كتب طوني أبي نجم في صحيفة “نداء الوطن”:
بعد اكتمال الانقلاب الدستوري الذي نفّذه “حزب الله” بتسمية رئيس مكلف فرضه على اللبنانيين الثائرين وعلى الشارع السني، بعد أن كان قبل أكثر من 5 اعوام عطّل الانتخابات الرئاسية لسنتين ونصف السنة حتى وصول مرشحه العماد ميشال عون إلى سدّة رئاسة الجمهورية، لم يعد أمام أفرقاء 14 آذار سابقاً وتحديداً “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الاشتراكي” وحتى حزب “الكتائب اللبنانية” غير إعادة حساباتهم جيداً وإجراء جلسات مصالحة ومصارحة فيما بينهم ومع قواعدهم، في محاولة للمّ الشمل قبل فوات الأوان نهائياً.
ليس الوقت لتبادل الاتهامات والمسؤوليات عمّا آلت إليه الأوضاع ومن أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، فكل طرف يتحمّل بشكل نسبي مسؤولية ما وصلنا إليه، بدءاً من السير بمشروع الـ”سين- سين” الفاشل، وانقلاب زعيم المختارة الوزير السابق وليد جنبلاط في 2 آب 2009، وليس انتهاء بمحاولات التسويات بين عون وفرنجية التي خاضها زعيم المستقبل الرئيس سعد الحريري والتنازلات المتتالية وليس انتهاءً بـ”اتفاق معراب” الذي أثمر ربحاً عونياً صافياً!
نكرر، ليس الوقت الآن لجردة الحساب، بل الوقت اليوم قد يكون صالحاً أكثر لمحاولة وصل ما انقطع وإعادة لمّ الشمل، ليس بناءً على قدرة قادة 14 آذار سابقاً على تجاوز خلافاتهم، وليس إيماناً بأهليتهم لخوض المواجهة المطلوبة، وليس رهاناً على قدراتهم، إنما انطلاقاً من قاعدة أنه لم تبقَ أمامهم خيارات تُذكر غير المواجهة الحتمية قبل أن يلاقوا المصير الأسوأ في ظل قرار “حزب الله” ومن خلفه إيران بمحاولة وضع اليد الشاملة على لبنان بما يُشبه تحويله “غزة” ثانية!
سقط قادة “حزب الله” يوم اعتبروا أنه يمكن إنزال معركة السيادة إلى مرتبة دنيا تحت شعار “مصلحة لبنان” والعناوين الاقتصادية والحياتية، ففشلوا في تحقيق أي عنوان من العناوين التي رفعوها، سواء في تلبية حاجات اللبنانيين أو في محاربة الفساد أو في بناء الدولة ومؤسساتها، واتضح أن الفراغ ممكن أن يكون أفضل من مؤسسات مكتملة تدين بالولاء لـ”حزب الله” وحلفائه. ففي ظل مثل هكذا مؤسسات وصل لبنان إلى الانهيار الكبير، وتبيّن بما لا يقبل أي شك أن لا ديمقراطية ولا محاسبة ممكنة ولا قضاء ولا حياة سياسية وبرلمانية ومؤسساتية طبيعية في ظل هيمنة السلاح!
إن تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة بالشكل الذي تم، والإطاحة بكل الشعارات التي خضعت لها جماعة 14 آذار سابقاً تحت عناوين الميثاقية وغيرها، يجب أن يشكل حافزاً لإعادة تصويب البوصلة ورصّ الصفوف لخوض المعركة المطلوبة والتي من دونها لا خلاص للبنان: معركة السيادة والتحرر من سلاح “حزب الله”، والتي من دونها على الجميع انتظار الأسوأ بكل المعايير الوطنية والأمنية والسياسية والمالية والاقتصادية. فإذا لم يخض قادة 14 آذار وأحزابها وشخصياتها موحدين وإلى جانب الثورة المعركة المطلوبة سيلاقون مصيرهم المشؤوم سياسياً مفرّقين، فعسى أن يختاروا ويحسنوا الاختيار على قاعدة أنهم مرغمون وليسوا أبطالاً!