Site icon IMLebanon

دم الشهيد شطح نبت ثماراً في كل لبنان

كتب رشيد درباس في “الجمهورية”:

 

في مثل هذا اليوم نستذكر محمد شطح الإنسان الطرابلسي العصامي، الذي حصّل من العلوم ما أهّله لتبوؤ مراكز مهمّة ومنها، نائب حاكم مصرف لبنان وسفير لبنان في واشنطن ووزير للمال ثم مستشار لرئيس الحكومة.

بعد تخلّي محمد شطح عن مسؤوليته كلها بإرادته، لم يكفّ عن ممارسة مسؤولية التفكير وإبداء الآراء السياسية الصائبة وإجراء التحليل الملموس، وفقاً للقواعد العلمية وصولاً الى نتائج ملموسة يمكن ان تسهم في حلّ معضلات البلد. رغم هذا، فإنّ سيارة مفخّخة كمنت له في مفترق يعجّ بالناس وانفجرت به وأردته مع مرافقه كما أردت شهداء آخرين ودمّرت ما دمّرت… رغم انّ اغتياله لم يكن يحتاج الى اكثر من رصاصة من قاتل مجهول أو حادث سيارة مدبّر. ولكن الذي اراد قتله لم يكن يستهدفه شخصياً وبصورة منفردة، بل كان يحاول ان يرسل رسالة واضحة الى جميع المفكّرين يقول فيها «أنا الارهاب والارهاب عدو التفكير، اذاً انتم اعدائي ولكم في محمد شطح أسوة فلتتعظوا حتى لا تتمادوا في افكارهم وفي استعمال عقولكم».

رغم هذا خسرنا محمد شطح، ولكن العقول لم تكفّ عن التفكير، وكذلك لم تكفّ النفوس عن الثورة. ومن هذا المنطلق أجد في الحراك الذي صدر عن الشعب اللبناني، بتلك الطريقة العارمة، احدى وسائل التعبير عن تحيّة لذكرى محمد شطح، وعن العرفان بجميله، وبفكره، لأنّ الفكر الذي حاولوا اغتياله غرس نفسه عميقاً في النفوس وعبّر عن نفسه وإن بعد حين وفي اماكن اخرى.

إنّ دم الشهيد محمد شطح الذي أُريق في وسط بيروت نبت اشجاراً وارفة وثماراً يانعة في كل لبنان…

خسارة كبيرة أن يخرج من الحياة ذلك الإنسان اللطيف الوديع. ولكننا إذا حاولنا ان نقيّم حسابات دقيقة، فنستنتج انّ محمد شطح، الذي ذهب ضحية فكره وعقله، قد أثمر بعد ذلك نتائج مبهرة جداً…

وحسبُنا في هذا ما نقدّمه له في ذكراه… وردة على قبره… وتحيّة وطنية عطرة لعائلته الكريمة.