كتبت رضا صوايا في “الاخبار”:
قبل المصارف كان «عبّ» الجدة حيث اعتاد الأطفال ايداع «خرجيتهم» مطمئني البال الى قدرتهم على استردادها «مع حبة مسك»، تكون في غالب الأحيان على شاكلة سكاكر أو نقود إضافية. هكذا تعرّفت أجيال على الفائدة، وعلى كيفية عمل الـ ATM، من دون حاجة الى بطاقات ولا عروضات. كان «العبّ» يرمز للأمن، رغم أن حمّالة الصدر لم تكن مصفحة ولم يحرسها رجال «سكيوريتي».
في زمن المصارف بقي في البال أن الأمانات تُحفظ، وساد الاعتقاد بأن البنوك كالجدّات، إذ أن ما تودعه أمانةً لا بد أن تحصل عليه كاملاً سواء أكان من حمالة صدر أو حمالة بنك… إلى أن حلّت الأزمة الأخيرة. فبعدما كان الناس يودعون أموالهم في المصارف مخافة أن تسرق، سطت هذه الأخيرة عليها، ما يدفع اليوم كثيرين الى العودة للبحث عن الأمن الذاتي. لم تعد الفائدة تغري، ولا مخاطر تخبئة المال في المنازل تخيف. إن كان لا بد للسرقة أن تتم، فعلى الأقل سيكون لصاحب المال شرف الدفاع عنه بدل «تسوّله» على أبواب المصارف. إرهاصات الأزمة الأخيرة بدأت منذ شهور طويلة. كثيرون استشرفوها، لكن قليلين ممن لم تغرهم عروضات الفوائد المتضخّمة، «زمطوا» بأموالهم من فم التنين وأودعوها في منازلهم قبل اشتداد الأزمة والتقييد غير القانوني على السحوبات والتحويلات. أكثر الأرقام شيوعاً يشير الى ثلاثة مليارات دولار تمكن أصحابها من سحبها، ووجدوا في الخزنات الحديدية الملجأ الأفضل والأكثر أمناً لحفظها، ما زاد الطلب على هذه الخزنات في الشهور الأخيرة بين 30% و40%، فيما تشير التقديرات الى ان الارتفاع مستمر.
خليل شهاب، صاحب متجر «شهاب سيكيوريتي» المتخصص في بيع الخزنات، يؤكدزيادة الاقبال على شراء الخزنات منذ ظهور أزمة «اختفاء» الدولار من الأسواق قبل أشهر. ويلفت الى أن «الاقبال الأكبر هو على خزنات ضد الحريق لكونها الأرخص (يبدأ سعرها من 250 دولاراً) لاعتقاد الكثيرين أن أي خزنة كفيلة بتأمين الحماية اللازمة مهما كانت كلفتها». إلا أن ما لا يعرفه هؤلاء أن بعض أنواع الخزنات ليس أكثر من «ديكور» ولا يستلزم السارق أكثر من دقائق لخلعها. بحسب شهاب، فإن «الخزنات ضد الحريق مصممة فقط لهذه الغاية، أي للحماية من الحرائق وهنا ينتهي دورها، أما في ما يتعلق بالناحية الأمنية، فقد يكون بإمكان السارق خلعها في أقل من 5 دقائق». ويوضح بأن الخزنات المخصصة لحماية المقنيات الثمينة والأموال هي «التي تكون «ضد الخلع والحريق، ويبدأ سعرها من 750 دولاراً. وهي تقسم إلى درجات، من الأولى إلى السادسة، والأخيرة هي الأمتن والأقوى والأعصى على السرقة».
شهاب يلفت الى أن ما لا يعلمه كثيرون هو أنه «يمكن تأمين الخزنات تماماً كالسيارات والمنزل. إلا أن شركات التأمين لا تؤمن إلا على المخصصة ضد الخلع والحريق من الدرجة 2 وصعوداً، ويبدأ سعرها من 1000 إلى 1500 دولار». ويختلف تعويض التأمين عادةً بحسب الدرجات، إلا أنه لا يغطي كامل المبلغ» (أنظر الجدول). كما أن «شركات التأمين لا تغطي التأمين إلا في حال خلع الخزنة وفي حال كان ما تحويه موثقاً»، وبالتالي «في حالة فتح صاحب الخزنة لها تحت ترهيب السلاح فإن التأمين لن يغطيه». أما الحل «فيكمن في الخزنات التي يمكن وضع توقيت معيّن لها مسبقاً لا تفتح إلا بانقضائه».
يلفت شهاب الى أن «درجات الأمان تحددها هيئات رقابية عالمية أبرزها هيئة الاعتماد الأوروبية، وهي هيئة اعتماد محايدة ومعتمدة تختص بالمنتجات الأمنية المادية مثل الخزائن، وتصدر شهادة ECB.S المعترف بها دولياً». ويشير الى أن في لبنان أربعة من مصنعي الخزنات «لم يحصل أي منهم على شهادة من هيئات رقابية عالميّة، علماً أن شركات التأمين لا تؤمن أي خزنة لا تحمل شهادة من هذا النوع، بغض النظر عن جودة التصنيع».