتي التي شارك فيها الحزب التقدمي الاشتراكي أيضاً، كان فريق 14 آذار سابقاً يؤمّن “بالمفرّق” التغطية التي يحتاجها الحزب ودائماً تحت شعار “تحقيق مصلحة البلد”، إلى أن وصلنا إلى الانهيار الشامل والكبير مالياً واقتصادياً ما أشعل ثورة 17 تشرين الأول 2019!

هل يتعظ المعنيون فيتركون الحكم بالكامل لـ”حزب الله” وحلفائه طالما أنه آن الأوان ليقتنعوا بأنهم فشلوا في تحقيق أي شيء لمصلحة البلد، لا بل أنهم بأدائهم وبتغطيتهم للحزب وأفعاله إنما أساؤوا إلى لبنان وعلاقاته العربية والدولية ما منع عنا أي مساعدات وسهّل وصولنا إلى الانهيار الشامل؟! وماذا استطعتم أن تفعلوا؟ لا شيء!

إلى جميع المعنيين بكلامي،

أتركوا الحزب يحكم لوحده، فالرئيس المكلّف حسّان دياب ليس أكثر من واجهة، أراد الحزب عبر تسميته أن يحكم بالواسطة. مهّد لتسميته بغارات متكررة شنتها ميليشياته على وسط بيروت وصيدا وكفررمان وغيرها.

أتركوه يواجه العقوبات وحيداً، العقوبات عليه وعلى إيران. أتركوه يواجه تبعات “قانون قيصر” الأميركي الجديد هو وحلفاؤه وكل من يرغب بالتعامل مع نظام بشار الأسد. أتركوه فأنتم أساساً لا حول لكم ولا قوة لتفعلوا أي شيء… فلا تقدموا له الغطاء، وخصوصاً بعد أن أغرقكم وأغرق اللبنانيين جميعاً معه، وبعد أن أساء إلى علاقات لبنان العربية والدولية فبتنا في عزلة فعلية ولا من يرغب بمساعدتنا!

أتركوا الحزب يفشل لوحده. أتركوه يواجه النقمة والثورة لوحده. خففوا اللهاث خلف سراب الكراسي والمناصبوالحصص والمصالح الشخصية والفئوية والحزبية، واعلموا أن المعركة الحقيقية هي معركة السيادة الناجزة التي لا يمكن خوض معركة مكافحة الفساد من دون تحقيقها. عندما تتحقق السيادة الكاملة يصبح مستحيلاً على أي خندق أن يقف بوجه الشعب، وعندها فقط تكون كل الأجهزة الأمنية إلى جانب هذا الشعب وتنتصر الثورة المجيدة!