Site icon IMLebanon

هل يمضي العهد بالمواجهة؟

في وقت تسببت التطورات التي سُجّلت على خط التكليف والتأليف، في كسر الجرّة، في شكل شبه نهائي، بين بعبدا وبيت الوسط، أرخى هذا الواقع “النوعي” الجديد، الذي أعلن رسميا “وفاةَ” التسوية الرئاسية، ظلالا ثقيلة من الضباب والسوداوية، على المشهد السياسي اللبناني برمّته… فالطلاق هذا ليس بين فريقين سياسيين عاديين في البلاد، بل حصل بين قطبين وازنين اتفقا منذ 3 سنوات ونيف، -أي التيارين الازرق والبرتقالي- على ان يؤمّن الاول ايصال الرئيس ميشال عون الى بعبدا في مقابل إبقاء مفاتيح السراي في جيب الرئيس سعد الحريري، خلال عهد الرئيس عون.

وبغض النظر عن دستورية وأحقية هذا “الديل”، ترى مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”، أن ما جرى في الايام الماضية هو اخلال بهذا التفاهم، وتجاوزَه. اذ تم وضع الحريري خارج الرئاسة الثالثة ودعم مرشح بديل منه لترؤس الحكومة العتيدة، هو حسّان دياب الذي اصبح اليوم، بأصوات نواب “لبنان القوي” والثنائي الشيعي، رئيسا مكلّفا. ومع ان تخلّي بعبدا وميرنا الشالوحي عن بيت الوسط، أتى على ما يبدو بعد ان ضاق صدرهما به، وقد عزاه الطرفان الى “دلع” الرئيس الحريري و”تردّده”، حيث قال رئيس الجمهورية من بكركي امس “انتظرناه 100 يوم، الا انه لم يكن يعرف ما يريد”، فإن التبرير أو التدقيق في خلفيات هذا الانفصال باتا من الماضي، والمطلوب اليوم النظر في نتائجه، وفي أفضل السبل لحصر تداعياته… الرئيس الحريري ردّ على عزله وفجّر مساء الثلثاء، قنبلة من العيار الثقيل، في وجه رئيس التيار الوطني جبران باسيل. الا ان الاهم في ما قاله كان تصويبه استباقيا على الحكومة التي يعمل دياب على تأليفها، معتبرا انها حكومة باسيل، ومعلنا سلفا انه لن يمنحها الثقة ولن يغطيها ولن يشارك فيها، وانه ايضا لم يدعم رئيسها بدليل انه لم يسمّه في الاستشارات النيابية.

هذا يعني ان الميثاقية، التي قال الرئيس عون امس انها تكون في التأليف لا التكليف، ستكون مفقودة من الناحية “السنية” في مجلس الوزراء العتيد. وقد بدأت في الساعات الماضية، تتوارد معلومات ومعطيات عن رفض شخصيات لافتة في الوسط السني- يعوّل اهل الحكم على ادخالها الى الوزارة لاسترضاء الشارع السني- الانضمام الى الحكومة العتيدة. فهل سيقرر العهد السير قدما في خطته الحكومية، رغم الفيتو السني الذي وضعه الحريري عليها والتوجّه السني العام نحو مقاطعتها، حيث تبيّن ان ليس في البيئة هذه، كثيرون يشبهون دياب بقدرتهم على الوقوف في وجه الوجدان المؤيد للحريري؟ وألن يكون هذا السيناريو مثابة تحدّ للطائفة التي لم تخرج بعد من الشوارع منذ تكليف دياب، فيصبّ الزيت على نار غضبها؟ الوضع دقيق جدا، تقول المصادر التي تدعو مَن يؤلّفون الحكومة اليوم، الى التأني والتريث في خطواتهم مخافة دعسات ناقصة لا تحمد عقباها.

والمشكلة لن تكون محصورة بـ”الميثاقية” اذا لم تُشكّل حكومة تلاقي تطلعات الشعب اللبناني الثائر منذ 17 تشرين. ففيما لا يبدو ان ثمة اتفاقا بين الثنائي الشيعي والفريق الرئاسي على تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، ويتمسك حزب الله وامل بإشراك الاحزاب فيها، تقول المصادر ان توجها كهذا لن يمرّ لدى المنتفضين الذين سيواجهونه في الشارع.

وفي عود على بدء، ترى المصادر ان الخروج من المأزق الحكومي الضروري لوقف الانهيار الاقتصادي، قد يحتاج تواصلا جديدا بين بعبدا وبيت الوسط، يؤسس لتكليف جديد ولمجلس وزراء تكون القوى السياسية كلّها خارجه، ينكب على الانقاذ والاصلاح.