كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء الكويتية”:
ارتدادات المواقف المتفجرة التي اطلقها رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري مساء الثلثاء الماضي تقاسمت مع الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد اهتمامات اللبنانيين الاربعاء، وتقدمت الردود التويترية من جانب نواب وناشطي التيار الوطني الحر على كلام الحريري المشحون بالغضب ما عداها من المداولات السياسية المتصلة بالحكومة التي يسعى الرئيس المكلف د.حسان دياب الى تشكيلها ضمن افق اللون الواحد لحزب الله وحلفائه. المتفجرات الكلامية للحريري التي اتت بعد سلسلة مناورات صامتة كسرت الجرة مع وزير العهد جبران باسيل، وكادت ان تكسرها مع العهد نفسه، في دعوة الرئيس عون والوزير باسيل الى الاعتزال. ومن بكركي، حيث شارك الرئيس عون في قداس الميلاد وعقد خلوة مع البطريرك بشارة الراعي، رد على المواقف والطروحات المتصلة بالحكومة، مؤكدا ان الحكومة لن تكون تكنو-سياسية بل حكومة اختصاصيين، متمنيا ان يخرج لبنان من ازمته وان تكون الحكومة «هدية رأس السنة».
ونفى الرئيس عون ما قاله الرئيس الحريري عن ان وزير الخارجية جبران باسيل هو من يشكل الحكومة مع ان باسيل رئيس اكبر تكتل نيابي، واضاف: لون الحكومة لا يظهر بالتكليف، بل بالتأليف، وهي حكومة كل اللبنانيين بمن فيهم حزب الله، مشيرا الى ان ما يقال عن ان الميثاقية في خطر غير صحيح، وقال ردا على سؤال: كيف يقولون انني لم اكن اريد الحريري فيما نحن انتظرناه 100 يوم؟
وفي عظة الميلاد بحضور الرئيس عون وعقيلته، اكد البطريرك بشارة الراعي ضرورة التشكيل السريع لحكومة انتقالية اختصاصية من مسؤولين مستقلين، داعيا الى التعالي عن المصالح الخاصة ودعم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة.
وكان رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري تناول ايضا المرشح لخلافته الرئيس المكلف د.حسان دياب، ماسحا كل اثر له او لون من الحكومة التي يشكل، مكرسا لها هوية حزب الله، وكأن الكثير مما حصل منذ 17 تشرين الأول غايته البعيدة استدراج الحزب للخروج من خلف الحكومة والوقوف امامها مباشرة ودون التورية الحاصلة الآن.
واكثر من «لا» رفعها الحريري في «دردشته» السريعة مع الصحافيين اثر تبلغه بزيارة المكلف د.حسان دياب الى القصر، وعلى خلفية الاعتقاد انه يحمل التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية، منها: لا اعمل مع جبران باسيل، لا اوافق على د.حسان دياب، ولن امنح حكومته الثقة ولست نادما.
هذه اللاءات جاءت ردا على سؤال افتراضي: ماذا لو فشل د.دياب، هل تعاود تشكيل الحكومة؟ وكان جوابه: انا مع هيك ناس (يقصد باسيل) ما فيي اشتغل، والعهد يتذاكى ويتعامى عن المشكلة.
هنا «فاعت» اعشاش الدبابير الالكترونية على الحريري قبل دخول الوزراء والنواب على الخط، فوزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي توجه الى الحريري بتغريدة قائلا: نحن قوم نستذكر الفضل في ليلة الميلاد ولا ننسى ان العهد لا يرمى الا بالورد، وانت الاعلم بما صدر عنه، واما اتباعك فهم حاقدون، فتخلص من ادرانهم القاتلة قبل ان تفتك باعتدالك، ولا تقع في الهذيان.
بدوره، قال النائب سليم عون اولها دلع وغنج وآخرها حرد وردات فعل صبيانية، اما النائب إدي معلوف فقد احال الحريري على «بابا نويل» ليحل له ازمته.
وضمن الردود على الردود، قال القيادي في تيار المستقبل د.مصطفى علوش: من اهم انجازات الانتفاضة بالنسبة لنا الازاحة عن صدورنا حمل تفاهة وجهالة وطائفية جبران باسيل واتباعه، فلا يمكن ان يأمن الانسان لمن يحمل خنجر الغدر وراء ظهره، وعسى ان يعي الرئيس ما تسبب به صهره لعهده.
ولاحقا، قال علوش: ان محاولات حماية الرئاسة من نزق الصهر فشلت. اما النائبة رولا الطبش (عضو كتلة المستقبل) فاكتفت بالقول: ليست المرة الاولى التي يعبر فيها الغراب الاسود عن مكنونات نفسه.
ويقول النائب إيهاب حمادة، عضو كتلة الوفاء للمقاومة، ان موافقة حزب الله على تسمية د.دياب جاءت بناء على مواصفات اكاديمية ولتشكيل حكومة تنقذ لبنان، موضحا ان د.دياب لا ينتمي الى حزب الله، وهو يحمل عنوان المستقل غير المستفز، وبالتالي فإن حكومته ليست حكومة مواجهة مع احد، خصوصا افرقاء الداخل.
اما الرئيس المكلف فلم يعلق على السجالات الدائرة حوله، خصوصا مواقف الحريري. وتعقيبا على كلام الرئيس عون، الذي توقع فيه ان تكون الحكومة هدية رأس السنة للبنانيين، قال مصدر متابع لـ «الأنباء»: يبدو ان التشكيلة الحكومية انتهت، وأن الرئيس المكلف عرضها على الرئيس عون، الا ان تحفظات للرئيس نبيه بري المتمسك بحكومة تكنو-سياسية استدعت تأجيل الاعلان عنها ريثما يتم التواصل مع حزب الله لاشراكه في جهود اقناع الرئيس بري الذي له تحفظات على بعض الاسماء المقترحة تحت عنوان الحراك.
عضو كتلة المستقبل د.محمد الحجار وتعقيبا على كلمة الرئيس عون في بكركي، قال: امر مؤسف ان لا يرى الرئيس عون في البلد الا الوزير باسيل، وان يعتبر قواعد الدستور والحياة السياسية اللبنانية تدور من حوله، مستغربا قول الرئيس عون عن انتظاره لسعد الحريري 100 يوم، في حين ان البلد كان ينتظر من الرئيس ان يفك عقدة جبران.