قام الرئيس المكلف سان دياب بأول زيارة له الى الرئيس ميشال عون الثلثاء منذ تكليفه بتشكيل الحكومة، وعلى رغم طابع المعايدة بالميلاد ورأس السنة للزيارة فإن مساعي وعقبات تشكيل الحكومة يفترض انها كانت حاضرة.
ما يظهر على السطح ان المياه مازالت في مجاريها، وما تحت المياه ينبئ بأن كل الامور معلقة الى ما بعد اسبوع الاعياد، عسى في اسبوع العطلة ان يحدث ما يبلور في اذهان عرّابي هذه الحكومة ما يفضي الى ابتداع حلول للعقد التي بدأت تدور في فراغ التأليف والتوصيف، بين حكومة اللون الواحد او الاختصاصيين المستقلين، او كما يقول سليمان فرنجية حكومة ظاهرها مستقل وباطنها مرتبط بجبران باسيل.
وفوق كل ذلك، جاء التشكيك الاميركي بأن يكون الرئيس المكلف د.حسان دياب قادرا على تشكيل الحكومة بحسب صحيفة «ذا ناشيونال» مع تأكيدات مساعد وزير الخارجية الاميركي ديڤيد شانكر ان وزارته طالبت الحكومة اللبنانية بالالتزام بتحقيق طموحات الشعب اللبناني، اي بإحداث تغيير حقيقي، خصوصا بعد التظاهرات التاريخية غير المسبوقة، حيث ترى الادارة الاميركية ان الوقت قد حان لوضع المصالح الحزبية الضيقة جانبا والعمل على اصلاحات وطنية وعلى رأسها محاربة الفساد، مؤكدا دعم بلاده للحكومة اللبنانية.
في هذا الوقت، انضم البطريرك الماروني بشارة الراعي الى المطالبين مع الرئيس المكلف بتشكيل حكومة من اصحاب الاختصاص والنزاهة والكفاءة، مذكرا بأن الشعب اللبناني عَبَّر عبر الثورة، التي لم تهدأ منذ 90 يوما، عن اوجاعه، وقال ان الشعب اللبناني لن يقبل بسوء الحكم الذي ساد منذ التسعينيات، حيث انتشر الفساد والهدر وارتفع الدين العام واهمل الكيان والسيادة وتداول السلطة التي يتحاصصونها مع مال الشعب الذي يذهب هدرا ونهبا مفرطين في الصرف ومراكمة الديون حتى اوصلوا الدولة الى الانهيار الاقتصادي والمالي واوقعوا اكثر من ثلث الشعب اللبناني بالفقر.
وكان الرئيس المكلف غرد على «تويتر» قائلا ان حكومته ستكون وجه لبنان ولن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك، وستكون حكومة اختصاصيين بامتياز، واضاف: عشت مستقلا وسأبقى مستقلا. لكن يبدو ان القوى التي سمت حسان دياب لم تعطه الفرصة لالتقاط انفاسه حراكيا او في بيئته المعترضة عليه، بدليل ما بدأ يظهر من تكبيل له بشروط التأليف والتسمية، والتمسك بالتوزيعة الطائفية للوزارات الاساسية خصوصا، ما يعكس تطلعات الرئيس المكلف الى تشكيل حكومة جديدة في تركيبتها واهدافها لا نسخة عن الحكومة السابقة.
على مستوى رئاسة الجمهورية، يظهر ان الاتجاه نحو حكومة متخصصين على ان تتولى الكتل النيابية تسميتهم، ولا شرط أن يكونوا حزبيين، ولا بأس ان كانوا مقربين، وهذا ما بدا يواجه رغبة دياب بأن يتولى هو التقاء وزراء اختصاصيين مستقلين يقطفون كل الجهد للشأن الحكومي بصرف النظر عن ميولهم السياسية.
وكان زوار بعبدا نقلوا عن الرئيس ميشال عون ارتياحه لتكليف دياب وتوسعه في تعداد صفاته وامكاناته التي تؤهله للمهمة، وبحسب هؤلاء الزوار فإن رئيس الجمهورية لا يعطي اهمية لبعض المواقف التي تتحدث عن سوء العلاقات بين لبنان وبعض الدول، مراهنا على وجود قرار بمساعدة لبنان فور انجاز التشكيلة الحكومية واستعادة الحركة الناشطة لاستكمال عقد المؤسسات الدستورية.
اما رئيس مجلس النواب نبيه بري فلا يرى مشكلة في ان تكون الحكومة «حكومة اللون الواحد» بعد كل المحاولات لإشراك الجميع، معتبرا ان هذا الامر يحصل في اكثر الديموقراطيات في العالم.
وردا على قول الرئيس دياب انه يريد حكومة من المستقلين، اجاب بري: هذا رأيه ولنا رأينا، وفي ارقى الديموقراطيات يشترك حزبيون وتكنوقراط في مجلس الوزراء الواحد، وتستطيع الاحزاب ان تقدم وجوها شفافة وخبيرة وقادرة.
بري دعا الرئيس المكلف الى الاتصال بكل المكونات السياسية للمشاركة، واذا لم توافق يكون «ذنبها على جنبها»، وعندما سئل بري عما اذا كان يعتقد ان الحريري نادم وانه يعبر عن ندمه في الشارع، قال بري: عندما زارني في عين التينة قلت له اللعب بالنار ليس سهلا.
وفي كلام بري هذا رد غير مباشر على الرئيس المكلف، الذي قال ان رئيس الحكومة هو من يؤلف الحكومة، من اختصاصيين بامتياز.
وردا على بري، قال الرئيس سعد الحريري «الرئيس بري يعلم انني لا ألعب بالنار انما تعودت على إطفائها ولست نادما على الإطلاق»، مشيرا إلى «أنني لا أقبل بشيطنة السنة واتهامهم بسرقة البلد ولم أسم الرئيس المكلف ولا تغطية له ولا ثقة اذا اقتضى الأمر»، مضيفا «الحكومة المقبلة ستكون حكومة باسيل ولن أترأس أي حكومة يكون فيها باسيل».
وقال في دردشة مع الصحافيين ان «حزب القوات دفعنا إلى التسوية الرئاسية ثم اتهمنا بها، اسألوهم عن مواقفهم وأسبابها».
وحول العلاقة مع جنبلاط، قال «وليد بك يريد أن يكون مع الحراك المدني ويهاجم (المستقبل)، لا أعلم كيف تعالج المشكلة معه».