Site icon IMLebanon

ثوار يلتقون دياب: هل حان وقت إنتاج قيادة للانتفاضة؟

كتبت رلى ابراهيم في “الاخبار”:

يدور جدل واسع منذ 17 تشرين الأول حول ضرورة إنتاج قيادة أو ممثلين للانتفاضة، يحددون مطالبها وينطقون باسمها. عند كل أزمة يواجهها المنتفضون، يشتعل الجدل من جديد. يوم أمس، استقبل الرئيس المكلف بتأليف الحكومة، حسان دياب، عدداً من الذين يزعمون المشاركة في التظاهرات منذ اليوم الأول. ما سبق أغضب بعض المجموعات المنقسمة في ما بينها أصلاً حول استقلالية دياب والانفتاح عليه أو مطالبته بالاعتذار

من يمثل الانتفاضة؟ لطالما أتى الجواب عن هذا السؤال أو الأسئلة التي تدور في فلكه من بعض المجموعات المدنية بأن «لا قادة للثورة». بدت الفكرة صائبة يومها، أي منذ قرابة شهرين، على اعتبار أن قادة حراك 2015 من المجموعات نفسها، اختلفوا على «الزعامة» ونسوا الأهداف حينذاك، ففُضّت التحركات نتيجة الخلافات الداخلية. بدت الصورة أحلى وأكثر نضوجاً في البداية، ووسيلة أنجح لتشجيع المواطنين على التعبير عن مطالبهم المختلفة من دون فرض إطار محدد لها وملزم للحشود، تبعها إصرار المجموعات على عدم إنتاج قيادة للانتفاضة تعيد عقارب الساعة الى الوراء وتسهم في تفريقهم. لكن مع ذلك، نصبت هذه المجموعات خيماً لها في ساحة الشهداء، وبدأت بعقد ندوات ومساحات نقاش مع المحتجين. ذهب بعضها الى إصدار بيانات تحدد المطالب الشعبية، من حكومة مستقلة الى تمرير قانون استقلالية القضاء وانتخابات نيابية عادلة الى استعادة الأموال المنهوبة ودولة مدنية ونظام اقتصادي عادل. وهو ما يتناقض مع إصرار هؤلاء الدائم على أنهم لا يدّعون تمثيل أحد إلا من هم منضوين تحت رايتهم. إذاً كيف تُصنّف هذه المطالب في خانة «ما يريده المحتجون»، في حين أنكم لا تمثلونهم؟ يجيبون: «تمكنّا في الأيام الأولى من الثورة من تحديد هذه المطالب التي كانت تتردد في ساحة الشهداء ورياض الصلح». اللافت هنا، أن المجموعات المدنية نفسها، لا يتلاقى بعضها مع بعض في ما تقول إنها «المطالب الشعبية الثلاثة»، إذ تختلف القائمة بين مجموعة وأخرى. وهي تختلف اليوم على طلب رئيس الحكومة المكلف حسان دياب الحوار مع «ممثلين عن الحراك»، وعلى إذا ما كان واجباً منحه فرصة للتأليف ومحاسبته على الأسماء المقترحة أو معارضته والسعي الى إسقاطه في الشارع أيضاً، لينتهي مشهد يوم أمس، على تلبية عدد من الأشخاص دعوة «فريق دياب» على ما يقولون، للقائه والاطلاع منه على «رؤيته للوضع السياسي والاقتصادي». لم يدّع هؤلاء أيضاً أنهم يمثلون الحراك، بل أكدوا أنهم أتوا بـ«صفة شخصية ويشاركون في التظاهرات منذ اليوم الأول»! ومن بين الأسماء المتداولة: وليد عيتاني، محمد نون، حسين خليل، نبيل الحجار. وقد تعرض هؤلاء لحملة من الانتقادات، فضلاً عن الإساءة الى الاعلامية وعد الهاشم التي أوضحت على مواقع التواصل أنها زارت دياب تلبية لدعوة تلقّتها من فريق عمل الرئيس، حيث شاركت بوجهة نظرها الشخصية حول الهموم والمشاكل، وهي لم تتعود أن تستأذن أحداً لممارسة اقتناعاتها».

مجدداً، من يمثل الانتفاضة ومن يقف وراء البيانات التي تأخذ على عاتقها الحشد كل نهار أحد، وإطلاق تسمية خاصة عليه، إن كانت تفتقد القيادة؟ «هو عمل تنسيقي بين المجموعات التي تمكنت من التوافق على بعض العناوين العريضة وتعقد اجتماعات دورية لمناقشة النشاطات والتداول بالأفكار». إذاً، لماذا لا يتم الاعلان على الملأ عن هذه الاجتماعات والمقررات حتى لا يتكرر مشهد أمس، وحتى تتوضح المطالب ويتم فرضها على أي حكومة مقبلة، ولو في ظل عدم مشاركة وجوه من المجموعات فيها؟ المشكلة الرئيسية، بحسب البعض، أن «التنسيق قائم على أن يأتي القرار من الشارع. نتفق على طريقة العمل وليس على القرار السياسي. وكان واضحاً أن الشارع، كما المجموعات رفضا وانتقدا من ذهب الى الرئيس المُكلّف ليفاوض باسمهم. وعملياً، لا يملك هؤلاء أي تأثير على الأرض». وتلك معضلة أخرى، إذ يرى جزء من المتظاهرين أن «المجموعات لا تريد الحوار ولا التوافق حول قيادة وتقول إنها لا تمثل الناس، وعندما يحدد الأفراد خياراتهم يعملون على شيطنتهم فوراً». أما ممثلو المجموعات، فينفون أي مسعى لحرق بعض الطامحين «وهذا حقهم. حرصنا على رفض أي قيادة للثورة تنطلق من تضييع المطالب بالخلافات حول تسلّم القيادة… ومن الخوف من شيطنة السلطة لوجوهنا». ذلك لا يعني أن المجموعات غير مدركة لمساوئ ترك الساحة مفتوحة ليدّعي من يشاء تمثيلها. الأيام الثلاثة الأخيرة مثلت مؤشراً واضحاً على خطورة عدم الإمساك بأماكن التجمع، إذ سطا عليها أنصار تيار المستقبل، وسط هتافات طائفية منفّرة. حاول البعض هنا أيضاً الاستفادة من هذا الخرق للادعاء أن المتظاهرين منذ 60 يوماً ما هم إلا جمهور الحريري، فسقط قناعهم اليوم… «خصوصاً أن حزب سبعة وضع مسرحه ومكبرات صوته بتصرف أنصار أشرف ريفي وبعض الناطقين بلغة طائفية والمطالبين بعودة الحريري».

لذلك، وتفادياً لأي سيناريو مماثل، تعمل المجموعات على إنتاج «خطاب أوضح وابتكار أساليب جديدة واستراتيجية إعلامية ولوجستية تسهم في التفريق ما بين المتظاهرين الحقيقيين وأصحاب المطالب المحقة والجماهير الحزبية والطائفية». ففي مقابل هتافات الحريريين أمس، علت هتافات جانبية في ساحة الشهداء ترفض عودة الحريري كما ترفض تكليف حسان دياب، علماً أن موضوع إعطاء دياب فرصة والحكم على أسماء الوزراء، هو موضوع نقاش واسع بين شباب الانتفاضة ويثير خلافاً في ما بينهم. ففيما يرفضه بعض المجموعات بشكل كامل على اعتبار أنه «من إنتاج السلطة التي اختارت أخيراً الاختباء وراء وجه مبهم وغير معروف»، يرى آخرون أن تكليف دياب يأتي ضمن مطلب وصول وجه مستقل وغير حزبي لرئاسة الحكومة. ويفترض تالياً انتظار بضعة أيام حتى ينجلي برنامجه الاقتصادي وعدة عمله وتتضح أسماء الوزراء. وهم لا يرون مشكلة في التحاور معه، وربما التمثل داخل الحكومة أيضاً إن كانت مطابقة لتطلعاتهم. هؤلاء أيضاً (يرفضون الكشف عن هوياتهم) يؤيدون الوصول الى صيغة ما لتنظيم الانتفاضة والانطلاق في خطة عمل فعلية وذات نقاط واضحة في موازاة تأليف الحكومة. هي الفرصة الأخيرة بالنسبة اليهم، فالناس الذين وثقوا بهم في العام 2015، ومنحوهم فرصة ثانية في العام 2019، سيلعنونهم إذا ما فشلوا ويساوون بينهم وبين السلطة… لا بل يمكن للطبقة السياسية أن تقنع «الناس التعبانة بأنه أفضل الموجود».

أعلن منتفضو عاليه، في بيان أمس، أنه «وبعد مغادرتهم خيمتهم للمشاركة في الاعتصام في بيروت، تسللت مجموعة شباب مناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي بأعلامهم الى خيمة الثورة في عاليه، وقامت بتسجيل فيديو من داخلها». وأكدوا أن «هذه الخيمة لا تقبل وجود أي رموز من أحزاب السلطة فيها (..) وأي محاولات من هذا النوع الجبان، كما كل محاولات الترهيب التي سبقتها، لن تثنينا عن الاستمرار في النضال للحصول على حقوق الشعب اللبناني، بما فيها مناصرو الأحزاب تحت شعار كلن يعني كلن». نتيجة ذلك، حصل إشكال ما بين مناصري الاشتراكي والمتظاهرين، أدى الى وقوع 4 جرحى، من دون أن تتدخل القوى الأمنية الموجودة هناك، والتي خلصت الى الطلب من المتظاهرين إزالة الخيمة! وقال بعض الشبان الذين تواصلت معهم «الأخبار» أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها خيمتهم لأعمال من هذا النوع، محمّلين مسؤولية ما يصيبهم للحزب الاشتراكي والنائب أكرم شهيب تحديداً، وعملوا على استفزازهم عبر رفع علم الحزب داخلها ثم عملوا على الاعتداء على المتظاهرين، وبينهم نساء».