كتب عبد الكافي الصمد في “الاخبار”:
في 13 أيلول 2018 كان يفترض أن تنتهي ولاية مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار بعد بلوغه السبعين من عمره، وهو سنّ التقاعد، لكن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أصدر قبل ذلك بيوم واحد قراراً، بإيعاز من الرئيس سعد الحريري وبناءً على رغبة منه، حمل الرقم 178م/2018، أكد فيه استمرار الشعار في منصبه لمدة تبدأ بتاريخ 13/9/2018 وتنتهي بتاريخ 31/12/2019، وهو قرار انسحب أيضاً على مفتي المناطق في زحلة – البقاع، صيدا وضواحيها، راشيا، حاصبيا ومرجعيون، وصور ومنطقتها، و«البقاء في مناصبهم إلى حين إجراء انتخابات للمفتين المحليين للمناصب الشاغرة».
دريان برّر يومها قراره بـ«كي لا يحصل شغور في منصب الإفتاء في محافظة الشمال يعطل المصلحة الدينية والوقفية والاجتماعية للمسلمين فيها».
لكن مهلة الأسبوع المتبقية من ولاية الشعار، الذي انتخب مفتياً في 27 كانون الأول عام 2008، ستكون حاسمة لجهة بقائه في منصبه فترة زمنية إضافية ثانية، أو تكليف شخصية دينية أخرى تخلفه في منصبه بالوكالة، في ضوء تعذّر إجراء انتخابات لاختيار خلف له.
في أروقة دار الفتوى والمؤسسات الدينية السنّية في طرابلس، ولدى المرجعيات السياسية المعنية بالأمر، يحتل مصير المفتي الشعار حيّزاً مهماً من النقاش. البعض يتحدث عن فترة 6 أشهر، أو أن المفتي دريان سيتخذ قراراً بتكليف أمين الفتوى الشيخ محمد إمام القيام مؤقتاً بمهام المفتي إلى حين انتخاب مفتٍ جديد، وهي مهمة تولاها الشيخ إمام مسبقاً، قرابة 3 سنوات، بعد استقالة المفتي السابق الراحل الشيخ طه الصابونجي من منصبه في 1 تشرين الأول عام 2005.
حتى الآن لم يحسم أي شيء في هذا السياق، غير أن مصادر مطلعة أوضحت لـ«الأخبار» أن «رؤساء الحكومة السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمّام سلام، تفاهموا خلال لقائهم الأخير، وبعد التشاور مع الحريري، على تمديد ولاية مفتي كل المناطق اللبنانية، بمن فيهم المفتي الشعار، نظراً للظروف الراهنة، التي حالت دون التمكّن من إجراء انتخابات، ولأن تمديد ولاياتهم أفضل من شغور المنصب، وكذلك عدم تعيين بدلاء عنهم، بالأصالة أو التكليف، لأنه لم يسبق أن جرى تعيين مفتٍ في منصبه والمفتي السابق لا يزال على قيد الحياة، أو بصحّة جيدة، لاعتبارات معنوية بالدرجة الأولى». لكن ميقاتي اتصل بدريان، مذكّراً بأن «القوانين تحدد آلية واضحة تنص على تسليم أمين الفتوى مهام الإفتاء إلى حين تعيين مفتٍ جديد». ولفت ميقاتي إلى ضرورة إجراء انتخابات.
بتّ دريان بهذا الأمر يصطدم بعقبة أساسية، وهي أن مفتي الجمهورية يفترض به أن يأخذ رأي من يتبوأ كرسي الرئاسة الثالثة، وهو في هذه الحال لا يمكنه التشاور مع الرئيس الحريري، إنما عليه بحث الملف مع رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، الذي لا يزال دريان يتحفظ على استقباله في دار الفتوى، من جهة حتى لا يفسر ذلك برأيه منح دياب الغطاء السنّي الذي يتهم بأنه يفتقده، ومن جهة ثانية كي لا يزعج الحريري إذا ما أقدم على هكذا خطوة.
غير أن دريان يدرك أن وقوفه في مواجهة رئاسة الحكومة، كائناً من كان على رأسها، ستجعله في موقف صعب للغاية، وخصوصاً أن دار الفتوى بأشخاصها ومؤسساتها تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، إدارياً ومالياً، كما أنه لم يعهد أن خرجت دار الفتوى في أي مرحلة سابقة من تحت سلطة السراي الحكومي الكبير.
كلّ ذلك شكّل دافعاً للترقب لمعرفة إن كان استحقاق التمديد لمفتي المناطق أو تكليف غيرهم في مناصبهم للقيام بالمهام الموكلة إليهم، فرصة من أجل مدّ جسور تواصل بين دياب ودريان، أم محطة للافتراق والتأزم غير المسبوق بين مرجعيتي الطائفة السنّية، السّياسية والدينية.