على وقع الاحتجاجات التي تعمّ المدن العراقية منذ مطلع تشرين الأول الماضي المطالبة بتنحي السلطة وتنديدا بالفساد، استقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وللأسباب نفسها استقال رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري، في خطوة تؤكد ان ما بعد الثورة لن يكون كما قبلها. واذا كان لبنان قد اختار حسّان دياب لتأليف الحكومة، فإن العراق لم يتفق بعد على اسم رئيس الحكومة المقبل، رغم ترشيح تحالف “البناء” المؤلف من خمس كتل نيابية وتضم 150 نائبًا، مساء الأحد، رسمياً قصي السهيل لرئاسة الحكومة الجديدة.
وتزامناً خرجت تظاهرات منددة بترشيح السهيل، تماماً كالتي عمّت المناطق اللبنانية، خاصة من قبل مناصري تيار “المستقبل” للمطالبة باعتذار دياب عن تشكيل الحكومة وعودة الحريري. وفي حين بدأ دياب بالمشاورات لتقديم تشكيلة حكومية ترضي الأحزاب من جهة والمجتمع العربي والدولي من جهة أخرى، ما هي حظوظ السهيل لتشكيل الحكومة العراقية؟
مصادر متابعة للملف العراقي أكدت لـ”المركزية” أن حظوظ السهيل ضعيفة في تبوء المنصب، لأنه لا يحظى بدعم سياسي وشعبي، لافتة إلى أن قصي السهيل (54 عامًا)، هو وزير التعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، ولا يحظى بتأييد المتظاهرين، الذين يطالبون بترشيح شخصية مستقلة نزيهة لم تشغل مناصب رفيعة خلال السنوات الماضية، وهو ما لا ينطبق على السهيل. كما أنه مرشح تحالف “العامري – المالكي” ومن المعروف أن كتلة نوري المالكي ليست فقط موالية لايران إنما ايرانية مئة في المئة ومدعومة من الحشد الشعبي، لدرجة دفعت بجماعة الصدر إلى اطلاق لقب “تحالف اللصوص والبنادق” عليهم. وبالتالي أراد التحالف فرضه على رئيس الجمهورية برهم صالح، فرفض ذلك، هو المعروف باعتداله، لا يريد ان يأتي برئيس حكومة ايراني شكلاً ومضموناً كالسهيل.
وأحال رئيس الجمهورية الترشيح على المحكمة الدستورية ليرى مدى شرعيته، وأكدت المصادر “أن هناك خلافاً دستورياً على تفسير مبدأ “الاكثرية”، لأن هناك فريقاً يعتبر ان لا يحق للكتل النيابية ان تتكتل لتصبح اكثرية، لأن الدستور ينص على أن “الاكثرية” تعني “الكتلة النيابية التي تنال اكثر عدد نواب خلال الانتخابات، وليس الاكثرية بعد القيام بالتحالفات او الائتلافات”، ورأت المصادر أن هذه الخطوة ان دلّت على شيء فعلى عدم رضى صالح على ترشيح السهيل، فما كان من الكتل التي رشحته الا ان بدأت بجمع التواقيع لعزل الرئيس برهم صالح من منصبه.
من جهة اخرى، ودائماً بحسب المصادر، يرفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أيضاً ترشيح السهيل، لأنه اولا ايراني التوجّه وثانياً لأنه انشق بعد الانتخابات الاخيرة عن كتلته وتبع المالكي المقرّب من ايران. أما ممثل المرجعية الشيعية علي السيستاني فألقى خطبة الجمعة باسمه ودعا فيها الى اختيار مرشح مستقل. كما دعا السيستاني الى اعتماد معادلة ثلاثية في اختيار رئيس حكومة أي ان تحظى برضى المرجعية الدينية اي السيستاني والحراك في الشارع والاحزاب السياسية بمختلف توجهاتها.
ومن الاسماء المطروحة الى جانب السهيل، رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، وزير النفط السابق ابراهيم محمد بحر العلوم، النائب الحالي محمد السوداني (متهم بالفساد بشكل مباشر ومحال الى المحكمة ومرفوض).
واعتبرت المصادر أن لمساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل الذي زار العراق ولبنان دوراً في تأليف الحكومة، خاصة ان العراق يملك ثروات نفطية هائلة، لذلك يحاول هيل مواجهة المرشح الايراني السهيل، ويقوم بمساعٍ لإبعاده عن رئاسة الحكومة والتوصل الى قواسم مشتركة مع الايرانيين، إذ تؤكد المعلومات ان هناك تواصلاً اميركياً ايرانياً يجري في عدة عواصم منذ سنوات خاصة في سلطنة عمان، انما مهمة هيل تصب في نفس الاطار اللبناني، لكن في لبنان حصل ترشيح بينما في العراق الامور محتدمة في ظل رفض برهم صالح المعتدل والكردي والسني وله علاقات مع الغرب، ترشيح السهيل، لذلك يحاول هيل إيجاد التوافق على مرشح وسطي.