كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
إذا كانت المهل الضّاغطة، تضغط الجميع، وعليهم، فإن زيارة وزير الدولة الياباني للشؤون الخارجية، كيسوكي سوزوكي، تسلَّلت بخفر شديد، على وقع زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، لبنان، التي نالت الحصّة الأكبر من الإهتمام السياسي والإعلامي.
ولكن، حتى ولو لم يَكُن الزائر الياباني، يتمتّع بصفة ديبلوماسيّة كبيرة جداً، إلا أن زيارته قد لا تخرج عن مسار الدور الياباني القائم منذ أشهر، بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وإيران من جهة أخرى. وبما أن لبنان، وحكومته الجديدة، والصّراع القائم فيه، لا يخرج من تلك الدائرة أيضاً، فقد تلعب اليابان دوراً مطلوباً منها أميركياً، فيه (لبنان)، انطلاقاً من التالي:
* أن الدّول العربية لا تثق حتى الساعة، بأيّ شكل من أشكال الحلول اللبنانية الحاصلة. وهي لن تموّل أو تُعيد الحديث عن استثماراتها في لبنان، في المرحلة القليلة القادمة، ريثما تتوضّح الأمور وشكل تعاطي الحكومة اللبنانية مع إيران، ومع أدوارها في المنطقة.
* أن الولايات المتحدة الأميركية لن تموّل مباشرة، أي مرحلة إنتقالية في لبنان. كما أنها لن تسمح لأوروبا بالإسترسال كثيراً في العمل على الملف اللبناني في شكل غير محسوب، منعاً لاستفادة “حزب الله” وتسلّله الى المشهد اللبناني والإقليمي، في المرحلة القليلة القادمة، من خلال الضرورات الإقتصادية الأوروبية، التي تتحكّم بالحوار الأوروبي – الإيراني.
* أن اليابان هي الجهة الدولية الموثوقة من قِبَل واشنطن، لتعويم “مرحلة تنفُّس” لبنانية، موقّتَة، تؤشّر الى إمكانية الوثوق باللّبنانيين والدّخول في مسار تأسيسي معهم، في ما بعد، أو لا. فطوكيو، ودخولها “الخجول” على خطّ بعض الدّعم الإقتصادي والمالي للمرحلة الإنتقالية المطلوبة من لبنان، أميركياً، يُمكنها أن تُطمئن واشنطن، الى أن “قسوتها” على لبنان، (في ما لو لم تشكّل حكومة حسان دياب، المُنتَظَر المطلوب)، لن تمكّن لا روسيا ولا حتى الصين من الدّخول على الخطّ اللبناني في شكل زائد عن اللّزوم، لا عبر مخالب الدبّ الروسي السياسية، ولا حتى عبر نيران التنّين الصيني، الإقتصادية. وهو ما يعني في تلك الحالة، أن لبنان سيظلّ متوازناً بين كلّ القوى الدولية، وتوازناتها في المنطقة، حتى خلال مرحلته الإنتقالية.
وأكد مصدر ديبلوماسي أن “الأوضاع يُمكن اختصارها بالخوف، وبعَدَم الإطمئنان من جراء كلّ ما يحصل الآن، ولا سيّما إذا كان البعض يحاول تمرير تشكيل حكومة سياسيّين”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “كلّ الحَراك الدولي، سواء كان عبر واشنطن أو طوكيو أو غيرهما، يتوقّف على ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستكون خالية من السياسيّين بالكامل، أو لا”.
وشدّد على أن “زيارة المسؤول الياباني، يُمكن النّظر إليها، من ناحية إقتصادية – سياسية، ترتبط بواقع أن أي حراك دولي تجاه لبنان سيكون ضمن واقع أن لا ترقيع بعد اليوم. وهذا ينسجم أيضاً مع أن لا أحد سيموّلنا بعد اليوم، “هوّي وضارب سلام”.
وحصر كلّ الأمور، وتطوّرها، بما إذا كان “رئيس الحكومة حسّان دياب جدياً بعَدَم توزير أيّ حزبي في حكومته، وإذا كان سيشكّل حكومة إخصائيين بالكامل. ففي تلك الحالة، سيكون مستحقّاً التصفيق”.
ولفت المصدر الى أن “دياب، لم يتمكّن بالأمس، من رؤية وفد واحد وموحَّد من الحَراك الشعبي، ولن يتمكّن من فعل ذلك أبداً، انطلاقاً من انعدام ثقة الشارع بالظّروف التي أحاطت بتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة”.
ورداً على سؤال حول إمكانيّة أن يُكمِل دياب، كرئيس للحكومة، حتى عام 2022، أجاب المصدر:”إذا قام بشكيل حكومة ترضي كلّ الناس، وكان منتجاً، فلم لا؟ لبنان لا يجب أن يكون من هواة تشكيل الحكومات كلّ نصف ساعة، خصوصاً أن تشكيل كل حكومة يكلّف الإقتصاد مليارات الدولارات”.
وختم:”تشكيل حكومة من إخصائيين غير حزبيّين، يجنّبنا كل المشاكل، وإلا فإن المواجهة آتية، إذ إن الأوروبيّين أنفسهم لن يقبلوا بها”.