Site icon IMLebanon

السنيورة: نظرية الرئيس القوي أخذت البلاد إلى متاهات

أعلن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن “موقف تيار المستقبل كان في عدم ترشيح أحد لكي يكلف بتأليف الحكومة، وبالتالي ابتعد رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن ترشيح أي مرشح للتكليف”. وقال: “الآن الرجل المكلف هو الدكتور حسان دياب والذي لم يرشحه تيار “المستقبل”، كما أن “التيار” عبر عن موقفه بأنه لن يشارك في الحكومة العتيدة انسجامًا مع موقفه الأساس بأن هذه الحكومة يجب أن تكون بأعضائها جميعًا من المستقلين وغير التابعين لأي حزب من الأحزاب”.

وأضاف، في حديث لقناة “الحدث” في محطة “العربية”: “موقفنا ليس متسرعًا، فهناك دستور لبناني ينص على إجراء استشارات نيابية ملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها. ومع أن ما من تاريخ محدد أو مهلة محددة يفرض على رئيس الجمهورية خلالها أن يبادر لإجراء هذه الاستشارات النيابية الملزمة بعد استقالة الحكومة، ولكن الممارسات السابقة في تأليف الحكومات تدل على أن جميع الحالات السابقة كانت الاستشارات تجري خلال يومين أو ثلاثة باستثناء حالة واحدة. نحن الآن أمام فترة امتدت لأكثر من خمسين يومًا، وكانت تتم مشاورات يجريها الرئيس على أكثر من صعيد، وبالتالي ظهر وكأن الرئيس يؤلف الحكومة قبل أن يصار إلى إجراء التكليف”، متابعًا: “هذه المراوحة والتلكؤ امتد لخمسين يومًا وخلق هذا الانطباع وهذا الجو المحتدم، وظهر بأنه نوع من الاستهتار في مقام رئاسة الحكومة وأدى إلى تأخير عملية تأليف الحكومة، وبالتالي إلى مخالفة صريحة للدستور وهو ما فاقم التوتر في الشارع اللبناني”.

وعن الميثاقية، قال: “هناك ميل لدى البعض أن يصيف ويشتي على سطح واحد، أو ما يسمى بالكيل بمكيالين. كانت النظرية التي أتى بها التيار “الوطني الحر”، وهي نظرية الرئيس القوي لكي يبرر تأخير وتعطيل انتخابات رئيس الجمهورية لأكثر من سنتين ونصف السنة، ولكي يأتي بالجنرال ميشال عون رئيسًا للجمهورية. والحقيقة أن هذه النظرية خاطئة. الرئيس ينبغي ألا يكون قويًا فقط في طائفته بل يجب أن يكون مقبولًا وقويًا لدى جميع المكونات اللبنانية، ليتمكن من القيام بدوره الفعال لكونه رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وهو الذي عليه أن يسهر على احترام الدستور”.

وأردف: “في المقابل، الحريري عندما أيقن أن الحزبين المسيحيين الاساسيين لن يرشحاه من أجل تأليف الحكومة بادر هو شخصيًا إلى القول إنه لن يقدم على الترشح ليؤلف الحكومة. في ضوء ذلك، وبنظري، هذا هو المنطق المغلوط الذي جرى اعتماده عند الإعداد لانتخاب رئيس الجمهورية، والذي لا أرى من حيث المبدأ أنه ينبغي تطبيقه في حالة رئيس الحكومة. صحيح أن هذا الأمر لم يطبق في حالة حسان دياب إذ أن الدكتور دياب لم يحظ بالتأييد من قبل عدد كبير من النواب المنتمين إلى المجموعة التي ينتمي إليها الدكتور دياب”.

واعتبر أن “نظرية الرئيس القوي قد أخذت البلاد إلى متاهات ومشكلات جديدة، وما ينبغي أن نسعى إليه في الحالة اللبنانية هو العودة إلى الالتزام بتطبيق الدستور تطبيقًا دقيقًا، إنه يجب أن يكون الطرح في الأساس طرحًا وطنيًا وليس على أساس طائفي ومذهبي”.

وقال: “أنا شخصيًا كان موقفي وتقديري بالنسبة للجنرال عون مبنيًا على قراءة صحيحة للطريقة التي كان يتصرف بها على مدى السنوات الماضية، وبداية كان هو ضد اتفاق الطائف الذي يعني القبول بفكرة العيش المشترك بين اللبنانيين، وبالتالي الاقتناع بالتوجه نحو أن يكون لدينا في لبنان دولة مدنية، حيث يكون المواطن اللبناني هو الأساس ليس على أساس ديانته وطائفته ومذهبه بل كمواطن له حقوقه وعليه واجباته بشكل متساو مع الآخرين من المواطنين”.

وعن التسوية الرئاسية عام 2016، أجاب: “لقد شكلت بالفعل مشكلة إلا أن الأمر لم يقتصر على إجرائها بل تعداه إلى المشكلات التي حصلت بعدها في إدارة تلك التسوية. ونحن الآن نشهد فترة صعبة عامرة بسوء التقدير والتدبير وهذه هي عينة من المشكلات التي نواجهها الآن في لبنان”.

وإذا كان يمكن لتيار “المستقبل” أن يذهب إلى المعارضة، فرأى السنيورة أنه “سيكون محقًا في ذلك، لكن النظام الديمقراطي من حسناته أن يكون فيه موالاة ومعارضة لكي يستقيم الحكم، فعندما تكون هناك معارضة جيدة، فعليًا يتحسن مستوى الأداء لدى الحكومة وليس العكس. المعارضة ليست من أجل أن ترفض كل شيء تقوم به الحكومة بل هي في الأصل موجودة من أجل تصويب عمل الحكومة، وكذلك من أجل أن تبرهن عن نفسها وأن تعود هي إلى الحكم أيضا بعد ذلك”.

ولفت إلى أن “الحكومة التي نتمنى أن تتألف اليوم، من الطبيعي عليها أن تأخذ بالاعتبار ملابسات ما جرى خلال عملية التكليف ونتمنى ألا تكون هناك ملابسات شبيهة في عملية التأليف وأن تأتي حكومة من اخاصاصيين مستقلين لديهم كفاءة وجدارة، يستطيعون تأليف فريق عمل متجانس يتصدى للمشكلات التي يعاني منها لبنان. وأنا لطالما قلت إن الإصلاح أمر تقوم به الأمم عندما تكون قادرة عليه لا عندما تصبح مجبرة عليه. والإصلاح هنا من مصلحتنا القيام به بل لقد تأخرنا كثيرا بذلك، فهذا الإصلاح أصبح الآن شديد الكلفة وشديد الأوجاع والآلام. القرارات التي ينبغي على الحكومة أن تأخذها قرارات اساسية يجب ان تؤخذ، وينبغي أن يكون هناك تأييد للحكومة لتأخذها أكان من ممن هم في الموالاة أو في المعارضة. لم يعد للبنان على الإطلاق ترف الانتظار ولا ترف الاختيار وليس هناك من بديل عن اتخاذ هذه القرارات”.

وعما إذا كانت الحكومة جاهزة وهناك طبخة سياسية تدور في الخفاء، قال: “لا أريد الحكم على النوايا لكن ما شهدناه في فترة التكليف يدفع البعض إلى التوجس، وهو مبرر في توجسه، وإلى الظن والشك في هذا الأمر. ومع ذلك، لننتظر ونر كم سيكون هناك فعليا سرعة حقيقية وبناءة في تأليف الحكومة. ذلك لا يعني أن تأتي الحكومة نتيجة طبخة مسبقة الصنع محضرة من أجل الإرضاءات للمجموعات السياسية من هنا وهناك. أنا اعتقد أن لبنان دفع أثمانًا غالية جدا على مدى سنوات طويلة في مجال العمليات الإرضائية، نحن الآن لدينا استحقاقات أساسية علينا أن نحترمها ونقوم بما علينا من أجل اتخاذ القرارات الصحيحة التي يجب أن نأخذها على أكثر من صعيد وطني وسياسي واقتصادي ومالي وإداري”.