كتبت إيلده الغصين في صحيفة “الأخبار”:
“نكبة” الفيضانات وانهيارات الطرق حلّت مجدّداً على مختلف المناطق مع العاصفة «لولو» التي تضرب لبنان. المناطق الساحليّة، ومنها خلدة وطريق المطار والكرنتينا والضبية ونهر الكلب وجونية، شهدت تجمّعات للأمطار، وحصلت انهيارات في الطرق؛ منها انهيار جزئي على طريق حامات وآخر على طريق طبرجا ــــ كازينو لبنان وسقوط سيارة وإقفال تام لطريق عام حريصا حتى المساء بعد انهيارين لأتربة وصخور.
مقالات مرتبطة
النسخة الأفظع من «النكبة» وقعت في مناطق السان سيمون والرحاب حتى الطريق الجديدة غرب بيروت. المياه دخلت المنازل ملحقةً الأضرار فيها وبالممتلكات، وخصوصاً تلك الواقعة على جانبي دوار السلطان ابراهيم وصولاً إلى البحر، ولامس منسوبها أحياناً ارتفاع السقف. غير أن السقوف في السان سيمون (الجناح) تحديداً لا تشبه أي شيء آخر، لأنها شيّدت خلال الحرب وبعدها عشوائياً وعلى عجل. فلا فارق بالنسبة الى أهالي المنطقة إن اختلف اسم العاصفة أو اشتدّت غزارة الأمطار، لأنهم مجبرون عند كلّ شتوة على تحمّل فيضانات المجاري والأمواج التي تغزو بيوتهم ومقاومتها بالسبل المتاحة ولو بالتجوّل عبر زوارق صغيرة. المشهد نفسه تكرّر هذا الشهر مرّات ثلاثاً، اثنتان مطلعه وثالثة في اليومين الماضيين… على أن لا تكون الأخيرة.
في الأسباب، يُجمع أكثر من طرف على أن غزارة المتساقطات هي السبب الأوّل، إذ اعتدنا أن ينال العامل الطبيعي الملامَة الكبرى. في المرتبة الثانية، تأتي «النفايات بين المنازل والخيم وعلى الأسطح التي لا يمكن لشركة «سيتي بلو» جمعها وكنسها، وهي تتحرّك مع الأمطار وتنزل إلى شبكات الصرف الصحي وتتسبّب بانسدادها» وفق رئيس بلديّة الغبيري معن الخليل. أما السبب الثالث الذي بات لازمةً تتكرّر من دون حلّ نهائي فهو «مياه المجاري الآتية من بيروت وهي السبب الأساسي، إذ تختلط فيها مجاري الصرف الصحي ومياه الأمطار فتزيد عن القدرة الاستيعابيّة لمحطّة السلطان ابراهيم، المعدّة لتجميع مياه الصرف الصحي حصراً وإرسالها إلى محطة الغدير لتكريرها». ما يحصل مختلف عن ذلك بحسب الخليل، ويشرح أن «اثنتين من أصل 4 طلمبات تعملان في محطة السلطان ابراهيم وذلك بعدما أنجزت مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان صيانة الطلمبة الثانية التي تعمل بسرعة ضخّ 1400 متر مكعّب/ الساعة وخففت الضغط»، والحل هو «بفصل مجاري بيروت لتذهب مياه الأمطار مباشرة إلى البحر، ومياه الصرف الصحي فقط إلى المحطة فلا تزيد عن قدرتها الاستيعابيّة». وفي المقابل يصرّح بأن «غالبيّة مجاري الصرف الصحي منفصلة عن مجاري مياه الأمطار في منطقة الغبيري والضاحية».
حل معضلة السان سيمون بفصل مجاري بيروت لتذهب مياه الأمطار إلى البحر والصرف الصحي فقط إلى «الغدير»
أما البيوت الواقعة لجهة البحر «فهي قريبة جداً من الشاطئ ويصبح المنزل في الشتاء في عرض المياه، هذه البيوت لا يمكن القول إنها مخالفة بل مبنيّة عشوائياً وفيها تعدّيات والسبب أنها شيّدت خلال الحرب بفعل التهجير. تلك البيوت مبنيّة من رمل البحر والمياه المالحة ومعرّضة للسقوط… والحلّ في قيام وزارة المهجرين بدفع تعويضات لأصحابها مثل باقي مهجّري الحرب لإيجاد مساكن بديلة أو العودة إلى المناطق التي تهجّروا منها».
المدير العام للطرق والمباني في وزارة الأشغال طانيوس بولس، يردّ على مسؤوليّة الوزارة عن الفيضانات الحاصلة على الطرقات العامة والأوتوسترادات بالقول «في الطرقات التي نحن مسؤولون عنها لم تحصل أي مشاكل، بل إن ورش الوزارة تعمل 24 ساعة»، في السان سيمون مثلاً «المشكلة بين مصالح المياه واتحاد البلديات، والمسألة برمّتها قيد التحقيق لدى لجنة الأشغال النيابيّة»، أما الانهيار الذي أقفل طريق عام حريصا حتى المساء فهو «حصل ضمن ملك خاص ووصل إلى الطريق العام، وهنا تعود المسؤوليّة على البلديّة وأصحاب الملك الخاص، والسؤال يطرح حول كيفيّة موافقة البلديّة على الترخيص للإنشاء في تلك القطعة من الأرض والأمر يحتاج إلى تحقيق».