كتب د. عامر مشموشي في جريدة اللواء:
كانت الحكومة الموعودة، حاضرة بقوة في عيد الميلاد، وكنا نتمنى ان يكون الرئيس المكلف متحرراً من الاصطفافات السياسية، ومن مآسيها على لبنان وشعبه، ويبادر إلى تشكيل حكومة الانقاذ التي يطالب بها هذا الشعب المنتفض على السياسات المتعاقبة التي اوصلت البلد إلى الحالة المزرية التي يتخبّط بها، الا ان الوقائع التي ظهرت على الأرض احبطت كل هذه الآمال، ووضعت البلاد في أتون لا قرار له ولا مناص من الوقوع فيه.
ان الرئيس المكلف الذي جاء نتيجة اصطفاف فريق معين حوله عاهد, منذ ان تمّ تكليفه بعد ان سماه هذا الفريق, على تشكيل الحكومة التي ينشدها الثوار والتي يرى انها تُلبّي احتياجاته وتحرك لبنان من النفق المظلم الذي ينتظره من خلال المواقف التي عبر عنها منذ اللحظة الأولى لتسميته من قبل هذا الفريق لتشكيل الحكومة، لكن الأيام التي تلت هذا التكليف وما صدر من مواقف عن الفريق الذي توافق على تسميته جاءت مخيبة لآمال اللبنانيين الثائرين على السياسات التي اوصلت الوضع إلى الحالة المأزومة التي يتخبّط بها على جميع المستويات، وبدلاً من ان يعلن استقلاليته عن الجهات التي سمته لتشكيل الحكومة والتصرف بما يلي عليه ضميره الوطني في الوصول إلى حكومة إنقاذ حيادية ليست مرتهنة لهذا الفريق، إذا به يتصرف بما تملي عليه مصالح الذين سموه إلى رئاسة ما يسمى بحكومة الانقاذ ويستجيب لمشروعها المرتبط بالحالة الإقليمية والدولية ذات الابعاد التي لا تخدم بأي شكل من الاشكال مصالح لبنان ومصالح اللبنانيين التواقين لأن يروا حكومة إنقاذ حقيقية وليس حكومة تخدم المصالح المتضاربة في الإقليم.
وما صدر من مواقف عن رئيس الجمهورية، وان جاءت في معرض رده على المواقف التي أطلقها رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، ان دلت على شيء فإنما تدل على ان الفريق الذي تحدث الرئيس عون بإسمه هو الذي اتى بالرئيس المكلف وهو صاحب القرار الأوّل والأخير في تشكيل الحكومة واختيار أعضائها من أولئك الذين يدورون في فلكه وينفذون سياسته من دون حتى أي نقاش، وان الرئيس المكلف لا يتعدى كونه مجرّد «ديكور» يغطي حسب وجهة نظرهم الميثاقية التي نص عليها اتفاق الطائف، وروعيت في الحكومات التي تشكّلت منذ العام 1990 وحتى اليوم.
كان الرئيس ميشال عون صريحاً ومباشراً عندما اعترف من الصرح البطريرك الماروني بأن من حق صهره الوزير في الحكومة المستقيلة جبران باسيل ان يُشكّل الحكومة أو على الأقل ان يُشارك في تشكيلها بوصفه يمثل أكبر كتلة نيابية في المجلس النيابي الحالي، وما سبق ذلك من مواقف لرئيس مجلس النواب نبيه برّي والمسؤولين في حزب الله تصب في الاتجاه نفسه، وفي الهدف نفسه ان دلّ على شيء فإنما يدل على ان هذا الفريق الذي سمى الدكتور حسان دياب تحت عنوان الاختصاص لتشكيل الحكومة إنما يريد الاستئثار بالحكم وقمع الثورة الشعبية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها منذ وجوده كدولة إلى جانب دول العالم، وهذا وحده كاف لأن يرفع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري والوزير السابق سليمان فرنجية في وجه الجميع بأن الحكومة المنوي تشكيلها ستكون حكومة الوزير باسيل أي حكومة الفريق الواحد.