كتبت أنديرا مطر في صحيفة “القبس” الكويتية”:
أجمع معظم الكتل النيابية في البرلمان اللبناني، التي اجتمعت بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب، على ضرورة الإسراع في عملية تأليف الحكومة، معلنة انها «لا تريد شيئا من الرئيس المكلف، وانها تسهّل وتدعم التشكيل». وكان دياب اعلن في اختتام يوم الاستشارات النيابية الطويل، السبت، انه سيعمل على «تشكيل حكومة مصغّرة، مؤلفة من مستقلين»، قائلاً: «من يشكّل الحكومة هو رئيس الحكومة، ولن أعتذر»، مؤيدا في المقابل «كل ما يقال في الحراك الشعبي لجهة تشكيل حكومة من المستقلين والاختصاصيين والنظيفي الكف». فهل ستكون للبنان حكومة مستقلين فعلا، كما يعلن دياب، ام أن القوى السياسية التي رفضت في السابق هذه الصيغة ستعمل وتحت ذرائع مختلفة، على تطعيم الحكومة بسياسيين؟ القبس توجّهت بهذه الأسئلة الى نواب ينتمون الى كتل نيابية مختلفة لاستطلاع آرائهم في هذه المسألة.
اللقاء الديموقراطي
النائب في كتلة اللقاء الديموقراطي هادي ابو الحسن، قال لـ القبس: إن اللقاء (نواب الحزب التقدمي الاشتراكي ومستقلين) عبّر عن موقفه بشكل ديموقراطي، سواء في الاستشارات النيابية الملزمة عبر تسمية السفير السابق نواف سلام او لناحية قراره بعدم المشاركة في الاستشارات غير الملزمة مع الرئيس المكلف. وشدّد ابو الحسن على ان معارضة الحزب الاشتراكي لن تكون عبثية، بل معارضة موضوعية ضمن الاطر الدستورية. وقال: «نحن نراقب ونرى ونقرر».
واضاف ابو الحسن إنه في حال تشكيل حكومة تكنوقراط من مستقلين فسنتعاطى مع الموضوع بشكل ايجابي. ولكن جُل ما أخشاه أن تأتي الحكومة الجديدة بغلاف تكنوقراط، ولكن بمضمون سياسي، على النحو الذي جرت فيه تسمية حسان دياب.
ورغم تقدير الكتلة لشخص الرئيس المكلف فإن أحدًا لا يمكنه إنكار انه اتى محتضنا من قبل فريق سياسي معيّن لم يأخذ في الاعتبار المكوّنات الاخرى، وتحديدا البيئة التي ينتمي اليها الرئيس المكلف، وفق ابو الحسن، الذي قال انه وانطلاقا من ذلك «سنراقب لنبني موقفا بناء على المعطيات، وليس على مواقف مسبقة».
وحول موافقة اللقاء الديموقراطي على تسمية الحكومة بحكومة «حزب الله» على غرار الحكومة السابقة، قال ابو الحسن ان الحكومة السابقة قامت على اساس التسوية السياسية، وكان أول مبادئها النأي بالنفس عن النزاعات الاقليمية، الا ان الممارسة أثبتت عكس ذلك، وحصل تشويه للقواعد التي بُنيت عليها، من خلال مواقف بعض القوى، ما ادى الى صبغها بهذا الاسم. اما اليوم فهناك انطباع بأن ثلاثي السلطة (التيار الوطني والثنائي الشيعي) هو من يحتضن هذه الحكومة؛ لهذا السبب أعلنا موقفنا، وسنبقى عليه، ونحن في حالة ترقّب وانتظار لمعرفة شكل الحكومة لتحديد موقفنا منها، اما موضوع المشاركة فمحسوم، الحزب التقدمي الاشتراكي لن يشارك في الحكومة.
«التنمية والتحرير»
النائب علي خريس، من كتلة التنمية والتحرير (حركة أمل)، ولدى سؤاله: «لماذا تسهّلون اليوم عملية تشكيل حكومة مستقلين، في حين كنتم تعارضون هذا الامر مع الرئيس سعد الحريري؟»، قال لــ القبس: ان كتلته ومنذ البداية اعلنت تمسّكها بالحريري، الا انه رفض، ولم يوافق حتى على تسمية أحد بديلا عنه. واضاف: «قدّمنا للحريري كل التسهيلات وابدينا مرونة في شكل الحكومة، ولم يكن لدينا مانع اطلاقا من تشكيل حكومة تكنوقراط، بمعنى ان يتسلم اختصاصيون الحقائب الوزراية، الى جانب 6 وزراء دولة من السياسيين».
واضاف خريس: «سنسهل عملية التأليف قدر المستطاع، حتى لو اتى الامر على حسابنا، لان همّنا الاساس هو العمل على اخراج البلاد من الازمة الاقتصادية الخانقة، وتشكيل حالة انقاذ، وليس وضع العصي في الدواليب. فمصلحة البلد فوق كل الاعتبارات الاخرى». وتمنى خريس ان تكون الحكومة جامعة تشمل كل الفئات، بما في ذلك الحراك. وحول ولادة الحكومة يجيب خريس انه يأمل في حصول هذا الامر في مطلع العام.
وعن رأيه في مقولة ان «حزب الله انتقل من اللاعب الاكثر نفوذا في الحكومة السابقة الى صانع حكومات»، فيقول خريس: إن لا «حزب الله» ولا حركة امل هما من سميا الرئيس المكلف، وانا مسؤول عن كلامي، مضيفا ان الثنائي الشيعي وافق على دياب وان أول لقاء لكتلة التنمية والتحرير مع الرئيس المكلف كان السبت خلال الاستشارات.
اما القول إنها حكومة «حزب الله» فغير صحيح على الاطلاق، وفق خريس، لأن «الرئيس المكلف هو شخص مستقل، ولا ينتمي الى اي فريق سياسي».
«لبنان القوي»
النائب ماريو عون عن كتلة لبنان القوي، أكد في اتصال مع القبس ان التيار الوطني الحر سيُسهّل عملية التأليف الى اقصى حدود، «فلو اراد الرئيس المكلف مشاركة التيار فسيشارك، واذا لم يرد فلن نشارك»، لافتا الى ان مطلب التيار هو الاسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين تضع خطة اولويات للسير، وعلى رأسها المواضيع المعيشية والكهرباء والنفايات ومكافحة الفساد وغيرها من الملفات.
وعن سبب التحوّل الى حكومة تكنوقراط مع دياب ومعارضته مع الحريري، قال عون «لاننا امام وضع صعب جدا على كل من الصعيد الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ولا نملك ترف الانتظار أكثر».
ينفي عون بشكل قاطع الادعاء بأن هذه الحكومة هي حكومة «حزب الله». ويكشف ان الجامعتين الأميركية واليسوعية في بيروت قدمتا لرئيس الجمهورية ميشال عون لائحة بأسماء المرشحين لرؤساء الحكومة، وبعد ان جرت غربلة الاسماء استقر الرأي على اسم دياب، بما انه معروف، الى حد ما، لكونه عمل وزيرا في مرحلة سابقة، والكل يشهد بآدميته ونظافة كفّه.
ويشدد عون على موقف الرئيس المكلف بأنه لا ينتمي الى اي فريق وانه سيشكل حكومة اختصاصيين لانقاذ الاقتصاد والانطلاق فورا الى العمل.
وعن المدة المتوقّعة لولادة الحكومة، يقول ماريو عون «ليس اكثر من اسبوعين، لأن البلد وقع على راسنا كلنا».